لا يجب المبالغة في مستوى الصراع الحاصل بين روسيا وإيران، فكل دولة ما تزال بحاجة للأخرى طالما تتواجد في الساحة السورية قوى إقليمية ودولية فاعلة، والأهم من كل ذلك أن النظام السوري لا يمكن الاستغناء عن إيران فهي الأقرب له من روسيا بالمعنى الاستراتيجي.
مع إعلان ترمب مؤخرا نيته تشكيل "منطقة آمنة" في شرق الفرات، عاد الحديث مرة أخرى عن ماهية هذه المنطقة، وعن إمكانية إنشائها بعدما فشلت كل المحاولات السابقة؟ وهل ترمب جاد فعلا في إقامة هذه المنطقة، أم لمجرد تمرير الوقت؟
في جميع السيناريوهات المطروحة، سواء وصل النظام السوري إلى الحدود مع تركيا أو قامت تركيا بشن عملية عسكرية، فإن الأكراد أمام مرحلة جديدة: خسارة في الأرض وخسارة في السياسة، وخسارة في الأيديولوجيا.
ما هي خلفيات وتداعيات قرار الولايات المتحدة الأمريكية بسحب قواتها العسكرية من سوريا؟ الكاتب والباحث السوري حسين عبد العزيز يجيب عن هذا السؤال في المقال التالي:
لا شك أن روسيا حققت نجاحا كبيرا في تغيير قواعد الإشتباك ومنع إسرائيل من توجيه ضربات عسكرية داخل سورية منذ إسقاط طائرة "إيل 20" في 18 أيلول / سبتمبر الماضي.
في آذار/ مارس الماضي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الجيش يتجهز للسيطرة على أربع مناطق شمال سوريا (عين العرب/ كوباني، تل أبيض، رأس العين، الحسكة)..
يقلّل الكاتب والباحث في الشؤون السياسة السورية حسن عبد العزيز من الرهان على تشكيل اللجنة الدستورية في سورية، بالنظر إلى عدم جدية النظام تجاه أي انتقال ديمقراطي حقيقي، وبسبب حسابات الأطراف الدولية ذات الصلة بالملف السوري.
إن الكرملين لن يخاطر بعملية عسكرية في إدلب من شأنها أن تقرب تركيا من الولايات المتحدة على الأقل في الأمد القريب وقبل استكمال تركيا عمليتها في تفكيك "هيئة تحرير الشام"..
إذا كان مسار "أستانا" قد حظي بدعم أمريكي وأوروبي وأممي لوضع حد للفوضى العسكرية التي عمت الجغرافيا السورية، فإن التحرك الدبلوماسي الروسي المكثف على المستويين الإقليمي والدولي حيال اللاجئين لا يبدو أنه يحظى بدعم هذه الأطراف..
الهدف الأمريكي هو القضاء على مكانة سورية الإقليمية التي شكلت معبرا جيواستراتيجيا في المنطقة، وبعدما تحقق هذا الهدف لا بد من استمرار سوريا ضعيفة، وهذا لا يكون بقيام نظام ديمقراطي يعيد إنتاج الدولة والمجتمع، وإنما باستمرار السلطة الشمولية..
مع انتهاء العمليات العسكرية الكبرى تقريبا في سورية وعودة مناطق خفض التصعيد إلى هيمنة النظام السوري، تسعى روسيا إلى استكمال خطتها في إعادة تأهيل النظام على المستوى الإقليمي والدولي بعدما نجحت في تأهيله محليا على الصعيد العسكري.
منذ انطلاق مسار استانا مطلع العام الماضي، نجحت روسيا في إدارة التناقضات المحلية والإقليمية للأزمة السورية، فكانت وما زالت بمثابة المايسترو القادر على ضبط إيقاع ألحان القوى المحلية والإقليمية.
بدأت الثورة الإنكليزية عام 1688 بعزل الملك جيمس الثاني وتنصيب ابنته ماري وزوجها وليام أورانج ملك هولندا، وانتهت في العام التالي بإعلان الحقوق الذي بموجبه لم يعد الملك قادرا على تعليق القوانين وفرض الضرائب وتشريع القوانين بمفرده.