أعادت مطالبة قياديين انضما حديثا لحزب "نداء
تونس" بفك الارتباط مع حركة
النهضة في المواعيد الانتخابية القادمة، إلى الأذهان خطاب الاستقطاب الذي طغى على علاقة الحزبين خلال فترة حكم الترويكا.
وكان الداعية فريد الباجي، الذي انضم حديثا إلى "النداء"، كشف عن فحوى لقاء جمعه بالرئيس
الباجي قايد السبسي، قائلا إن الأخير تعهد له "بإزاحة حركة النهضة مثلما يتم نزع الخاتم من الإصبع بالصابون".
وأضاف: "يستطيع
نداء تونس في الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية أن يحكم وحده".
ودعا القيادي المنضم بدوره حديثا إلى "النداء" الإعلامي برهان بسيس، الندائيين إلى "الاستعداد لمرحلة ما بعد انتخابات 2014 بهدف فك الارتباط مع النهضة".
وطالب في اجتماع عقد قبل أيام بمحافظة أريانة، بـ"رص الصفوف الداخلية، وحصد ثقة مليوني ناخب، حتى يتمكن الحزب من الحكم بمفرده"، معتبرا أن المرحلة المقبلة "ستفرز إما حكم الإسلام السياسي، أو حكم نداء تونس".
طرف استراتيجي
ووصف القيادي النهضوي، النائب العجمي الوريمي، علاقة "النهضة" و"النداء" بأنها علاقة شراكة في الحكم، لافتا إلى أنه لم يتم إعطاء مضمون سياسي محدد لهذه العلاقة.
وأضاف الوريمي لـ"
عربي21" أن التحالف الاستراتيجي بين الحزبين "يحتاج وقتا طويلا، رغم أننا قطعنا خطوات كبيرة باتجاه التقارب والعمل المشترك في الحكومة والبرلمان، وعلى المستويين المركزي والجهوي".
وقال: "لا مشكل لدى النهضة أن يسيطر شركاؤها على بعض الدوائر البلدية في انتخابات الحكم المحلي، فهي تريد إنجاح هذا الاستحقاق، ونحن سنعمل على التشاور مع أصدقائنا لضمان تحقيق هذا الهدف.. أعني هيئة متعاونة وغير متنافرة، وقادرة على إدارة الشأن المحلي".
وحول ما نقله الداعية فريد الباجي عن الرئيس قايد السبسي، من قوله له إنه "سيزيح حركة النهضة مثلما يتم نزع الخاتم من الإصبع بالصابون"؛ تساءل الوريمي: "هل من العقل أو المنطق أن يبقى الرئيس السبسي كاتما سرا في صدره ولا يبوح به للمقربين منه ولمؤسسي النداء وقياداته، ثم يفضى به لفريد الباجي؟".
وتابع: "لا أعتقد أن يصدر عن الرئيس السبسي حديث عن طرف استراتيجي في الحكم بالكيفية التي زعمها فريد الباجي.. هناك مواقف رسمية في الداخل والخارج على غرار القمم العربية والأفريقية والعالمية، إضافة إلى الخطابات واللقاءات والمبادرات ووثيقة قرطاج، لذلك فإن كلامه أشبه ما يكون إلى حديث المقاهي".
واعتبر الوريمي أن خطاب فريد الباجي "جاء في سياق تعبوي أمام عدد ضئيل من الأنفار، ولم يكن في سياق موضوعي تحليلي، فهو لم يكن يخاطب العقل، بل كان يبحث من خلاله عن رفع الحماسة".
شوّه الجبة والعمامة
من جهته؛ استغرب القيادي النهضوي عبداللطيف المكي ما رواه فريد الباجي، معتبرا أن الأخير "شوه الجبة والعمامة، وقال كذبا، أو خان أمانة المجالس" بحسب منشور له في موقع "فيسبوك".
وأضاف المكي أن ما جاء على لسان الداعية "قول يقوله صاحبه وهو مزهو جدا بما يكشف عن قبح مخزونه النفسي الإقصائي، والكره الذي يدشن به حياته السياسية الرسمية، ويكذب كل ما كان يدعيه سابقا في وسائل الإعلام من أنه محايد ولا يشتغل بالسياسة".
ووصف حديث الباجي بأنه "غير أخلاقي، فما هكذا يعامل الشركاء، وما هكذا تبنى الثقة، وما هكذا نجمع الوطن والمجتمع وقت الشدة التي نمر بها، وهذا عكس نوايا قيادة حركة النهضة التي دخلت هذا التحالف بنية صادقة لإنجاحه، وقدمت له ما تستطيع من جهود وفرص وتنازلات تسببت في جدل حاد داخلها، ما جعل النهضة لا تحكم في شيء".
وتابع: "إن كان الحديث صحيحا فهي الطامة الكبرى، ويقتضي ذلك من الباجي المنقول عنه الحديث (يقصد قايد السبسي) التوضيح للمجموعة الوطنية؛ لأن أذى مضمون الحديث طال الشعب بأكمله، ويجعله لا يثق بشيء.. كما أنه يقتضي معاقبة الباجي الثاني (الداعية) بطرده من الحزب؛ لأن المجالس بأماناتها".
وختم بالقول إن "البلاد في حاجة للصادقين والمخلصين والشرفاء، الذين يتحالفون بوفاء، ويختلفون بشرف، ولينجلي أمثال هؤلاء عن حياتنا السياسية".
تصريحات مغلوطة
من جانبه؛ وصف حزب "نداء تونس" ما راج من حديث منسوب لفريد الباجي، وما تم إدراجه من عناوين صحفية بـ"التصريحات المغلوطة".
وقال "النداء" في بيان وقعه مديره التنفيذي حافظ قايد السبسي، وتلقى "
عربي21" نسخة منه، إن الموقف الرسمي للحركة من كبرى القضايا السياسية في البلاد "لا تعبر عنها إلا بياناتها الرسمية، وما يصدر عن قياداتها من مواقف في إطار التكليف الرسمي".
واعتبر البيان أن ما ورد على لسان فريد الباجي خلال اجتماع حزبي في مدينة القيروان "تم التلاعب بمضامينه بحثا عن إثارة إعلامية عابرة، حيث نقل ما تم الحديث عنه بينه وبين الرئيس المؤسس للحزب سنة 2012 من مواقف تتعلق بأن الصراع مع الخصوم السياسيين لا يمكن أن يكون إلا عبر صناديق الاقتراع، وليس العنف والفوضى".
وأضاف أن "الرؤية السليمة تجاه كل الحركات السياسية، ومنها حركة النهضة؛ هو العمل على إدماجها في النسق التونسي، وليس استعداءها بالمنطق الأمني الاستئصالي".
وأكدت حركة نداء تونس أنها "لا تملك خطابا مزدوجا" وأنها "تتحمل بشكل كامل مسؤولية مواقفها الرسمية" وأنها "ستمضي قدما على طريق الخط السياسي الذي انتهجته خدمة للمصالح العليا لتونس في الاستقرار، متمسكة بمنهج التعايش والتوافق طريقا لتجنيب بلادنا سيناريوهات التوترات والانقسامات والفتنة".