تستمر "
إسرائيل" في سياستها الرامية للتضييق على عمل المؤسسات الدولية في قطاع
غزة؛ عبر
اعتقال العالمين فيها وتشويه صورتها؛ بما يحقق لها وفق مختصين؛ ضبط سلوك تلك المؤسسات في إطار أهدافها والسعي للهيمنة على أي مساعدات لقطاع غزة المحاصر منذ نحو 11 عاما.
علاقات عميقة
واعتقلت السلطات الإسرائيلية في شباط/فبراير الماضي؛ المنسق العام لمؤسسة "تيكا" التركية في قطاع غزة محمد مرتجى (40 عاما)؛ خلال مروره للسفر إلى تركيا عبر معبر "بيت حانون (إيرز)" الذي يسيطر عليها جيش الاحتلال.
وزعم جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك"، الثلاثاء الماضي؛ أنه اعتقل مرتجى "بشبهة عمله لصالح حركة حماس"؛ بحسب ما ذكره موقع "تايمز أوف إسرائيل"، الذي أشار إلى أن اعتقال مرتجى "كشف عن علاقات عميقة بين حماس والمنظمات في تركيا، وهو ما يثير القلق خاصة في ضوء تجديد العلاقات بين إسرائيل وتركبا بعد سنوات من التوتر".
وبحسب لائحة الاتهام الإسرائيلية، "هناك شبهات عميقة تتعلق بتحويل أموال لحماس فحسب، وتزويد جناحها العسكرية (كتائب القسام) بمعلومات استخباراتية عسكرية حساسة متعلقة بإسرائيل"، وفق الموقع الذي نوهه إلى أن مرتجى هو "عضو لسنوات في لواء الشاطئ (مخيم فلسطيني يقع غربي مدينة غزة) التابع لكتائب القسام".
ولفت الموقع في تقريره الذي نشره أمس؛ إلى أن "المشكلة الأكبر من وجهة نظر إسرائيلية موجودة في النسخة الأصغر من لائحة الاتهام وهي؛ مهمة مرتجى في الحصول على صور أقمار صناعية في تركيا لمواقع عسكرية حساسة في إسرائيل"، موضحا أن "هذه الصور كانت معدة لتستخدم من قبل حماس لتحسين دقة استهداف صواريخا (محلية الصنع) في الحرب المقبلة".
بدورها أكدت "حماس" على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم؛ أن "استمرار إسرائيل باستهداف المنظمات الدولية بغزة؛ وتلفيق الأكاذيب للعاملين فيها؛ يأتي في إطار حملة الحكومة الإسرائيلية لإحكام الحصار والتضييق على الموطنين الفلسطينيين في غزة".
ليست حقيقية
وأكد برهوم في تصريح له وصل "
عربي21"، نسخة منه؛ أن الاحتلال يهدف إلى "تخويف تلك المؤسسات من تقديم أي مساعدات أو خدمات لأهل غزة الذين يعانون من الفقر وتأخر إعمار ما دمره الاحتلال".
وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور مأمون أبو عامر، أن الاعتقالات المستمرة للعاملين في المنظمات الدولية واتهامهم بـ"تقديم تسهيلات لحركة حماس وكتائب القسام؛ هي سياسة ممنهجة تهدف إلى تخويف المؤسسات الخيرية تحت سيف الاتهام بدعم الإرهاب".
وأكد لـ"
عربي21"، أن "إسرائيل تسعى لضبط سلوك تلك المؤسسات في إطار رؤيتها وهدفها الاحتلالي؛ وهو يجعلها دائما تحت السطوة الإسرائيلية؛ مؤكدا أن "إسرائيل تريد أن تحتفظ لنفسها بالهيمنة على قرارات المنع والسماح لدخول أي مساعدات للقطاع".
ولفت أبو عامر؛ إلى سعي الاحتلال "المتواصل والحثيث للتحكم في كل منفذ مالي أو متنفس اقتصادي إلى قطاع غزة؛ وذلك من أجل إبقاء الحصار المفروض على القطاع وفق ما يحقق مصالحها".
وأضاف: "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تبالغ في كيل الاتهامات لهذه المنظمات الدولية وتحاول إلصاق تهم وهمية بالعاملين فيها؛ وليس أدل على ذلك مما قامت به تجاه مؤسسة " world vision" والمنظمة الدولية "undp"؛ حيث أكدت تلك
المؤسسات أن التقارير الإسرائيلية؛ كاذبة وسخيفة وليست حقيقية".
ويذكر أن "إسرائيل" اتهمت المؤسسات سالفة الذكر أنها حولت ملايين الدولارات لحركة "حماس"؛ بناء على التقارير الإسرائيلية.
تشويه الصورة
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي: "السياسة تجاه المؤسسات الدولية العاملة في غزة؛ تشكل خطرا على الوضع الإنساني الذي يزداد صعوبة في قطاع غزة يوما بعد يوم بسبب الحصار الإسرائيلي"، لافتا إلى أن "إسرائيل تتلاعب بالحاجات الإنسانية الضرورية لتحقيق أغراض سياسية".
من جانبه؛ رأى الخبير والكاتب السياسي، فايز أبو شمالة، أن "الربط بين عمل تلك المنظمات الأهلية الدولية والمقاومة الفلسطينية؛ الذي تقوم به إسرائيل؛ يأتي بهدف تعميق الضائقة الاقتصادية على غزة وتشويه صورة تلك المنظمات الدولية العاملة لدى الفلسطينيين".
وأضاف لـ"
عربي21": "اتهام المنظمات الإنسانية؛ هو خطوة استباقية من قبل إسرائيل في حالة توجيه أي تهمة لها من قبل المحاكم أو المؤسسات الدولية"، منوها إلى أن "معظم المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في غزة؛ تظهر تعاطفا مع القضية الفلسطينية والقطاع المحاصر".
وما زال الاحتلال يعتقل مدير مكتب مؤسسة "الرؤية العالمية" في قطاع غزة، محمد الحلبي، والذي اعتقلته في 15 حزيران/ يونيو 2015؛ حيث يتهمه بنقل "عشرات ملايين الدولارات إلى حركة حماس"؛ وهو ما نفته "الرؤية العالمية" والحلبي.
وأفرج الاحتلال في كانون الثاني/يناير الماضي؛ عن وحيد البرش الذي عمل لدى مؤسسة " UNDP" التابعة للأمم المتحدة بعد اعتقال دام 6 أشهر؛ حيث وجهت له تهمة "العمل لصالح حركة حماس، في إطار عمله بمؤسسة (UNDP)".