يستعد النظام المالي والمصرفي
المغربي لخوض تجربتين جديدتين خلال الشهور المقبلة، بما يشمل تحرير نظام الصرف عبر تعويم تدريجي للعملة المحلية "الدرهم"، قبل إطلاق العمل في المصارف التشاركية الإسلامية، في أول تجربة من نوعها في المغرب.
ويكثف
المصرف المركزي، بالتعاون مع وزارة المال والاقتصاد، وهما المشرفان على الخطة، حملاته للتعريف بالإجراءات التي اعتُمدت لتحرير الخدمات المالية والمصرفية والنقدية وتنويعها، في اتجاه دمج أكبر للاقتصاد المغربي في الاقتصاد العالمي وجلب مزيد من الاستثمارات والتمويلات الخارجية، وتحسين تنافسية الصادرات والسياحة والتحويلات.
وأعلن "المركزي" أن الاحتياط النقدي من العملات والذهب والقطع الأجنبي، يزيد على 105 في المائة عن المعدل الذي حدده صندوق النقد الدولي لتعويم العملة المحلية في دول في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. ويحرص المصرف على التأكيد أن الموارد النقدية الخارجية المتاحة تغطي أكثر من 7 شهور من الواردات، بينما تطالب المؤسسات المالية الدولية باحتياط يكفي 3 أشهر.
ويتمتع المغرب باحتياط معلن من العملات يقدر بنحو 29 مليار دولار، مرشح ليزيد بمقدار 50 مليار درهم تساوي 5 مليارات دولار نهاية السنة، باستمرار النمو في الصادرات الصناعية وعائدات السياحة والتحويلات والاستثمارات الخارجية، مع توقع تراجع الواردات الزراعية بفضل الأمطار وتحسّن المحاصيل.
واعتبر خبراء وفقا لصحيفة "الحياة"، أن الوضع المالي والماكرو اقتصادي في المغرب، أفضل كثيرا من دول أخرى خاضت تجربة تعويم العملة، منها مصر وتركيا، بفضل تحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية، وانخفاض عجز ميزان المدفوعات إلى 2 في المائة وعجز الموازنة 3.5 في المائة، والتحكم في المديونية الخارجية التي تبلغ ثلث الناتج المحلي الإجمالي، والكتلة النقدية، والموجودات المصرفية التي تزيد على 112 مليار دولار مقومة بالعملة المحلية.
وأعلنت مصادر بالبنك المركزي أن خلال فترة الأزمة العالمية 2008-2012، أنفق المغرب 30 مليار درهم من الاحتياط لمواجهة ارتفاع الأسعار والحفاظ على قيمة العملة، وأن الاقتصاد المغربي قادر حاليا على تحمّل سعر برميل النفط عند 140 دولارا في الحالات الاستثنائية.
ويغطي الخط الائتماني الوقائي من صندوق النقد الدولي نحو 3.5 مليار دولار عند الحاجة، في ثالث غطاء مالي منذ العام 2012، وبقيمة تراكمية بلغت 11.7 مليار دولار لم تستعملها الرباط. ولكن المخاوف تكمن في أخطار تهريب العملة وإخراجها في شكل غير قانوني، وبوتيرة سريعة وكثيفة.
واعتبر المصرف أن 2 في المائة فقط من الاستثمارات الأجنبية تصنف ضمن السيولة المالية والنقدية، بينما تندرج الاستثمارات الأخرى ضمن الاقتصاد الحقيقي الذي لا يمكن تصديره من دون تراخيص من مكتب الصرف المشرف على القطع الأجنبي. وينصح خبراء بتحسين جودة الصادرات المغربية وجعلها أكثر تنافسية للاستفادة من تعويم العملة.
إلى ذلك، بدأ العد التنازلي لإطلاق العمل في خدمات المصارف التشاركية الإسلامية، التي تستهدف فئة عريضة من المتعاملين بالتمويلات غير الربوية لأسباب مختلفة داخل المغرب وخارجه. ولكن جهات معنية اعتبرت أن دخول تلك الخدمات مرحلة التنفيذ، يتطلب إطلاق صكوكا إسلامية من الخزينة العامة، وهذه تحتاج إلى موافقة وزارة المال وإدراجها ضمن الموازنة العالقة في البرلمان بانتظار حكومة جديدة.
وكان المصرف المركزي منح خمسة تراخيص لمصارف مغربية لتقديم خدمات إسلامية تشاركية مع مصارف خليجية، وهي القرض العقاري والسياحي مع مصرف قطر الإسلامي الدولي، والمصرف المغربي للتجارة الخارجية، ومجموعة دلة البركة السعودية - البحرينية، والبنك الشعبي المركزي مع مؤسسة التمويل العقاري السعودية "كايندس"، ومجموعة القرض الزراعي في تحالف مع شركة التنمية التابعة للبنك الإسلامي في جدة، بينما ترك لـ "وفا بنك" حرية اختيار الشريك المالي الخارجي، وسمح لثلاثة مصارف فرنسية بطرح خدمات مالية إسلامية من دون شراكة مع مصارف خليجية.
ويتوقع أن تعطي المصارف التشاركية دفعا قويا للاقتصاد المغربي في مجال تمويل مشاريع القطاع الخاص، وجلب الاستثمارات والتدفقات المالية من دول الخليج، وتأسيس شراكات مغربية خليجية باتجاه إفريقيا جنوب الصحراء، حيث تسيطر المصارف المغربية على ثلث النشاط المالي في غرب إفريقيا ووسطها وشرقها.