قائد بأحرار الشام لـ عربي21: مفاوضات حلب تمت مع الروس فقط

تطورات كثيرة ومتلاحقة شهدتها أحياء مدينة حلب الشرقية في الآونة الأخيرة، انتهت بإجلاء عشرات الآلاف من المدنيين، بينهم نساء وأطفال وجرحى، منها لتتحول تلك الأحياء التي كانت خاضعة للحصار لمدينة أشباح، مع اكتمال فصول "التهجير القسري".

وأبرزت تلك التطورات شخصية القيادي في حركة أحرار الشام، علاء أيوب، والملقب بـ"الفاروق أبي بكر"، كممثل لفصائل المعارضة داخل حلب المحاصرة، ليستلم زمام المفاوضات التي جرت مع روسيا، وإتمام إجلاء المحاصرين.

"عربي21" التقت بـ"الفاروق أبي بكر"، مسؤول ملف التفاوض عن مدينة حلب، والذي عرّف عن نفسه بالقول: "الفاروق ابن مدينة حلب، وكنت أعمل بمهنة الزخرفة المعمارية، درست الإعدادية والتحقت بالثورة من أول يوم خرج الناس ضد النظام القمعي، وتم تكليفي بالتوافق من مجلس قيادة حلب الجامعة للثوار المحاصرين؛ بالتفاوض لإنقاذ أرواح أهلنا المدنيين في الأحياء الشرقية المحاصرة، والحفاظ عليهم وهذا السبب الرئيس لحملنا السلاح".

وكانت قد تم تعيين الفاروق أبي بكر في 2014؛ مسؤولا عن مكتب العلاقات المختص بشؤون الأسرى والمبادلات مع النظام السوري، في مدينة حلب، وأنشأ مكتبا خاصا يتابع أمور الأسرى.

وفي هذا الإطار، قال لـ"عربي21"، في مقابلة خاصة، إن "الأسرى (من قوات الأسد) ورقة تفاوضية مع عصابات الأسد يتمكن من خلالها الثوار من إنهاء معاناة الكثير من المظلومين في سجون الأسد، وقد لاحظتم كثرة تلك العمليات التي يخرج نتيجتها نساء معتقلات أو طلاب جامعة، أو غيرهم ممن سجنهم النظام بعد مظاهرة أو أي مظهر احتجاجي على الاستبداد، ويتم ذلك بتسليمه بعض مقاتليه الذين وقعوا في الأسر أثناء المعارك".

وفيما يتعلق بتفاصيل عملية الإجلاء التي تمت بناء على اتفاق روسي تركي، والضمانات التي ساهمت في إنجاحها، يوضح الفاروق أبو بكر بالقول: "مسألة التهجير القسري بالأصل جريمة، لكن الناس يفضلون الرحيل عن ديارهم عوضا عن سقوط منازلهم فوق رؤوسهم، لذلك سعى الإخوة الأتراك لمساعدتنا في إنقاذ الأهالي، وتم الاتفاق مع الروس، لكن سرعان ما عطل الإيرانيون ذلك لحشر ملف الفوعة وكفريا"، مشيرا إلى أن ذلك الأمر كان قد "أظهر خلافا عميقا بين الاحتلالين الروسي والإيراني".

وعن آلية تنفيذ المفاوضات ما بينهم وبين الجانب الروسي والإيراني، ودور النظام فيها، قال لـ"عربي21": "المفاوضات كانت تتم بيننا وبين الاحتلال الروسي بوساطة الإخوة الأتراك، ولاحقا انضم الاحتلال الإيراني للمفاوضات، بعد تعطيلهم اتفاق الروس الأول، أما النظام فكان دوره جلب الباصات والتركسات لفتح الطرقات المغلقة، وتنظيف الشوارع فقط".

وفي رد منه على التساؤلات المتعلقة بصحة الأنباء التي تتحدث عن خروج دفعة كبيرة من الفصائل العسكرية والقيادات في بداية الاتفاق قبل خروج المدنيين، ولماذا لم يتم التصريح عن ذلك، أجاب قائلا: "كواليس الاتفاق كانت واضحة المعالم، وبنود الاتفاق مع الجانب الروسي كانت متاحة للإعلام فور توقيعه، ولم يكن هناك شيء تحت الطاولة"، مؤكدا في الوقت ذاته، أن "الثوار خرجوا بسلاحهم الفردي والمتوسط، ولا وجود لبند بشأن خروج السلاح الثقيل".

وحول أسباب عدم إضافة البند المتعلق بالسماح للصليب الأحمر والهلال الاحمر بإدخال الطعام والشراب للمحاصرين، أثناء توقيع الاتفاق، نظرا للظروف الإنسانية السيئة التي كان يمرّ بها المحاصرون، وخاصة الجرحى والأطفال، قال الفاروق أبو بكر: "عصابات الأسد المجرمة التي تسلب أهلنا حق الحياة وتدمر ديارنا؛ لا تستغرب منها منع المساعدات، فالتجويع هي إحدى وسائل القتل التي يمارسها الأسد".

ونفى القيادي العسكري في حركة أحرار الشام؛ أن يكون هناك أي ضغوط مورست على الفصائل المسلحة داخل الأحياء المحاصرة، من الجانب التركي، كي يقدموا بعض التنازلات، وتحديدا تجاه المطالب الإيرانية، مؤكدا أن "الإخوة الأتراك حريصون على سلامة أهلنا في حلب".

وحول تقييمه لعلاقة طهران وموسكو، من خلال تجربته في تلك المفاوضات، وقراءته للتقارب الروسي التركي، أوضح أن "الروس والإيرانيين لديهم خلافات بالشأن السوري، وقد ظهرت في أكثر من ملف (حلب، الريف الحنوبي، ريف حماة، حمص، داريا). أما فيما يخص الجانب التركي، فإن تركيا دولة مستقلة وحليفة للثورة السورية، ولسنا في صدد تقييم علاقاتها فهذا شأن خاص بهم".

من جانب آخر، ومع تسارع الأحداث في حلب وخروج الثوار مع عائلاتهم، تسعى موسكو لعقد مؤتمر في العاصمة الكازاخستانية (الأستانة) بهدف بدء مفاوضات سياسية بين النظام السوري وأطراف تراها موسكو معارضة مقبولة لديها، في وقت يرى فيه مراقبون أن الروس يستغلون غياب المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية وعجز الأمم المتحدة، حيث إن روسيا، وبعد أن وضعت يدها على الأرض تريد الآن وضع يدها على العملية السياسية، كما يقول المراقبون.

وتعليقا على هذا الاجتماع، أكد مسؤول ملف التفاوض عن مدينة حلب؛ أنه لم توجه لهم، في حركة أحرار الشام، أي دعوة لحضور اجتماع الأستانة.

وأخيرا أكد الفاروق أبو بكر أن مدينة حلب "ستعود حلب لحضن الثورة"، وأضاف قائلا: "عندما خرجنا من حلب لم نقطع وعدا لأحد أننا لن نعود، بل نحن نؤمن أننا سنعود أو سنموت ونحن نحاول، فحلب هي روح الثورة التي حررها شيخ مجاهديها، وصانع نصرها الأول عبد القادر الصالح، ونحن على دربه لاستعادة روح الثورة".