كتاب عربي 21

السيسي 9 غيغا والأسد عشرة!

1300x600
لنعترف أن عبد الفتاح اللمبي صدق في رؤيا ساعة أوميغا التي بوأته موقعه على عرش مصر، وخرّت له النخبة المصرية السينمائية والسياسية سجدا، فعادت فرعونية موميائية، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، والرؤيا يصدق فيها قوله تعالى: "إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ"، وصدق في استشهاده بحديث: "لأرزقنَّ من لا حِيلة له، حتى يتحيَّرَ أصحابُ الحِيَل". وهو حديث موضوع  كما تقول المراجع الإسلامية الحصفية. لفظَ اللمبي فعل "يتعجب" بدلا من "يتحيّر"  في الحديث ومضموما الباء، بعد حتى الناصبة!      
نحن أصحاب الحيل متحيرون من هذه الرزقة التي رُزقها بعرق جبين الإمارات الأسود ورزّها، ومن لف لفها من حكومات غربية وصهيونية.. نحن فعلا متحيرون،  ونضرب أخماسا بأسداس، ومتعجبون من التدبيرة التي دبرها له العسكر ومن خلفه الدول والأحزاب التي جمعوا لنا. فاللمبي من أصحاب الحيل القوية، فقد احتال على الرئيس مرسي وعلى الشعب المصري،  وأقسم لمرسي وللشعب المصري على المصحف بالولاء " أُقسم تاني" أنه ليس له طمع في أي حاجة، والقانون لا يحمي المغفلين، فكيف بدولة لها قضاء شامخ أكثر من الزرافة!

اللمبي لا يهدر أي مناسبة دينية أو وطنية إلا ويبشر بتجديد الدين، أو يمضي في هجاء أصحاب الدين الفاسد، وهو هنا الإسلام، ويبدو أنه لا ملاحظات له على الأديان الأخرى، فهي تامة، كاملة الأوصاف، خالية من الإرهاب، وكان قد قال كلمة مأثورة رياضية فيها حساب وأعداد ولوغاريتمات وهي: "مش معقول مليار وحاجة يقتلوا  ستة مليار، وهو هنا ضلّل كل المليار وحاجة، فهل يقصد أنّ الأولى أن ينضم المليار وحاجة إلى الستة مليار في أديانهم؟ سبق له أن أعملَ فكره في الثواب والعقاب، وإعتقدَ أنه لا يمكن للجميع أن يذهبوا إلى النار، "فالجنة ليست للمسلمين بس"، ثم تأسى بأسوته، واقتدى بقدوته حواريه فضيلة الإمام" الأكبر"، فقال بمثل رأيه وأفتى بأنّ أهل أوربا هم من أهل الفترة، فنقل مفهوم الفترة من الزمان قبل النبوة  إلى مفهوم المكان، وكلها ظروف، ومفعول فيها إعرابا، وجعلهم من المبشرين بالجنة، لأنهم لم تبلغهم الدعوة الإسلامية بشكل صحيح، والصواب أن تبلغهم الدعوة  الصحيحة على يد ميزو  وكريمة وإلهام شاهين من حواري و"حوريات" اللمبي!

يدّعي اللمبي التجديد في الدين ولا يني في كل مناسبة دينية يطالب به، ويحذر من  الاتّباع،  ويحضّ على إعمال العقل كما أعمل هو عقله الفلسفي، واختار دينا لا نعرفه بعد اعتكاف طويل مدته خمس سنوات عجفاء.

قارن الحساد والعواذل بين زياراته الباسمة للكنسية وتواضرسها بزيّه المرصع بالجواهر والدرر في مناسبات دينية مسيحية، وبين زيارته مجامع إسلامية في المناسبات  الإسلامية، حسدا من عند أنفسهم، فوجدوا أنّ السيسي غير منصف.  وأمس نزل عليه الوحي من جهاز الكفتة فذكر هذه الآية مرتلة، وهي تصلح كلمات لأغنية جديدة يغنيها علي الحجار: مصر بتقولولكو مكاني مش هنا، يعني أنا حجمي كده، أنا متحوجش لحد، يعني ما نكلش.. ماننامش... "وتابع شاعر  الحلزونة يا ما الحلزنة  قصيدته". ويتشكك مشككون، وكل نبي له أعداء ومشككون بالوحي الذي نزل عليه: أن تكون الدعوة لإلغاء الثانوية العامة شبهة في شهادة الرئيس العامة، فالأنبياء أميون عادة، علمهم لدني.. يا أوزون القلب.

لم يتلق اللمبي من رَبَّته مصر في ليلة القدر سوى آيةً واحدة، وكان قد هدَّد مرة: "اللي ح يقربها حشيلوا من وش الأرض"، وأثار الريبة في دين المصريين الذين يخاطبهم  دائما: أنتم يا مصريين؟  وحارب المرتدين الذين سماهم بالإرهابيين  والتكفيريين. وترافقت خطبته مع ذكريات القرضاوي عن الملك الحسن الثاني الذي يواظب هو أسلافه وخلفه على حضور الدروس الحسنية في رمضان.

أخبرنا القرضاوي أنه خطب في  الحسن الثاني، وكان من الفصحاء في العربية، وشتان بينه وبين اللمبي العيي صاحب الفلاتر الثلاثة. 

قيل في حلقة تلفزيونية سورية بمناسبة إصدار النسخة المعيارية التي نسبت إلى الأسد وطوِّبت باسمه، وكان قد دعا في حديث أو اثنين إلى "الدين المحمدي" الذي لم يوضح لنا أركانه، لعل المقصود هو دين من غير فقه وأحكام وعبادات، أو من غير سنة... وجمعت الحلقة  محققين وقارئين مع وزير الأوقاف الذي دسَّ نفسه في الحلقة  دساً: إنّ الأسد الصغير حفظ القرآن من العبث والتزوير، بل ذهبوا إلى أنه حفظ الدين كله، مثل أبيه الذي أسّس معاهد تحفيظ القرآن الكريم!  قيل هذا الكلام  في مصر  وفي سورية، ونحن على أعتاب قيام الساعة،  وقد ظهرت علاماتها الصغرى كلها تقريبا، وبدأت الكبرى بالظهور، وقد مضى على الإسلام والقرآن ألف وخمس مائة سنة،  وهو محفوظ بحفظ الله، يتناقل المسلمون آياته  كابرا عن كابر، حفظا وترتيلا. القذافي أيضا كان مجددا وينوي حذف كلمات من القرآن، مثل كل آية تبدأ بـ "قل"  لأن المخاطب متوفي، وكان أتاتورك  والحبيب بورقيبة قد جددا في الدين كثيرا  إلى أن صار دينا جديدا مثل الكونت دي مونت كريستو.

نعود إلى  عبد الفتاح اللمبي، الذي قارن النشطاء بين دعائه في رمضان وبين دعاء  اللمبي الذي  دعا بدعوات ما أنزل بها من سلطان، ويقال إنها ستنافس الأدعية بصوت الشعراوي  ويقول في أحدها "يا رب حضرتك.." ولم أجدهم موفقين في المقارنة، فمرسي تقيٌّ لاشك في ذلك، ويشهد بذلك المنصفون من أعدائه، وأن تقوى مرسي قد تدخله الجنة، لكن الدنيا تؤخذ غلابا، وكان مرسي دعا  ربه قائلا  في ليلة القدر: "اللهم دبِّر لنا فإنَّا لا نُحسن التدبير، وألطف بنا فيما جرت به المقادير..". ولعله صادق، فمرسي لم يكن وحزبه يحسنون التدبير، وهو دعاء  شائع بين الخطباء في يوم الجمعة الذي يكثر فيه الاعتداء على الدعاء، وهو دعاء غير مستحسن، ففيه اعتداء سلبي لأنه ينتقص من قدرة الإنسان الذي جعله الله خليفة في الأرض على التدبير. ومن الملاحظات على دعاء اللمبي أنه يكرر "دينكم"، كأنه يدين بدين آخر  فدينه غير دين المصريين الذي يخاطبهم، وكأنه من شعب تاني خالص، شعب تاني الله يعلمه.

ونوافق على ما جاء في خطاب حواريِّ  اللمبي، وزير الأوقاف الألثغ، عندما قال في مناسبة دينية: إنّ الإسلام دين العدل والعفو والتسامح.. دخلت امرأة النار في هرة حبستها. والشهادة لله فقد أطلق النظام سراح الهرة صافيناز، وإسلام اللبمي يتسامح مع إسرائيل ويعفو عن إثيوبيا  التي حبست مصر كلها ومنعت بعض شعبها من أن يأكل من خشاش الأرض، وإن إسلام السيسي يعدل مع اللصوص ويعاملهم أحسن معاملة.. 

كان إعلام الأسد يكتب على حيطان سورية مزورا الحديث الشريف المعروف إلى هذه الصيغة: يبعث الله على رأس كل مائة سنة عظيما والأسد هو عظيم الأمة. الحيطان كانت كثيرة في سورية.. ولا يسمح بالنقد سوى البنّاء!

الرؤساء العرب بمعظمهم جددوا ويجددون الدين الإسلامي، وليس لنا إلا أن ندعو: اللهم الطف بنا في ما جرت به المقادير..