كتاب عربي 21

بطاقة شكر إلى "الرئيس السابق" بشار الأسد

"حرسك أخذوك إلى الطائرة، فقلت لهم شكرا، وطرت"- جيتي
لو أنَّ ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الشكر لك، على ما أعطيت وأبليت وأفنيت ودمرت وأمحيت وعفّشت وأنهيت.. "عك عك عك، الشكر لك والحمد لك"، على قرارك التاريخي الحكيم و"الملهم" بالفرار، أحسنت يا شاطر، ثابر وإلى الأمام، الهرب نصف المرجلة، يا بطل المعلوماتية، وسابي قلوب العذارى والأيامى، وربات الحجال ولابسات السروال، وحسناوات صبايا العطاء -وهذا الاسم من اختياركم، فليس من صبايا أفكاري، فقد اخترتم اسم صبايا العطاء وليس صبايا العفاف- حماك الله يا معشوق الصبايا!

سنسميك الرئيس الفار، أو الأسد الفأر، فهما من فصيلة واحدة، تقول الأساطير: إنَّ الفأر خلق من عطسة الأسد.

إن صفة السابق في العنوان ليست صفة سياسية، أو رتبة تشريفية، أو زمنية، مثل الماضي البسيط والحاضر التام، والمستقبل الناقص و"الأبد"، وإنما هي من العدو والجري والسبق، فأنت البطل في السباق، السابق لغة هو الأول، والمصلّي هو الثاني، وكنت الأول في كل شيء مثل أبيك "المقدس"، كما يقول "البريداتور" بطل حرب النجوم، والأفاتار سهيل النمر. أما رامي مخلوف فهو المصلّي، العابد، المهدي المنتظر.

صفة السابق في العنوان ليست صفة سياسية، أو رتبة تشريفية، أو زمنية، مثل الماضي البسيط والحاضر التام، والمستقبل الناقص و"الأبد"، وإنما هي من العدو والجري والسبق، فأنت البطل في السباق، السابق لغة هو الأول، والمصلّي هو الثاني، وكنت الأول في كل شيء مثل أبيك "المقدس"، كما يقول "البريداتور" بطل حرب النجوم، والأفاتار سهيل النمر. أما رامي مخلوف فهو المصلّي، العابد، المهدي المنتظر

كنت القاضي الأول، والمعلم الأول، والجندي الأول، والخائن الأول، ثم الهارب الأول؛ الذي قال فيه الشاعر:

يا حافظ اللؤم يا صنَّاعَ أقبيةٍ
تناهبتْ حلباتِ الهونِ مستبقا

وإني لأعجب من عزمك الذي يشق الماء شقا، ويكسر بيضتين على التـــوالي، فلله درّك ومتحك وإبساسك من رئيس شجاع وباسل، أقسم على حماية الدستور، ورعاية مصالح الشعب فرعى مصالح إيران وروسيا وأمريكا وإسرائيل، وبقية دول حوض البحر المتوسط رعاية كاملة. وأبدي لك إعجابي الشديد بهذه الخاتمة السعيدة لحكم، لم يرَ مثله قط، فحتى الحاكم بأمر الله، الذي فعل ما فعل، كان فلكيا عالما بالنجوم، وله طرائف وفضائل، وإن نهايتك هذه لم تخطر لي على بال، أو ترد في مخيال، وأنا صاحب خواطر، قضيت أياما وأنا أتخيل نهاية مرتجاة لك، فلم يخطر لي ببال أن أذكر أبيات حسان بن ثابت:

يا "شارِ" قَد كُنتَ لَولا ما رُميتَ بِهِ
لِلَّهِ دَرُّكَ في عِزٍّ وَفي حَسَبِ
جَلَّلتَ قَومَكَ مَخزاة وَمَنقَصَة
ما لَم يُجَلَّلهُ حَيٌّ مِنَ العَرَبِ

وأنا أتابع بعض المحللين السياسيين في محور المقاومة، وهم من أبطال التحليل السياسي وفقهاء اللغو، وقد بذلوا عقولهم وخيالهم، وأقلامهم وكتبهم، وهم يقنعون "الحاضنة" بأنَّ جيشك ترك حلب للمعارضة الإرهابية المسلحة، لإعادة "التموضع"، وأن انسحابك منها تكتيكي أيها الرئيس "الرزستراتيجي"، وليس زلزالا في طبقات الأرض السياسية والتكتونية، وأنَّ مدينة حماة ستكون الحمى، ثم قالوا بعد فتح حماة وتفسير خسارتها إن حماة هي قلعة الإخوان المسلمين، وإن خلايا الجماعة النائمة استيقظت في الليل البهيم. ثم قالوا إنَّ حمص هي السور والصائن، فهي عاصمة النظام، ثم سقطت أيضا، فمللت من أكاذيب تيوس الفضائيات المستعارة الذين لم يجدوا لك محمدة واحدة، فانقلبوا يتحدثون عن المعارضة الداعشية الملتحية، التي لم تعلن موقفها من القدس ومحور المقاومة. لا أظن أنهم سيدّعون أنك تركت أهلك لتدافع عن موسكو وستالينغراد، وقلب ناتاشا النابض.

قيل إنَّ حرسك أخذوك إلى الطائرة، فقلت لهم شكرا، وطرت، فعلت كما فعل البطل الشرير (هاكمان) في فيلم سوبرمان، فاللجوء الروسي لك وحدك دون حرسك وجندك.

لن أغمطك حقا، وسأثني عليك وأذكر لك فضيلة وحيدة، هي حُبك أسرتك، وأخذك "سنو وايت" وردة الصحراء، حسناء الثلج البريطانية إلى روسيا قبل نزوحك إليها، التي قالت قولا مأثورا: "وين كنا وين صرنا"، وبلغنا أنك أخذت أطنانا من الذهب ومليارات الدولارات، سيحتاجها بوتين في حربه على أوكرانيا، ويستوفي ديونه الطائلة منها، ويزداد كيل بعير، وقد تضطر إلى بيع بعض أعضائك أيضا، فالديون ثقيلة.

وأذكر لك فضيلة ثانية، فقد بلغنا أنك صُدمت نفسيا من خشونة الثوار الملتحين وهم يقتحمون القصر الجمهوري، فلديك مشاعر وأحاسيس مثلنا يا مقصوف الرقبة، وأنك انقبضت من اقتحام الغوغاء قصورك الفارهة، ومن عبثهم بصورك، ولم يكونوا يحلمون برؤية هذه القصور، بلهَ أن يقتربوا منها. وربما تألمت مما يجري لضريح والدك "المقدس"، الذي سيق إليه السوريون صغارا وكبارا إبّان موته، ليسجدوا له ويركعوا. وكشفوا سترك في صورك الشخصية، وأنت عريان بالثياب الداخلية تسوق الدراجات الشراعية، ومعرض سياراتك المجنحة كما في أفلام الرجل الخفاش، وصورك التذكارية وأنت تصيد المحار في بركة قصرك، وحيتان الأوركا في بحيرة الجاكوزي يا وريث المجد والدم.

أشكرك على اختيارك هذه النهاية، إنها نهاية رجل شجاع، طابق اسمه فعله، فلكل امرئ من اسمه "يانصيب"، واليانصيب السوري "يانصيب معرص دمشق الدولي" خاسر حتما، بل إنّ مقتحمي أسوار مقرات الأمن وجدوا يانصيب تطبعه المخابرات للحاضنة المحظوظة!

نحمد الله أنك ذهبت إلى الحج في موسكو، وليس إلى جدة، وهاجرت من غير خطبة وداع، من غير إعلان التنحي عن منصبك، كأنك تأمل في العودة إليه، هربت من غير أن تبشر الشعب بالخبز من غير بطاقة ذكية، أملا في العودة، ولم توصِ ببيع سياراتك الكثيرة لصالح جمعية البستان الخيرية، التي يرأسها ابن خالتك الزاهد العابد رامي مخلوف، كي تقنعنا بأنك كنت نعم الخليفة في الأهل والصاحب في السفر.

لم تذكرنا في خطبة الوداع بأنك ستدفن في تراب سوريا كما فعل حسني مبارك، أو أنك تقود حمارة سابا سورية الصنع، أو أنك تقف على إشارة المرور الحمراء، وليس على الدستور، وتعيش على الخبز والملح مثل مكزون السنجري، وتحمل حقيبتك إلى مكتبك في المهاجرين، وتأكل الشاورما كل سنة مرة مع وردة الصحراء، ترفيها للنفس التي ملت من زهد الخبز اليابس والزيت.

سيادة الرئيس الفأر:

 قضيت ردحا من عمري في أحلام اليقظة، وأنا أتخيل نهاية سعيدة للثورة، التي تكبدت مئات الآلاف من الشهداء، وبحارا من الدماء، فلم أتخيل أن ندخل قصرك بنعالنا، وندوس الحرير، كما داس ربعي بن عامر ديباج إيوان كسرى، ونحرر من بقي من الأسرى من أصحاب الكهف والرقيم.

لم أتخيل يا ملعون السلالة أن نرى اختراع المكبس في المعتقلات، فانتابنا ذهول مثل ذهول الملك شارمان من ساعة هارون الرشيد، وعلمنا أنك تعيش من عرق جبينك، وكبس شعبك، فلم يكن كثير من الناس يصدق شهادات المعتقلين في تدمر، حتى رآها في وكالات الأنباء العالمية.

لم أتخيل أن نرى بقية أخيرة من أسرانا ومعتقلينا أحياء تحت الأرض قبل أن تحولهم إلى عصير، وأن نعيش قصة قاتل لم يكتبها زوسيكند، قاتل يعصر كرام شعبه وأشرافه ليحولهم إلى عطر في مكبس.

لم أكن أتخيل أن الزهاك أو الضحاك (أسطورة الشاه نامة الفارسية) ما يزال حيا، ويعيش على أدمغة شعبه، فقد خرج أكثر المعتقلين فاقدي العقل.

هربت وحدك، وخذلت محوري المقاومة والاعتدال معا، فقد كنت حبيب المحورين مثل والدك بطل التشرينين، وأنك بهربك ألقيت في قلوب الحكام العرب الرعب، وهذه فضيلتك الثالثة. وأذكر لك فضيلة رابعة أنك تركت وراءك معامل حبوب الكبتاغون المهلوسة، برهانا على جهادك في محور المقاومة، وأعلمك أني سكرت بإسرائك إلى موسكو أكثر من الساكرانين بمخدراتك

أخبرك يا "فشار الأسيد"، وهذا وصف يصدق عليك بعد رؤية حاويات الحمض في المعتقلات ويعتقد أنه لتذويب لحوم البشر وعظامهم، وتحويلهم عطورا وريحا، أنّ فرارك يشبه فرار آخر الأكاسرة يزدجرد الثالث، الذي هرب من الفاتحين العرب، فقتل في خراسان، فنعم القدوة لك، وكان فتح الشام الثاني بعد فتح سيف الله وأمين الأمة يشبه فتح القسطنطينية أو بيت المقدس. فلك فيهم أسوة، ولنا فيهما أسوة.

أفهم أنك خذلت شعبك وقومك وطائفتك وحاضنتك، لكني أتساءل: كيف تجرأت على خيانة محور المقاومة؟ وأعجب أنك لم تبلغ مبلغ عمك رفعت الأسد، الذي أخذ نخبة الوحدات الخاصة معه، عندما نزح إلى الأندلس.

هربت وحدك، وخذلت محوري المقاومة والاعتدال معا، فقد كنت حبيب المحورين مثل والدك بطل التشرينين، وأنك بهربك ألقيت في قلوب الحكام العرب الرعب، وهذه فضيلتك الثالثة. وأذكر لك فضيلة رابعة أنك تركت وراءك معامل حبوب الكبتاغون المهلوسة، برهانا على جهادك في محور المقاومة، وأعلمك أني سكرت بإسرائك إلى موسكو أكثر من الساكرانين بمخدراتك.

لله درّ هزيمتك المدوية المخزية المشينة.. انهزمت ولم تكن لك فئة من دون الله وما كنت منتصرا، فشكرا لك على قرار الفرار، وطوبى لك على عار الدهر، إلا أن تنتحر فتكون لك فضيلة خامسة، فاصبر وعش طويلا مجللا بعار الدهر وشناره، طريدا مخذولا، مبغوضا من أعدائك ومواليك.

وكرامة أخرى يا وكيل الأبد "ليمتد": لم أعد أحقد عليك، وقد رضيت بما جرى عليك واشتفيت، فانعم بثلج موسكو وبردها وغربتها، قف فيها كما كنت في سوريا، على إشارات المرور، وبنود الدستور.

سر إنِ اسطعتَ في الهواء رويدا
وأهو ذليلا في حاوياتِ البلادِ
والحَوَايا تصيح: عني خذوه
ابنُ كلبٍ إجرامه في ازدياد

x.com/OmarImaromar