كشفت كارثة غرق سفينة تحمل 500 طن من الفوسفات في النيل عند محافظة قنا بجنوب
مصر، قبل أيام، أن الثروات المعدنية التي تمتلكها مصر، وفق مراقبين، ليست متاحة لمالكها الأساسي، وهو الشعب، الذي لا يعرف عنها شيئا، ولا عن كمياتها، وعوائدها، وأين تذهب، في وقت يبدو فيه دور غامض للجيش، في السيطرة عليها، والانتفاع منها.
وكان الرئيس المصري بعد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي قال في لقاء مع "المثقفين" إبان حملته لـ"انتخابات الرئاسة": "إن مصر لا تمتلك من الثروات المعدنية سوى الجرانيت الممتد في جبال البحر الأحمر، فضلا عن الرمال البيضاء، وقليل من الرمال السوداء، والجبس"، مؤكدا أنه لا يُوجد بمصر خام الفوسفات، وأن الصرف على منجم "أبو طرطور" كان خاطئا.
وردا على سؤال حول مناجم الذهب في مصر، زعم السيسي أنه من المعروف أن مخزون الذهب "الفراعنة خلصوا عليه"، متجاهلا منجم السكري، وغيره من المناجم العامرة بالمعدن الذي تستحوذ عليه شركات من بقايا نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، والقوات المسلحة.
لكن رئيس شركة فوسفات مصر، خالد الغزالي حرب، قال -يوم 18 نيسان/ أبريل الجاري- إن الشركة تمتلك مخزونا احتياطيا من الفوسفات يصل إلى مليار طن، وهي كمية كافية لتشغيل مشروع مجمع إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، وحمض الفوسفوريك، المقرر إنشاؤه بموقع الشركة بمناجم "أبو طرطور" بالوادي الجديد.
واعتبر مراقبون أن غرق السفينة التابعة للقوات المسلحة في النيل، وتفريغ حمولتها البالغة 500 طن فوسفات فيه، تكشف "سرقة العسكر لثروات مصر".
وقالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة ناهد عزالدين، إن حادث غرق ناقلة نيلية تابعة للقوات المسلحة بنهر النيل، وعليها 500 طن من الفوسفات، كشف حقائق لم تكن معلومة حول ما وصفته بثروات مصر المنهوبة.
وأضافت في تدوينة لها عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"-: "تسريب الفوسفات.. لا يهمني كثيرا الحديث عن خطر مؤكد أو متوهم، فالأمر سيظل محل مزايدات وتهويل وتهوين وتضخيم وتبرير إلى ما لا نهاية".
واستطردت: "ولكن يهمني أن حادثة الفوسفات كشفت حقائق ومعلومات لم تكن معروفة ومتاحة أو متداولة في الأخبار حول ثروات مصر المعدنية، وكيف يتم استخراجها، ونقلها، ومن يملك التصرف فيها، وكيف تدار الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي؟.
وتساءلت: "كيف يستخدم نهر النيل كوسيلة نقل اقتصادي معلومات أتيحت عبر الحادث في صورة تسريبات"؟
وأجابت: "لم تكن لتعرف لولا حادث غرق الناقلة فرب ضارة نافعة، ورب ضارة كاشفة".
وتمتلك مصر كميات هائلة من الثروات المعدنية، التي يمكن أن تسهم بشكل فعال في إنعاش الاقتصاد المصري، وفق مراقبين، لولا وجود قوانين مقيدة لتلك الثروة، التي وصفها الخبراء الجيولوجيون بالثروة المنهوبة، لأن مكاسبها لا تذهب في معظمها لموارد الدولة.
وأكد رئيس هيئة الثروة المعدنية الجيولوجي عمر طعيمة أن مستقبل مصر في مجال ثرواتها التعدينية سوف يسجل مركزا متقدما كأفضل المنتجين في مجال إنتاج الذهب تحديدا على خريطة العالم خلال سنوات قلائل أو بحلول عام 2020 على الأكثر.
وقال نائب رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب الدكتور حسن بخيت إن مصر لديها رصيد هائل من
المعادن، التي لم يتم استغلالها حتى الآن بالشكل الأمثل.
وأضاف أن مصر تفتقر إلى قاعدة بيانات سليمة عن حجم الثروات المعدنية الموجودة في مصر، مشددا على أن استغلال الثروات المعدنية المتوافرة بشكل كبير في مصر خاصة في الصحراء الشرقية سيجلب للدولة ما لا يقل عن 100 مليار جنيه سنويا، خاصة في ظل امتلاك مصر لـ36 معدنا من بينها الذهب والفوسفات والرخام والرمال البيضاء.
ويلخص الأستاذ بجامعة حلوان الخبير الجيولوجي الدكتور يحيى القزاز المشهد بقوله إنه لا توجد إرادة وطنية للحفاظ على أموال الدولة، وإقامة مصانع لتصنيع الخامات، والاستفادة منها، وترك خامات البلد خاضعة للبيع خارج مصر.
في حين طالب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السابق أبو الحسن عبد الرؤوف بمنع تصدير المواد المعدنية، وتجريم ذلك في الدستور، كما تفعل ماليزيا وسنغافورة، موضحا أن مصر تصدر ألواح الرخام والجرانيت وأحجار الزينية بملاليم إلى الصين، ونستوردها بأسعار مرتفعة، داعيا إلى أن تؤول الثروة المعدنية إلى جهة واحدة فقط.
ويشير تقرير المساحة الجيولوجية التابعة لوزارة الداخلية الأمريكية، عن الصناعات المعدنية في العالم لعام 2009، إلى أن مصر تحتل المرتبة الـ11 عالميا من حيث إنتاج الأسمنت، والمرتبة السابعة من حيث إنتاج الحديد، كما صنف التقرير مصر من ضمن الدولة المنتجة لبعض الخامات كالفلسبار والجبس والفوسفات والأمونيا.
من جهتها، تذكر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري أن صادرات الذهب والمعادن النفيسة مدعومة بصادرات منجم السكري، بلغت ما يزيد عن مليار دولار، خلال عام 2010، بينما بلغت صادرات الحديد الصلب ومصنوعات الحديد ما يزيد عن 1.28 مليار دولار، وبلغت صادرات النحاس ومصنوعاته 708 مليون دولار، أما صادرات الألومونيوم فتجاوزت 497 مليون دولار.