كتاب عربي 21

تنظيم الدولة في ليبيا وتحدي المجابهة

1300x600
دخلت ليبيا إلى دائرة اهتمام دولي أوسع بعد الأحداث المتلاحقة التي تنسب إلى تنظيم الدولة، وكان آخرها الفيديو الذي يظهر قتل مصريين أقباط ذبحاً. وبغض النظر عن الجدل الدائر حول التسجيل، فإن هناك إجماعاً محلياً ودولياً حول وجود تنظيم الدولة في ليبيا، وخوف من سرعة انتشاره. فتنظيم الدولة موجود في درنة، وهناك مؤشرات على أنه أو مجموعة تنسب نفسها له كانت وراء الهجوم على فندق كورونثيا بطرابلس، وأيضاً الحراك الذي شهدته مدينة سرت حتى مع استثناء حادثة قتل المصريين والتسليم بأنها مفبركة.

الجدل والصخب يدور في الجهة المقابلة، أي في ميدان المجابهين لتنظيم الدولة محلياً وإقليمياً ودولياً؛إذ يبدو أن هناك اضطراباً ملحوظاً في المواقف، يتعلق بجملة من الأسباب منها أن تنظيم الدولة استخدم سياسياً للنيل من الخصم السياسي محلياً من البرلمان وقادة عملية الكرامة، الأمر الذي ساهم في التشويش على مفهومهم للإرهاب وتمييع موقفهم من تنظيم الدولة، وإقليمياً من الحكومة المصرية. وفي التسريبات الأخيرة للمحادثات التلفونية بين بعض القيادات العسكرية المصرية ما يعزز فرضية توظيف داعش من الساسة المصريين لأغراض سياسية. ويقابل السياسة المصرية موقف معارض إقليمياً عبرت عنه الجزائر وتونس والسعودية وقطر وكان الموقف التركي أشدها.

دولياً فقد كان موقف مجلس الأمن من الطلب المصري والفرنسي غير متوقع بل وصادم بالنسبة لأطراف ليبية وإقليمية، فقد كان من المتوقع أن يتجه الموقف الدولي إلى درجة من التصعيد وليس المناداة بالمطلب نفسه، وهو التعويل على الحوار وانتظار تشكيل حكومة وفاق وطني تتولى مهمة مجابهة الإرهاب.  

مراقبون دوليون لهم اهتمام بملف "داعش" يرون أن المناخ ليس ملائماً لاتخاذ خطوات مباشرة لمجابهة تنظيم الدولة في ليبيا من بينها:

- غياب الإرادةوعدم توفر إجماع. 

- غياب الاستراتيجية خاصة بعد التعثر الذي واجهته عمليات التحالف ضد التنظيم في العراق وسوريا.

- مشكلة توفير الدعم لشن حملة ضد التنظيم في ليبيا، خاصة مع تراجع السعودية عن دعم مصر في خطتها. 

أيضاً ساهم التعقيد في الوضع الداخلي في عدم الإقدام على خطوة مباشرة مضمونها التدخل العسكري، وهنا أعني الشريك الداخلي على الأرض؛ إذ دون قوة على الأرض سيصبح قصف الطيران بعد فترة وجيزة خاسراً ومكلفاً مالياً وسياسياً. وبعض التقدم الذي أُحرز في الحرب على تنظيم الدولة في العراق مرتبط بوجود قوة على الأرض تتمثل في الجيش العراقي والقوات الكردية.

وفي الحالة الليبية يبدو أن إخفاق عملية الكرامة في بنغازي لم يؤهلها أن تكون شريكاً، وبرغم نجاح فجر ليبيا في تحقيق نتائج على الأرض بإبعاد كتائب مدربة ومجهزة نحو 150 كم عن طرابلس، إلا أن الخوف من أن يكون بينها عناصر متشددة وأيضاً موقف البرلمان منها، يجعل الأطراف الغربية تتردد في التعويل عليها في محاربة تنظيم الدولة، هذا علاوة على ما يعتبره أطراف دولية ضبابية في موقف فجر ليبيا والمؤتمر الوطني العام في موقفها من الإرهاب ومن تنظيم الدولة وأنصار الشريعة.

هذه التعقيدات جعلت العديد من المراقبين والمهتمين بتنظيم الدولة، يرون أنه لابد من أن يرتكز أي قرار متعلق بالسياسات الواجب اتخاذها، على فهم دقيق للمشهد الذي يتسم بسرعة التغير. ويربط جنثون باول، مبعوث رئيس الوزراء البريطاني لليبيا، بين الاستقرار والتوافق على حكومة ائتلافية وبين القدرة على مجابهة توسع تنظيم الدولة في البلاد، وهو ما أكده مبعوث الأمم المتحدة، ببرننادينو ليون، في خطابه في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول ليبيا، وهو ما أقره بيان الولايات المتحدة وأهم العواصم الأوروبية تعقيباً على الموقف المصري.