مصر أعلنت الحداد على ملك السعودية وتجاهلت جنود الجيش

حين مات العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الأسبوع قبل الماضي، أعلنت مصر الحداد لمدة سبعة أيام كاملة، وليس ثلاثة كما هو معروف، في رسالة تضامن من النظام المصري مع نظيره السعودي.

لكن الرئاسة المصرية، لم تعلن الحداد على 40 جنديا من قوات الجيش والشرطة راحوا ضحايا الهجمات التي استهدفت مقرات أمنية وعسكرية في شمال سيناء الخميس الماضي، وحتى بعد مرور يومين كاملين على الحادث.

وعلى الرغم من أن الحادث الأخير كان الأعنف من نوعه في سيناء، إلا أن النظام المصري لم يعلن الحداد كما اعتاد دائما بعد العمليات المسلحة التي تستهدف قوات الجيش والشرطة، وكما حدث مرات عديدة خلال السنوات الأخيرة.

وأثار عدم إعلان الحداد في مصر - أسوة بما حدث بعد وفاة الملك عبد الله -سخط كثير من المصريين- خاصة مؤيدي الانقلاب الذي رأوا في الأمر "تقليلا من شأن الشهداء الذين دفعوا أرواحهم ثمنا للدفاع عن الوطن في مواجهة قوى الإرهاب".

وكان إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، والفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية وعدد من المسؤولين قد تقدموا الجمعة الجنازة العسكرية التي أقيمت لضحايا الهجمات، بينما غاب عن الجنازة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي عاد من إثيوبيا مساء اليوم ذاته.
 
وزارة الثقافة توقف نشاطها

وكانت الجهة الرسمية الوحيدة التي أعلنت الحداد هي وزارة الثقافة التي نعت في بيان رسمي جنود الجيش، وقالت إنهم شهداء الوطن والواجب الذين اغتالتهم يد الإرهاب الغادر فى حادث يتسم بالجبن والخسة والخيانة العظمى.

وقررت الوزارة في بيانها -الذي تلقت "عربي21" نسخة منه- إلغاء جميع الفعاليات الفنية التي تنظمها الوزارة لمدة ثلاثة أيام حدادا على أرواح الضحايا.

واكتفت عدة قنوات فضائيات مصرية ببث بعض آيات القرآن الكريم لدقائق قليلة قبل أن تعاود إذاعة برنامجها المعتاد دون أي تغيير، وهي التي كانت قد أوقفت برامجها العادية حدادا على ملك السعودية.

كما واصل التلفزيون الرسمي للدولة عرض برامجه كالمعتاد مكتفيا بوضع شريط أسود على الشاشة.
 
ليسوا أقل من الملك عبد الله

وطالب الإعلامي خيري رمضان، الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعلان حالة الحداد في البلاد حزنا على شهداء سيناء، قائلًا: "شهداء الجيش الذين سقطوا في سيناء ليسوا أقل من الملك عبد الله، خلينا نحزن بجد واحنا بنقاوم، سيادة الرئيس متتأخرش، لازم تعلن الحداد، الشهداء ماتوا وهم بيدافعوا عننا ولازم نحزن عليهم".

وأضاف رمضان - خلال برنامجه على قناة "سي بي سي " مساء الجمعة - : "إحنا عاوزين نعلن غضبنا وحزننا وتضامننا مع أهالي الشهداء، متابعا البلد ميت، فيها 30 شهيدا كانوا بيدافعوا عننا لازم نحزن عليهم".

وانتقد الحكومة بشدة، قائلا: لماذا لم تعلنوا الحداد؟ هل وقوع الحادث أثناء تواجد الرئيس السيسي في أثيوبيا مبرر كاف لعدم إعلان الحكومة للحداد؟ ما هذا التراخي والترهل واللامبالاة التي تعيش فيها الحكومة؟ أرجوكم ادعموا كل جندي يقف على الحدود عشان انتو تشعروا بالأمن".
 
صلاة الغائب

وأثارت المقارنة بين تعامل الحكومة مع وفاة الملك عبد الله ووفاة 40 جنديا مصريا غضب وسخرية نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فكتب "محمد شعبان" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ملك السعودية مات.. مصر أعلنت الحداد والقنوات شغلت قرآن، ولما 40 جندي مصري ماتوا غدر في سينا؟ القنوات مشغلة أغاني ورقص عادي خالص".

ورد عليه "خالد زين" قائلا: "يا أخي متظلمش الراجل، السيسي لما 40 جندي اتقتلوا في سينا أرسل لأهلهم رسالة تضامن قوية بتغيير لون الكرافت في القمة الأفريقية في إثيوبيا".

وكان الإعلان عن موت الملك عبد الله مساء الخميس قبل الماضي، وعلى الفور أصدر وزير الأوقاف "مختار جمعة" تعليمات لأئمة المساجد في مصر بأداء صلاة الغائب على روح الملك عقب صلاة الجمعة التي تشهد امتلاء المساجد.

وللمفارقة، فإن مقتل الجنود المصريين تم أيضا مساء الخميس، لكن الوزير لم يعلن -هذه المرة- إقامة صلاة الغائب على أرواحهم عقب صلاة الجمعة، كما فعل مع الملك عبد الله، بل أعلن إقامتها بعد صلاة العشاء اليوم السبت، ذراً -على ما يبدو - للرماد في العيون.