لا زال أحد المدانين بجمع التبرعات للقاعدة، والمرتبط بهجمات باريس في بريطانيا، بعد تدخل قانون حقوقي لمنع تهجيره إلى
الجزائر قد نجح بتفادي محاولات وزارة الداخلية البريطانية تهجيره، بحسب صحيفة بريطانية.
وكشفت صحيفة التلغراف البريطانية أن بغداد مزيان، الذي سجن ل11 عاما في 2003، بتهمة إدارة شبكة دعم للإرهاب، قد نجح بتفادي محاولات وزارة الداخلية البريطانية تهجيره، بالرغم من أن الحكومة كررت مرارا أنه يمثل "خطرا للمجتمع البريطاني"، مضيفة أن مزيان كان شريكا قريبا لجميل بيغال، المدان بإرشاد اثنين من
هجمات باريس عندما كانوا في السجن معا.
وقالت الصحيفة إن بيغال ومزيان كانا يعيشان قريبا من بعضهما في
ليستر، ودعم مزيان بيغال مرة بجواز سفر ليتدرب في مخيمات القاعدة في أفغانستان.
وحاولت وزارة الداخلية التخلص من مزيان، والد لطفلين ولدا في بريطانيا، بعد قضائه ما يقارب ست سنوات بعد إطلاق سراحه من السجن في 2009، إلا أن محاولتاها أحبطت بحجة أن تهجيره قد يهدد حقه بحياة عائلية، وأنه قد يواجه السجن حال عودته، في وقت تواجه فيه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية البريطانية انتقادات بكونها تملك صلاحيات كافية لإيقاف التهديد الأمني الإرهابي، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة التدخل النادر للرئيس السابق لجهاز الـM15 البريطاني، لورد إيفانز، بتحذيره من أن قوانين مكافحة الإرهاب البريطانية لم تعد "ملائمة لأهدافها"، إذ أصبح الأمر أسهل للجهاديين لتخطيط الهجمات وتجنب الاستخبارات والشرطة، مضيفا في مقالته التي كتبها في "صنداي تلغراف" أن "الأمور تزداد صعوبة بالنسبة للخدمات الأمنية لإيجاد ما الذي يعلنه الإرهابيون أو المجرمون" لأنهم يناقشون المخططات على الإنترنت، وأشار إيفانز إلى أن القوانين الجديدة عاجزة عن إعطاء الأجهزة الاستخباراتية القدرة "الكافية والمناسبة" لمراقبة الخدمات التقنية مثل الفيسبوك والواتسآب وسنابتشات.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن مراقب للاستخبارات السرية في البرلمان أن خطط إصلاح شاملة للقوانين المتعلقة بعمليات جهاز الاستخبارات الخارجي البريطاني (MI6) والمخابرات الحربية (MI5) ومقر الاتصالات الحكومية (GCHQ) ستعلن خلال أسابيع، إذ إن المخططات التي ستنشر من قبل لجنة الاستخبارات والأمن ستضع إصلاحات "جذرية جدا" للقانون لمساعدة الأجهزة الأمنية على مسايرة "التغيرات الهائلة في التقنية" التي تسمح للإرهابيين بتجنب الخدمات عن طريق الإنترنت.
وقال رئيس اللجنة السير مالكوم ريفكيند للصحيفة إن الأجهزة الاستخباراتية يجب أن تعطى صلاحيات محدثة للوصول إلى سجلات هواتف المشتبه بهم، وإيميلاتهم، والرسائل الإلكترونية، عندما يسمح لها من قبل مجلس الوزراء، مضيفا "أن التهديد الكبير هو الهجمات الإرهابية المحتملة"، مضيفا "أنك لا تستطيع نفي أن محاولات قريبة محتملة في لندن أو روما أو برلين أو مدريد لن تحصل.
وقالت الصحيفة إن هذه التطورات ستوسع الفجوة بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ونائبه نيك كليج حول الحاجة إلى قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب، إذ قالت الصحيفة إن كاميرون وصف الإرهاب الإسلامي في برنامج تلفزيوني على أنه "عبادة مسمومة للموت" معترفا أن الغرب واجه "معاناة ضخمة" مع مجموعة من الناس "تتحدى نمط حياته"، على حد قوله.
وتحدثت الصحيفة أن بريطانيا وضعت على درجة أمنية عالية بعد الهجمات، كما قتلت الشرطة البلجيكية إرهابيين في مداهمة مسلحة الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى رفع الأمن لدى دوريات الشرطة البريطانية بعد تحذيرها من إمكانية استهدافها من قبل مسلحين إرهابيين، مع زيادة الدوريات في المناطق اليهودية في المدارس والمعابد، وزيادة الأسلحة الصاعقة مع الشرطة بعد أن رفعت الحالة الأمنية للتهديد ضد الشرطة إلى "شديدة"، وهي الأعلى مطلقا.
وقالت الصحيفة إن كشف بقاء مزيان، ممول الإرهاب المدان، في بريطانيا أثار إدانات غاضبة الليلة الماضية، إذ قال ناطق باسم وزارة الداخلية إن مزيان سيبقى، دون مزيد من التفاصيل، كما أن الوزارة لا تعلق على الحالات الفردية، فيما أصر مصدر من داخل الوزارة أن الوزارة "تعمل على التخلص من مزيان".
وقال وزير العدل كريس جرايلنج الليلة الماضية إن القضية أظهرت الحاجة للتخلص من قانون حقوق الإنسان، مضيفا أنه "من غير المنطق أن الناس الذين يشكلون تهديدا لمجتمعنا قادرون على استخدام حقوق الإنسان لتجنب إعادتهم لبلدانهم عندما يكون من الواضح أنهم لا يحترمون حقوق إنسان مجتمعنا. لذلك حان وقت التخلص من قانون حقوق الإنسان العمالي، وأن نضع مكانه محاولة جديدة لقوانين حقوق إنسان تعني أن شيئا كهذا يمكن إيقافه، والمحافظون هم الوحيدون على فعل ذلك"، كما نقلت الصحيفة.
وقال مدير مركز دراسات الأمن والاستخبارات في جامعة بكنغهام البروفيسور أنطوني جليس للصحيفة إنه "من الاستثنائي بقاء هذا الشخص في بريطانيا وتهديد حقيقي لأمننا القومي نعرفه من الطريقة التي نظمت بها هجمات شارلي إيبدو في باريس"، مضيفا أن "التعريف الحقيقي لشرعنة حقوق الإنسان هو الحق لأن تكون حرا من الإرهابيين والحق بأن نقوم بأعمالنا الاعتيادية بدون خوف من الهجمات. من غير المقبول ببساطة أن هذا يتم باسم الوثيقة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وقالت الصحيفة إن مزيان كان على قريبة ببيجال، الذي حول قاتل الرهائن الأربع والشرطة في السوبرماركت أميدي كوليبالي إلى الإسلام المتطرف في السجن، كما أثر بشدة على شريف كواشي أحد الإخوة الذين قاموا بهجمات شارلي إيبدو، إذ كان بيجال مسجونا في فرنسا بعد مخطط لتفجير السفارة البريطانية في باريس قبل أن يتم
اعتقاله في دبي عام 2001، ليعترف تحت المساءلة – وادعى أنه تم تعذيبه – بالمخطط مؤديا لاعتقال مزيان وجزائري آخر كان يعيش في ليشستر هو إبراهيم بن مرزوقة.
وواصلت الصحيفة القول بأن كلا من مزيان وبن مرزوقة سجنا في بريطانيا 11 عاما في 2003 بتهمة تمويل الإرهاب وحيازة جوازات مزورة، ثم أطلق سراحهم شرطيا قبل أن يهجر بن مرزوقة بعد ذلك بعام، وينجح مزيان بإفشال محاولات التخلص منه، مكلفة دافعي الضرائب البريطانيين عشرات آلاف الجنيهات في تكلفات المحاكم، بينما لم يكن واضحا فيما إذا حصل مزيان على مساعدة قانونية.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية إن الحكومة ستستمر بالضغط لتهجير المشتبه بهم في الإرهاب، مضيفا أن "التهجير بضمانات يسمح لنا بالتخلص من الأشخاص من بريطانيا، خصوصا بالتوافق مع التزاماتنا الدولية، حتى إن كان هناك أرضية حقيقية لكونهم سيواجهون معاملة تخالف حقوق الإنسان في بلدانهم"، مشيرا إلى أن بريطانيا "تخلصت بالفعل من تسعة أشخاص باتفاقية التهجير مع ضمانات مع بريطانيا، دون أن نعلق عادة على الحالات الفردية".
وقال لورد إيفانز للجريدة إن "قدرة الشرطة والخدمات الأمنية للقيام بهذا العمل الضروري لحماية مجتمعنا وشعبه الضعيف المهدد مع تغير التقنية، ويمكنهم القيام بهذا فقط إذا كانوا يملكون الأدوات لفعل ذلك، بينما لم تعد الأدوات التي يملكونها ملائمة لغرضها".
وكما ظهر بالأمس، فإن سعيد كواشي أحد الإخوة الذين قتلوا الصحفيين في شارلي إيبدو دفن في مقبرة شرقي ريمز ليلة الجمعة، تحت جنح الظلام ومراقبة أمنية مشددة، كما نقلت الصحافة.
ونقلت الصحيفة تحقيق الشرطة الفرنسية فيما إذا كان هناك "مسلح رابع" متورط بالهجمات من بين ال12 مشتبها بهم، إذ قتل الإخوة كواشي مع كوليبالي خلال 72 ساعة، إلا أن حمضا نوويا وجد في المتجر الذي احتجز فيه الرهائن، وعلى إطلاق نار على عداء قبل يومين، لا ينتمي لأحد من الثلاثة.
ووظفت الحكومة الفرنسية عشرة آلاف جندي حول البلاد الأسبوع الماضي بعد هجمات باريس، بينما ارتفعت المخاوف الأمنية في بريطانيا بعد اعتراف من "اليوروبول"، وكالة تعزيز القانون في الاتحاد الأوروبي، أن هجمة إرهابية في بريطانيا شبيهة بهجمات باريس قد تتم، بحسب الصحيفة.
ونقلت التلغراف أقوال مدير اليوروبول روب واينرايت إن "إيقاف كل شيء صعب جدا، واحتواء التهديد بشكل كامل صعب جدا"، إذ يقدر اليوروبول أن ما يقارب الـ5000 شخص سافروا إلى العراق وسوريا قد تطرفوا هناك.
وقالت الصحيفة إن الإجراءات الأمنية ترفع في أماكن مختلفة في أوروبا، إذ وظف مئات الجنود في بلجيكا ليقوموا بدوريات في الشوارع بعد أن اقتحمت القوات الأمنية
خلية إرهابية مشتبها بها، يعتقد أنها كانت تخطط لقتل شرطة، إذ وظف ما يزيد عن 300 جندي في العاصمة بروكسل وآنفرز شمال البلاد التي تقطنها جالية يهودية كبيرة.
وشهدت سبع كنائس في النيجر هجمات من إسلاميين متظاهرين ضد نشر الإصدار التذكاري من شارلي إيبدو، ضمن تظاهرات من المسلمين حول العالم.
والخميس المقبل، سيسافر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى بريطانيا لقمة كبيرة مع التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية، بينما كشفت الصحيفة من مصادر حكومية أن دورات تدريبية من خبراء عسكريين بريطانيين يتوقع أن تبدأ للمعارضة السورية المعتدلة نهاية آذار، لمساعدتها على هزيمة الدولة الإسلامية.
واختممت الصحيفة تقريرها بأن وزارة الدفاع البريطانية ترسم خططا لزيادة الدور البريطاني في مواجهة إسلاميي بوكو حرام في نيجيريا، مع أكثر من 70 مختص تدريب يتوقع إرسالهم خلال عشرة أسابيع لإعداد القوات المسلحة النيجيرية للمعركة.