ملفات وتقارير

برلمان ما بعد الانقلاب بمصر.. عسكرة ومال سياسي

معارضون: تشكيلة البرلمان القادم ستتوزع بين رجال الأعمال ومؤيدي السيسي - أرشيفية
يجري التحضير في مصر لانتخابات مجلس الشعب التي ستُجرى ما بين 21 و23 آذار/ مارس القادم، في الوقت الذي تتزايد فيه أصوات معارضيها بين غير معترف بشرعية النظام أصلاً، وبين مشكك بنزاهتها من خلال الحديث عن "تجاوزات وثغرات" اعترت قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الجديد.

وذهبت قوى سياسية مناهضة للانقلاب العسكري، إلى أن نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي "مضطر" إلى الذهاب نحو الانتخابات البرلمانية "نزولاً عند رغبة الدول المدعوة إلى المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي" المزمع عقده في آذار/ مارس المقبل.

في هذا الصدد؛ قال أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، الدكتور محمد سودان، إن "السيسي لا يريد تلك الانتخابات من قريب أو بعيد، وهو بالإعلان عنها يحتال على الدول الغربية ليغريها بالقدوم إلى مصر، والمشاركة في مؤتمر المانحين والمستثمرين".

وأضاف لـ"عربي21" أن "نظام السيسي سيعمد إلى حل البرلمان في أول منعطف له بسبب الثغرات غير الدستورية في قانون تنظيم الانتخابات الذي سيُطعن فيه"، مؤكدا أن "الرئيس الانقلابي يريد أن تكون السلطتين التنفيذية والتشريعية بيده، ليُحكم قبضته على البلاد".

ورأى سودان أن الانتخابات البرلمانية عبارة عن "رسالة وهمية للغرب"، مبينا أن "هذا البرلمان سيكون حلبة للصراع على الكعكة بين جبهتين؛ جبهة العسكر، وجبهة رجال مبارك ورجال الأعمال".

"السيسي" دعاية انتخابية


بدوره، تساءل رئيس حزب الأصالة المهندس إيهاب شيحة عن مدى توافر شروط الترشح في المرشحين الذين يضعون صورة الجنرال عبدالفتاح السيسي على موادهم الدعائية.

وقال لـ"عربي21"، إنه لا يمكن تصور أن هذا المرشح الذي يتمسح بصورة السيسي؛ سيمارس سلطته الرقابية على السلطة التنفيذية، مؤكدا أن "المال السياسي الفاسد سيسري في شرايين هذا البرلمان المفتعل".

وأضاف شيحة أن النظام دُفع لإجراء هذه الانتخابات استجابة لما أسماها "شروط مؤتمر الشحاتة (التسول)" لكي يفي باحتياجات البلاد المالية المتزايدة، موضحا أن "الهدف من الانتخابات، دغدغة مشاعر دول الغرب التي تحتاج إلى برلمان صوري تقدمه لشعوبها لتسويغ دعمها للانقلاب العسكري".

ويرى نشطاء معارضون أن غياب مطالب ثورة 25 يناير، هو أهم سمات البرلمان المقبل، بخلاف برلمان عام 2011 الذي رفع شعارات الثورة، وأقر بجميع مطالبها، وعلى رأسها ضمان حقوق شهدائها، وتكريمهم، وتعويض مصابيها، والعمل على ترسيخ شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".

تشكيلة البرلمان المقبل


وقال القيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين، هيثم محمدين، إنه لا يعتقد أن أفكار وأهداف ثورة يناير سيكون لها تواجد في المجلس المقبل.

وأضاف لـ"عربي21": "سوف تتقاسم البرلمانَ كتلتان؛ الأولى كتلة مرشحي الدولة بقيادة كمال الجنزوري ورجال المال والأعمال، وستكون الأكثر عددا وتأثيرا، والثانية كتلة التيار الديمقراطي المشتملة على عدد من الأحزاب التي نشأت بعيد ثورة يناير، والتي وضعت شرطين مسبقين للانضمام لها، وهما الاعتراف بـ30 يونيو، وبشرعية السيسي".

وأكد محمدين أن "البرلمان القادم لا يعبر عن الشعب المصري، وإنما يعبر عن تطلعات رجال النظام القديم المؤيدين للسيسي"، ذاهبا إلى أن "البرلمان في مجمله سيكون مؤيدا لسلطة قائد الانقلاب، ولن ينازعه سلطانه أو قراراته، مقابل تمريره مصالح أعضائه".

وتابع: "فكرة العسكرة لا تتقبل وجود صوت آخر إلى جوارها، فهي تريد أن تحكم منفردة بشكل مطلق وشامل".

بدوره؛ قال المتحدث باسم حزب الوطن، أحمد بديع، إن البرلمان المقبل "لن يكون معنيا بأهداف ثورة يناير، ولن يلتفت إلى دماء شهداء الثورة"، معللاً ذلك بكونه "يستمد شرعيته من سلطة انقلبت على أهداف الثورة".

وأضاف لـ"عربي21" أن "الكنيسة التي تحظى بدعم مالي ومعنوي من الداخل والخارج؛ ستكون لها الكلمة العليا مستقبلاً، وسيعض النظام على أصابعه ندما؛ لأنها ستكون مركز القرار"، مضيفا أن ذلك سيشكل "خطرا على الكنيسة والدولة في آن معا".

وتابع: "أما حزب النور؛ فلا يمثل إلا نفسه، فهو حزب موالاة، ولا علاقة له بالمعارضة".

مشاركة وتحذير


على الجانب الآخر؛ تُقبل الأحزاب المؤيدة لما يُسمى بـ"خارطة الطريق" على الانتخابات البرلمانية، وسط أجواء مفعمة بالرغبة في الحصول على أكبر قدر من المقاعد، في ظل غياب المنافس الأبرز جماعة الإخوان المسلمين.

وتؤكد هذه الأحزاب على نزاهة الانتخابات، ويقول عضو الهيئة العليا لحزب الوفد طارق التهامي، إن القيادة الحالية والأحزاب؛ يدركون تماما أنه لا مجال للتزوير، ولا عودة للوراء".

إلا أن التهامي حذر في حديثه لـ"عربي21" من تأثير المال السياسي على إرادة الناخبين، مطالبا اللجنة العليا للانتخابات بمتابعة حجم الإنفاق لكل مرشح، "هناك من هو مستعد لدفع 30 مليون جنيه لضمان فوزه بمقعد عن دائرته".

أما حزب النور، الذراع السياسي للدعوة السلفية، الذي سيخوض الانتخابات البرلمانية رغم تحفظه على القوانين المنظمة لها؛ فقد حذر من إفراز برلمان "لا يعبّر عن تطلعات وآمال الشعب".

وقال نائب رئيس الحزب، محمد إبراهيم منصور، لـ"عربي21": "نحذر من وجود برلمان تحكمه العصبيات والمصالح الشخصية، في ظل غياب برامج حقيقية".

ومن جهته؛ شكّك حزب مصر القوية في مصداقية لجنة الانتخابات البرلمانية، وقال المتحدث باسمه أحمد إمام: "هذه اللجنة يحكمها التخبط، وتأتمر بأوامر النظام، وتفتقر إلى الشفافية في كل شيء، وهو ما ظهر بشكل واضح خلال مؤتمرها الأخير".

وألمح إمام في حديثه لـ"عربي21" إلى أن الحزب لن يخوض الانتخابات المقبلة، مؤكدا أن البرلمان المقبل "سيكون للبحث عن الوجاهة والحصانة، وخدمة السلطة، والمصالح الشخصية، ولن يعبر عن هموم الشارع المصري بحال من الأحوال".