مقالات مختارة

الموضوع أكبر من «حماس»

1300x600
ما هي مشاعر العرب ووجدانهم وهم يرون العصابة المحتلة تمزق أجساد الفلسطينيين، من دون تمييز بين نساء أو أطفال أو مدنيين، هذا مع توقع تصفية العسكريين كأمر مسلّم به؟

للأسف الشديد، استطاعت الآلة الإعلامية الجبارة وعياً ومن دون وعي أن تصرف اهتماماتنا أو تصنفها أو تشكلها بحسب ما تريد، لا كما نريد، ولا كما هو من المتوقع من كل مواطن عربي أن يعمل.

اختلفت الاهتمامات وأصبحت أموراً ترفيهية حياتية، الرياضة والفن -مثلاً- أهم من آلاف الأطفال الذين يذهبون ضحية الهوس السلطوي أو الاستعماري، سواء أكان في فلسطين أم سورية أم اليمن أم العراق أم ليبيا.

ولست ضد هذه الاهتمامات، بل أشجعها وأعتبرها شيئاً أساساً في حياة شبابنا، ولكن أن تكون على رأس هذه الأوليات، وعلى حساب كوارث تحدث بالقرب منا، من دون أن نحرك ساكناً ومن دون أن تذرف لنا دمعة، فهذا حقاً كثير.

في الأعوام الأخيرة ربط الكثير بين ما يعمله ميسي الأرجنتيني وما يقال عن تعاطفه مع العدو المحتل وبين رونالدو البرتغالي وما يذكر عن تعاطفه مع الفلسطينيين وقضيتهم، وكان مثيراً للاهتمام أن المدافعين عن ميسي يحاولون نفي علاقته بكل الطرق، وإن أعيتهم الحيل حاولوا ألا يلوموه، وإن لم يجدِ هذا بدؤوا يهاجمون الفلسطينيين، ولكن أن يمس لاعبهم المفضل كلا وألف كلا.

إذاً غدونا كتلة من العجين تتشكل إعلامياً كما يرى صناع الإعلام أو الرأي أو السياسة، وهذا يعني أن هؤلاء الرموز سيصبحون مستقبلاً وسيلة فاعلة لصناعة الرأي وتشكيل «لوبي» مهم للرأي العام.

طبعاً هذه الطريقة سلاح ذو حدين بالنسبة للرجل أو المرأة، فبالقدر الذي نراه ينتج مفعولاً مؤثراً لجماعة معينة، فإنه في المقابل يخسر شريحة أخرى، ومن دون شك يظل في المحصلة الأخيرة، أن العدالة ستصب في مصلحة صاحب الحق مهما أخرتها عوامل أخرى، فكذا تعلمنا من التاريخ.

النموذج -آنف الذكر- انتقل إلى السياسة وأصبح محاكاة لميولنا واهتماماتنا، وغدت الآلة الإعلامية الجبارة تبث رسائل خطرة للأجيال الجديدة عن الصواب والخطأ والعدالة والظلم بمفهوم مصالح الاستعماريين لا وفق المنظور الإنساني.

وعودة إلى موضوع «حماس» والعدو المحتل، فقد كان من الواضح أن هناك أقلاماً تصور الأمر وكأنه معركة شخصية بين «حماس» والعدو دونما ذكر للفلسطينيين، وهذا افتراء صارخ. فـ«حماس» وإن كانت كأية منظمة لها إيجابياتها وسلبياتها إلا أن موقفها من القضية الفلسطينية يجب أن يلقى مساندة من كل عربي لديه إحساس بهذه القضية القومية.

نعم تحدث خلافات بين الفلسطينيين أنفسهم فصائلهم أو قياداتهم، ولكن كل هذا لا يعني أنهم ليسوا في بوتقة واحدة ضد محتل غاصب.

ولقد كان من المؤلم أن تنخدع وسائل الإعلام بأن القضية عبارة عن ثلاثة أشخاص قد قتلوا أو اختفوا من الذين ينتمون للمحتل، فأسلوب المحتل كان واضحاً وصريحاً، وهو البحث عن أي مبرر مهما كان لممارسة عملية القتل اللذيذ الذي أصبح عادة يومية لديهم.

فهل استهداف مدرسة أو مستشفى أو سيارة إسعاف من عمل جيش دولة أو يليق بعصابة محتلة؟ وما يثير الغضب العارم أن تبريرهم ضرب المستشفى هو أن هناك صواريخ تطلق على بعد 100 متر منه، فهل هنالك صفاقة أكثر من ذلك؟

الشعب الفلسطيني الشقيق، وبتاريخ نضاله الكبير يحتاج إلى وقفة من جميع القوى النبيلة في كل دول العالم، وأعتقد أننا نحن العرب يجب أن نتبنى ونقود هذا الدعم، لا أن نساند العدو في مبرراته الوقحة لتصفية الفلسطينيين بدم بارد.