عبر
خبراء أمريكيون عن تشاؤمهم فيما يتعلق بمستقبل الديمقراطية والاستقرار في
مصر بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المتوقع أن يفوز بها قائد الانقلاب العسكري ووزير الدفاع السابق عبد الفتاح
السيسي.
وحاور مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي مجموعة من أبرز خبراء الشرق الأوسط الأمريكيين حول تصورهم لما سيحدث في مصر بعد الانتخابات الرئاسية، وما إذا كانت ستجلب أي تحسن في معيشة الشعب المصري وفي تحقيق أهداف ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
حيث عبر الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، عن شكه في احتمالية تحول مصر نحو الديمقراطية، قائلا إن تحقق حلم الديمقراطية في مصر أصبح أبعد من مما كان عليه من قبل، وأن السيسي لا يملك حلولا للأزمات الحالية في مصر مثل التوتر الأمني في سيناء، والأزمة على الحدود مع ليبيا، والتي تسمح بتهريب الأسلحة، واحتمالات الملاءة المالية، والاحتجاجات الشعبية المتصاعدة.
وتوقع كوك أن يلجأ السيسي إلى العنف في محاولة للسيطرة على الأمور، ولكن هذه السياسة "لن تجدي نفعا وسوف تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، وفي حالة نجاحها ستكون مصر تحولت رسميا إلى نظام استبدادي، وفي كلا الحالتين سيكون الشعب المصري هو الطرف الخاسر"، على حد قوله.
أما مدير برنامج شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إساندر العمراني، فقال أن السيسي اعترف في أحد حواراته أنه ليس لديه ما يقدمه للشعب المصري، وهذا في رأيه "صراحة وحشية"، ويوضح أن النجاح الاقتصادي لابد أن يصحبه إصلاحات سياسية.
وأضاف أن هناك مسائل ستحدد مستقبل مصر ما بعد السيسي أهمها اثنتين هما "كيف سيتعامل مع الشرخ الحادث في المجتمع المصري بعد عزل مرسي، وما إذا كان قمع الإخوان سيعيق الإصلاح والانتعاش الاقتصادي"، حيث يستبعد العمراني أي إصلاحات اقتصادية حقيقية في ظل القمع المستمر لجماعة الإخوان.
وتساءل العمراني أيضا "عمن سيختارهم السيسي للعمل في فريقه"، حيث يشعر القطاع الخاص بالقلق من النفوذ الواسع للجيش في الاقتصاد، ولازالت نفس المجموعات التي أعاقت الإصلاحات الجذرية في الماضي متواجدة بقوة في هيكل الدولة المليء بالفساد.
أما مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة "فريدوم هاوس" الأمريكية، تشارلز ضان، فقال إن الانتخابات القادمة "سوف تقتل حلم الديمقراطية، وتزرع بذور ثورة جديدة في مصر".
وتابع بأن السبب في ذلك يرجع إلى أن السيسي قاد انقلابا عسكريا ضد رئيس منتخب وحبس عشرات الآلاف من المصرين بدوافع سياسية، وقتل المئات وقيد الحريات الأساسية.
كما تعتقل السلطات المصرية كل من ينتقد النظام حتى بشكل ناعم، وتضطهد الأقليات الدينية، وتجرم قوانين مكافحة الإرهاب أي تواصل مع الإخوان بما في ذلك مع الصحفيين، كما تم حظر حركة 6 إبريل، والحكم بالإعدام بحق ما يزيد عن 700 شخص.
وأوصى ضان الحكومة الأمريكية بعدم التغاضي عن الانتهاكات التي يمارسها النظام الانقلابي في مصر، قائلا إن "الدعم غير المشروط للنظم السلطوية سيضر بسمعة الولايات المتحدة، ولن يحقق مصالحها في الاستقرار".
وأوضح أن الرضوخ الأمريكي للنظام العسكري في مصر يضر بمصالحها جميعا، بما في ذلك السلام مع إسرائيل ومكافحة الإرهاب، وحرية المرور عبر قناة السويس.
ويرى أن الولايات المتحدة لابد أن توقف المعونة العسكرية لمصر، والتي لا يغني عنها الدعم الخليجي لما تتميز به من جودة خاصة.
وقال الباحث في مؤسسة "القرن" الأمريكية، مايكل وحيد حنا، إن دائرة العنف في مصر دمرت فرص الاستقرار الاقتصادي، وزادت من حدة القومية المصرية المعادية للتيارات الإسلامية.
وأضاف أنه من غير المتوقع أن تستطيع مؤسسات الدولة بشكلها الحالي أن تجلب الاستقرار في مصر وأن السيسي سيواجه صعوبة في السيطرة على هياكل الدولة، ولكنه إذا أراد تحقيق أي تقدم ينبغي عليه أن يروض جهاز الشرطة المستبد، وأن يفرج عن آلاف المعتقلين بدون وجه حق، وأن يسمح بوجود معارضة حقيقية، ثم يعيد دمج الإسلاميين في الحياة السياسية.