قال الكاتب
الفلسطيني رمزي بارود إن تحركات القيادي المفصول من حركة
فتح محمد دحلان تشير إلى استغلاله علاقاته الاستخبارية الإسرائيلية والأمريكية للتخطيط لعودته.
وأوضح بارود في مقال نشر على صحيفة ميدل إيست آي بعنوان "عودة دحلان" أنه كان أقوى أعضاء "عصابة الخمسة" من قيادات فتح إبان حصار رئيس السلطة ياسر عرفات في مقر المقاطعة برام الله عام 2002.
وتساءل بارود كيف يمكن لدحلان "المتهم بجرائم شنيعة خلال سيطرته على
غزة أن يبقى شخصية مهمة؟ فهو متهم بالتعذيب ومتهم بالتجسس لصالح إسرائيل ومتهم بالاغتيال نيابة عنها".
ويؤكد بارود أن ميليشيات فتح التابعة لدحلان و"عصابة الخمسة" قامت للتأكيد على أن للحركة قيادة جديدة فبحسب تقرير لوكالة يو بي آي في وقتها فإن عصابة الخمسة "وضعت فصيل جبريل الرجوب في الظل"، وأضافت الوكالة "قام رجال دحلان بتأديب أزلام الرجوب".
وتألفت عصابة الخمسة من دحلان ووزير المنظمات غير الحكومية، حسن عصفور وكبير المفاوضين، صائب عريقات ومحمد رشيد ونبيل شعث. وقد ظهر اسمي عصفور ورشيد حديثا بتهم القتل والفساد.
وأوضح أن هذه المجموعة تدعو للعودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل وإنهاء الانتفاضة وإعادة هيكلة الأمن في مؤسسة واحدة يقودها دحلان وتتعاون معها وكالة الاستخبارات المركزية والمخابرات الأردنية والمصرية والسعودية.
وقال بارود إن الكثير من الفلسطينيين يزعجهم رؤية فصيل واحد، فتح، بل مجموعة من الحركة، التي كانت ثورية يوما ما، يتحكمون بالقرار السياسي الفلسطيني بالإضافة إلى الشؤون الاقتصادية وغيرها.
ويرى الكاتب أنه وعلى عكس الانتفاضة الأولى كان للانتفاضة الثانية التي بدأت في أيلول/ سبتمبر 2000 آثارا سلبية على المدى الطويل ومن هذه الآثار أنها أتاحت الفرصة لإسرائيل لتقوم بترتيب المشهد السياسي ما بعد الانتفاضة وما بعد عرفات بشكل يعطي امتيازات لحلفائها في الجانب الفلسطيني.
وأستثني دحلان ومحمود عباس الذي انتخب رئيسا عام 2005 لمدة خمس سنوات من حملات التطهير التي قامت بها إسرائيل والتي طالت قيادات
حماس والجهاد والجبهة الشعبية ولم تستثن قيادات فتح التي لعبت دورا في الانتفاضة.
وأشار إلى تحقيق لمجلة فانيتي فير الأمريكية في أبريل 2008 التي تحدثت عن محاولة الانقلاب على حكومة حماس المنتخبة في غزة مما أدى إلى نشوب حرب أهلية انتهت بسيطرة حماس على غزة وتسببت بالفرقة التي لا يزال الفلسطينيون يعانون منها.
ولفت إلى أن دحلان وقبل أن تطرده حماس من غزة قاد جهازا مؤلفا من 20 ألف رجل مخابرات وقاد مجموعة خاصة ممولة ومدربة من وكالة المخابرات المركزية وكان البعض يطلق على غزة سخرية "دحلانستان" ليعكس مدى سيطرته.
وقال بارود إنه وحتى بعد طرده من قبل حماس وفتح بقي اسمه يرتبط بالنزاعات الدموية في الشرق الأوسط، حيث اتهمه المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا عام 2011 بالتورط في شحنة أسلحة إسرائيلية وصلت إلى الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.
وأشار إلى أن الليبيين ذكروا اسم رشيد بينما وعدت فتح بالتحقيق خاصة أن رشيد كان عضوا باللجنة المركزية لفتح ولكن القضية كانت مجرد واحدة من التهم الموجودة على قائمة دحلان وتنتظر التحقيق.
وأوضح أنه وبعد 12 عاما تسلط الأضواء ثانية على عباس ودحلان فعباس البالغ من العمر 79 عاما، الرئيس المسن لسلطة تمتلك أموالا ولكن لا تمتلك سيادة أو نفوذا سياسيا (إلا ما تسمح به إسرائيل) بينما دحلان البالغ من العمر 52 عاما يعيش في المنفى في الإمارات بعد طرد حماس لأعوانه من غزة عام 2007 وطرد حركته لهم من الضفة الغربية عام 2011.
وقال إن دحلان الذي طرد عام 2011 من الضفة لاتهامه بتسميم عرفات فإنه الآن وبمساعدة أصدقاء إقليميين وباستخدام علاقاته القديمة مع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية يخطط من دون شك للعودة إلى الواجهة.
ولفت إلى أن عباس يعلم جيدا أن حكمه يواجه تحولا ليس بسبب كبر سنه فقط ولكن بسبب الصعوبة التي سيواجهها في ضبط الزمر المتنافسة في فتح عندما تفشل جهود السلام في نهاية أبريل كما هو متوقع.
ورأي الكاتب أنه وبينما يحاول دحلان بذكاء استخدام الثغرات لتأكيد أهميته في محيط سياسي طالما رفضه يقوم عباس بالهجوم على دحلان متوقعا مواجهة حاسمة ويرد عليه دحلان بنفس الأسلوب من خلال مساحة تبرع له الإعلام المصري بها.
وعودة الصراع بين دحلان وعباس يؤكد شكوك منتقدي فتح بشأن تحول دور قيادتها إلى التآمر مع إسرائيل للقضاء على المقاومة.
واعتبر أن كلا من عباس ودحلان يحاول تصوير نفسه بأنه المنقذ للفلسطينيين بينما يتهم الآخر بالتعامل مع إسرائيل وأمريكا ومعظم الفلسطينيين غير راض عما يحدث حتى أن موسى أبو مرزوق دعا كلاهما "للتوقف عن تبادل الاتهامات بما يخدم مصلحة إسرائيل، وقال إن حماس تنأى بنفسها عن المناكفات بين عباس ودحلان مع أن هناك قاسما مشتركا.."
والقاسم المشترك الذي أشار إليه أبو مرزوق يتمثل في الاتهامات الموجهة لدحلان من مشاركة في اغتيال صلاح شحادة عام 2002 وتسميم عرفات عام 2004، حيث أشار عباس لثلاثة عملاء عملوا لحساب إسرائيل وذكر دحلان وعصفور بحسب المقال.
وتساءل الكاتب اذا كان دحلان متهما بكل هذه الجرائم بعلم قيادات فتح ومسؤولي السلطة فلماذا استمروا في تسليمه مسؤوليات حساسة؟.
وأشار إلى أن توقيت عباس لتصريحاته ليس عبثا فهو يحس بأن هناك قوى إقليمية تسعى لزرع دحلان في المشهد السياسي الفلسطيني ثانية، فبالنسبة للسلطة في
رام الله فإن إقامة دحلان المريحة في الإمارات وزياراته لمقابلة مسؤولين عسكريين مصريين كبار وتوفر إمكانيات مالية كبيرة له وتكون مدعاة للقلق.
ووفرت القناة المصرية الخاصة دريم 2 منصة مفتوحة لدحلان في 16 آذار/ مارس ليشن هجومه المضاد على عباس وكيف أن عباس كان بمثابة نكبة للشعب الفلسطيني وكيف أن دحلان ربما كان سببا في هذه النكبة.
وعلق الكاتب بالقول إنه "من غير الواضح كيف كان لدحلان دور في إيصال عباس إلى السلطة ولكن الواضح أن الصراع بين الرجلين الذين تحالفا يوما ضد عرفات وصل إلى مستوى جديد".
يذكر أنه عندما داهمت حماس بيت دحلان في غزة عام 2007 اكتشفت كمية من الأسلحة غير المرخصة وكميات من الرصاص وصورا له مع مسؤولين عسكريين وأمنيين إسرائيليين كبار.
وقال إن مغامرات دحلان لا تتوقف عند تصريحاته ضد عباس، ولكن رجاله في جنوب سيناء متهمون بأنهم يعيثون فسادا في تلك المنطقة بحيث أصبحوا جزءا رئيسيا من حالة العنف في تلك المنطقة.
ولفت إلى أن زوجته توزع الأموال الطائلة على بعض الفلسطينيين في المخيمات في لبنان ويتوقع أن قصته مؤهلة للتطور وهي مرتبطة بالانقلاب العسكري في مصر ودور الإمارات في المنطقة.
وختم بالقول إن أعضاء فتح الذين لا يؤيدون عباس أو دحلان فيعتقدون أن على حركتهم استرجاع هويتها الثورية التي من أجلها أنشئت.