طالبت
السعودية مجلس الأمن الدولي بفرض وقف شامل لإطلاق النار في جميع الأراضي السورية وحظر استخدام الطيران الحربي والصواريخ والأسلحة الثقيلة لحماية الشعب السوري، وذلك في أول جلسة للمجلس تشارك فيها منذ اعتذارها عن عضويته كعضو غير دائم.
جاء هذا في كلمة ألقاها مندوب المملكة الدائم لدى
الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، أمام جلسة مجلس الأمن المخصصة دوريا لمناقشة بند الحالة في
الشرق الأوسط، مساء أمس الثلاثاء، والتي نشرت نصها وكالة الأنباء
السعودية الرسمية "واس".
وانتخبت السعودية، الخميس الماضي، عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، لأول مرة، لمدة عامين تبدأ في الأول من يناير/ كانون الثاني عام 2014.لكن المملكة أعلنت، الجمعة الماضي، عدم قبولها عضوية المجلس "حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين"، وهو الاعتذار الذي وصفه دبلوماسيون بأنه "الأول من نوعه".وقال المعلمي إن النظام السوري ما زال "مستمراً في شن حملة إبادة على الشعب السوري استخدم فيها كل أنواع
الأسلحة التقليدية وغير التقليدية وقتل بواسطتها قرابة مائة وعشرين ألف إنسان وهَجَّرَ ما يزيد على ربع سكان
سوريا (البالغين أكثر من 22 مليون نسمة) ".وبين أنه "بلغت به (أي النظام السوري) الجرأة إلى حد استخدام الأسلحة
الكيميائية ضد السكان العزل" في غوطة دمشق في 21 أغسطس/ آب الماضي.ورأى المعلمي أن النظام السوري "ينام الآن قرير العين، مطمئناً إلى أن هذا المجلس لن يتمكن من ردعه وإيقافه عند حده وحماية مواطنيه الذين تخلى عن مسؤوليته عن حمايتهم، وذلك بسبب الاستخدام المتكرر لحق النقض".وذكر أنه "عندما تحرك المجلس عقب مذبحة الغوطة التي ارتكب فيها النظام السوري جريمة قتل أكثر من ألف شخص بالأسلحة الكيميائية في أغسطس/ آب الماضي جاء الرد من المجلس قليلاً ومتأخراً، وانصرفت أنظار المجلس نحو الأسلحة الكيميائية وكيفية التخلص منها واختزلت قضية شعب يناضل من أجل حريته في جزئية الأسلحة الكيميائية".وأشار المندوب السعودي إلى أنه "آن الأوان لكي يضع المجلس حداً فاصلاً وسريعاً لمعاناة الشعب السوري، وألا يسمح للنظام السوري أن يستغل قرارات المجلس المتعلقة بعقد المؤتمرات ونزع الأسلحة الكيميائية وسيلة للمماطلة والتأجيل والتسويف".وأكد أن "تأخر المجلس في هذه المعالجة الحاسمة سوف يؤدي إلى تحول الحالة في سوريا إلى ملف يناقشه المجلس، شهراً بعد شهر، أو عاماً بعد عام، في الوقت الذي تتساقط فيه أجساد السوريين قتلاً أو تجويعاً أو تهجيراً."وطالب المعلمي باسم المملكة العربية السعودية مجددا بضرورة "معالجة الموقف في سوريا بشكل كامل وفوري دون قصر النظر على تداعيات جريمة الغوطة ونزع الأسلحة الكيميائية السورية".ودعا إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لفرض وقف شامل لإطلاق النار في جميع الأراضي السورية وحظر استخدام الطيران الحربي والصواريخ والأسلحة الثقيلة مع تبني آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة".وفيما يخص الوضع في الأراضي
الفلسطينية قال المعلمي إن "مجلس الأمن، ومنذ أكثر من ستين عاماً، وهو يواصل النظر في مأساة الشعب الفلسطيني في الوقت الذي لازالت فيه
إسرائيل مستمرة في انتهاكها للقوانين الدولية وفي إنكارها لحقوق الشعب الفلسطيني".واعتبر أن هذا الأمر "سمح لإسرائيل بالاستمرار في سياساتها الاستيطانية والاستمرار في احتجاز آلاف الأسرى، والاستمرار في انتهاك حرمة الأماكن المقدسة والاستمرار في تهجير المواطنين الفلسطينيين، خاصة في القدس الشريف، والاستمرار في سياسة الفصل العنصرية والتطهير العرقي، خاصة وأن تلك الانتهاكات تتم تحت أنظار مجلس الأمن ودون أن يتحرك المجلس ليتحمل مسؤولياته ويضع حداً للاحتلال الإسرائيلي الوحيد القائم في العالم بعد انتهاء عهود الاستعمار وانحسار سياسة التفرقة العنصرية".وتساءل المندوب السعودي: "أما آن لمجلس الأمن أن يتخلى عن التراخي في القيام بدور أكثر فعالية وإيجابية لحل القضية الفلسطينية؟ وأما آن لهذا المجلس أن يدرك أن استمرار
الاحتلال الإسرائيلي يشكل اليوم كما شكل عبر العقود الماضية تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين؟."وقال إن "السعودية التي كانت الراعي الأول لمبادرة السلام العربية تطالب مجلس الأمن الالتزام بمسؤوليته التاريخية والإنسانية والأخلاقية حتى لا يفقد العالم أمله في السلام وثقته في مؤسسات العمل الدولي المشترك".واختتم كلمته بدعوة مجلس الأمن إلى المبادرة في "استعادة ثقة شعوب العالم في مؤسسات العمل الدولي المشترك وعلى رأسها مجلس الأمن وأن تلتزموا بمسؤولية المجلس عن الأمن والسلم الدوليين وذلك عن طريق اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب وبالفعالية المناسبة ثم عن طريق تنفيذ ما يتخذه المجلس من قرارات دون إبطاء أو تسويف".ويعد مجلس الأمن أحد أهم أجهزة الأمم المتحدة، ويعتبر المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين، ولمجلس الأمن سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء؛ لذلك تعتبر قراراته ملزمة للدول الأعضاء.وتواترت في الفترة الماضية انتقادات لمجلس الأمن وآليات عمله ومطالب بإصلاحه على خلفية عدم تمكنه من حل الكثير من القضايا الدولية.