نشرت صحيفة
"
إزفيستيا" الروسية تقريرا يسلط الضوء على تطورات الأزمة بين الولايات
المتحدة وفنزويلا، واستعرضت آراء عدد من الخبراء حول السيناريوهات المحتملة خلال
الفترة القادمة.
وقالت الصحيفة في تقريرها
الذي ترجمته "
عربي21"، إن الضربات الأمريكية التي استهدفت سفنًا في
البحر الكاريبي خلال الفترة الماضية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 75 شخصًا.
وأضافت أن واشنطن تستعد
لإطلاق عملية جديدة تحمل اسم "الرمح الجنوبي"، في إطار ما تُطلق عليه
الولايات المتحدة حرب مكافحة المخدرات، حيث تعتبر أن كراكاس تتحمل مسؤولية مباشرة
عن تدفقها إلى الأراضي الأمريكية.
وفي وقت سابق صرّح الرئيس
الأمريكي دونالد
ترامب بأن سلسلة من الخطوات الجديدة بشأن
فنزويلا قد تم اتخاذها
بالفعل، من دون أن يكشف عن تفاصيل إضافية.
وحسب صحيفة "واشنطن
بوست"، يبحث البيت الأبيض إمكانية تنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي
الفنزويلية.
وتشهد المنطقة في الفترة
بين 16 و21 تشرين الثاني/ نوفمبر مناورات مشتركة بين الولايات المتحدة وجمهورية
ترينيداد وتوباغو، التي لا تبعد سوى 15 كيلومترًا عن السواحل الفنزويلية. ومن
المرتقب أيضًا وصول حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد فورد" إلى المنطقة
خلال الأيام المقبلة.
وقد وصف الرئيس الفنزويلي
نيكولاس
مادورو هذه التحركات بأنها "خطوة غير مسؤولة"، داعيًا الشعب
الأمريكي والرئيس ترامب إلى وضع حدّ لـ"الحروب التي لا تنتهي".
أوهام خطيرة
نقلت الصحيفة عن الخبير في
"نادي فالداي" أندريه كورتونوف أن تصعيد الضغط العسكري على فنزويلا
يتناقض مع مبدأين تؤكد عليهما إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سياستها
الخارجية.
ويشدد ترامب في العديد من
المناسبات على أنه على عكس رؤساء الولايات المتحدة السابقين لا يطلق حروبا جديدة،
بل يسعى إلى إنهاء النزاعات القديمة. كما وعد الأمريكيين والعالم بأسره بأن
الولايات المتحدة لن تسعى في عهده إلى تغيير الأنظمة السياسية أو الانخراط في
"تصدير الديمقراطية".
ويضيف كورتونوف:
"التخلي عن هذين المبدأين يستدعي تفسيرات مقنعة. أحد الأسباب المحتملة هو
الاعتقاد السائد في واشنطن بأن نظام نيكولاس مادورو بات يفقد نفوذها، وأن
التهديدات الصادرة عن البيت الأبيض قد تؤدي وحدها إلى انهيار سريع لحكومته. أما
التفسير الآخر، فهو الرهان على أن تتمكن الولايات المتحدة - كما حدث مع إيران في
حزيران/ يونيو الماضي - من تحقيق أهدافها عبر ضربات دقيقة داخل فنزويلا، من دون
الانزلاق إلى تصعيد واسع النطاق يحمل تبعات خطيرة".
ويتابع كورتونوف: "في
كلتا الحالتين نحن أمام أوهام خطيرة قد تُلحق الضرر بأمريكا اللاتينية والولايات
المتحدة على حدّ سواء".
الحرب الشاملة مستبعدة
من جانبه، يقول الباحث
المتخصص في الشأن الأمريكي إيغور توروبوف إن دونالد ترامب يواصل في سياسته
الخارجية لعب دور الوسيط الدبلوماسي أكثر من دوره كصانع قرار سياسي - بما في ذلك
في تعامله مع أنظمة مثل فنزويلا، التي لا تتوافق مع النموذج الديمقراطي الأمريكي
في بنية الحكم.
ويضيف توروبوف: "لا
يجد ترامب حرجا في استخدام القوة ضمن صفقاته الجيوسياسية. إلا أنه على عكس جورج
بوش الابن، يرى أن اللجوء إلى القوة العسكرية ينبغي أن يكون دقيقًا ومحدودًا
للغاية من حيث الزمان والمكان".
ويتابع قائلا: "كما
حدث في حالة إيران، لن تقع حرب شاملة بين الولايات المتحدة وفنزويلا. وفي أسوأ
السيناريوهات، يمكن أن يتوسع نطاق العمليات العقابية الاستثنائية ضد مجموعات
محدّدة في المياه الدولية وداخل الأراضي الفنزويلية".
الدافع الحقيقي للحرب
من جانبه يؤكد الخبير
العسكري جيريمي كوزماروف أنّ استطلاعات الرأي تُظهر بوضوح أن الأمريكيين لا يرغبون
في خوض حرب ضد فنزويلا، وكذلك جزء كبير من قاعدة ترامب الانتخابية.
ويقول كوزماروف: "إذا
اندلعت
الحرب ستتحول إلى مستنقع فيتنامي جديد وكارثة محققة، لأن الشعب الفنزويلي
سيتوحّد دفاعًا عن سيادته. الفنزويليون لا يريدون أن تفرض عليهم الولايات المتحدة
حكومة تبيع اقتصاد البلاد للأجانب. ما يقوم به ترامب غير مناسب على الإطلاق وغير
قانوني. إدارته تُسقِط سفنًا وتقتل أشخاصًا بدعوى تورطهم في تجارة المخدرات، من
دون تقديم أي أدلة أو إجراء محاكمات يمكن أن تثبت حقيقة تورط الضحايا".
ويضيف كوزماروف: "لم
تكن فنزويلا يومًا مركزًا لتهريب المخدرات؛ فالمكسيك وكولومبيا تلعبان دورًا أكبر
بكثير في هذا المجال، بينما للولايات المتحدة، عبر وكالة الاستخبارات المركزية،
تاريخ طويل في دعم تجار مخدرات مرتبطين بحكومات تخدم مصالح واشنطن الجيوسياسية".
ويختم كوزماروف مؤكدا أن
"الدافع الحقيقي وراء التحركات الأمريكية هو إيجاد ذريعة تسهل تغيير النظام
في فنزويلا، حيث تتولى السلطة حكومة اشتراكية استعادت السيطرة على ثروتها النفطية
وتسعى اليوم إلى تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية عن الولايات المتحدة".