قال المتحدث والمستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (أونروا)، الدكتور عدنان أبو حسنة، إنهم أعدوا خططا إغاثية طارئة في قطاع
غزة من أجل محاولة تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة في القطاع خلال مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
وأكد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الأوضاع الإنسانية في غزة اليوم صعبة وخطيرة جدا، وستستمر كذلك لفترة أيضا؛ فكثير من التعقيدات والتحديات ستستمر لمدة أطول بكل أسف، وهناك معاناة كبيرة تتعلق بالإيواء المؤقت، وتقديم المساعدات الغذائية، وعلاج مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعانون من سوء التغذية".
وزاد: "كما تتعلق المشكلات بالبنى التحتية، وبأساسيات الصرف الصحي وتحلية المياه، وبالعديد من المستشفيات"، منوها إلى أن "القطاع الصحي بأكمله يحتاج إلى عمل كبير جدا، ولا أحد يستطيع أن يقدم صورة وردية، ولكن سيكون هناك جهد كبير وعمل جبّار مستقبلا".
مساعدات جاهزة لدخول غزة
ولفت أبو حسنة إلى أن "
الأونروا لديها 6 آلاف شاحنة مُحمّلة بالمساعدات جاهزة للدخول إلى قطاع غزة، تحتوي على مواد غذائية وخيام وأغطية وفُرُش وأدوية، وقد تم شراؤها بمئات الملايين من الدولارات"، مضيفا: "المواد الغذائية الموجودة لدينا في هذه الشاحنات، التي تنتظر منذ شهور على أبواب قطاع غزة، تكفي سكان القطاع لمدة ثلاثة شهور تقريبا".
واستدرك قائلا: "لكن الأمم المتحدة تتحدث عن 170 ألف طن من المساعدات، يجب أن تدخل خلال شهرين، ومع ذلك لن تكون هذه الكميات كافية. نحن نتحدث عن مجتمع تم سحقه تماما، سواء على مستوى بنيته التحتية، أو على مستوى القطاع الصحي، أو القطاع الغذائي، أو قطاع الدعم النفسي".
وواصل حديثه بالقول: "كما نتحدث عن مدارس دُمّرت بصورة شبه شاملة؛ إذ تم تدمير 90% من المدارس بصورة كبيرة، والجامعات والمعاهد المتوسطة سُحقت تماما"، لافتا إلى أن هناك 8 آلاف مدرس و660 ألف طفل يعيشون بين الركام.
وأكمل: "نحن نتحدث عن إعادة الحياة إلى كل منظومات الحياة في قطاع غزة؛ فنحن بحاجة إلى عشرات الآلاف من الخيام، وإلى بيوت متنقلة أيضا، من أجل القيام بعملية الإيواء المؤقت، حتى نتمكن فعلا من استئناف عملية الإنعاش المبكر في القطاع".
وأضاف: "الأونروا سيكون لها بالتأكيد دور رئيسي وهام خلال المرحلة المقبلة، لأنها الجسد الوحيد الذي بقي متماسكا داخل قطاع غزة حتى الآن، ولديها 12 ألف موظف في قطاع غزة، بالإضافة إلى آلاف العاملين في قطاعات توزيع المواد الغذائية، والقطاع الصحي، والدعم النفسي، وجمع النفايات الصلبة، وصحة البيئة، ومختلف تخصصات الأونروا".
وزاد: "نحن أعددنا خططا لعملية توزيع المواد الغذائية لأننا نملك الخبرة الكبيرة في هذا المجال، ونملك الموظفين، ونملك الأسماء أيضا، ونملك القدرة على كيفية الوصول إلى التجمعات السكانية في قطاع غزة. في شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضيين أنشأنا 400 نقطة لتوزيع المواد الغذائية، واستطعنا الوصول إلى مليوني فلسطيني وتزويدهم بانتظام بالمواد الغذائية خلال 10 أيام".
خطط جاهزة
واستطرد قائلا: "كما لدينا خطط جاهزة للتنفيذ تتعلق بالتعليم، واستئناف العملية التعليمية، لأن سنتين من أعمار هؤلاء الطلاب ضاعت، وقبل ذلك أيضا سنتان بسبب جائحة كورونا. لذلك تجد أطفالا في عمر عشر سنوات في قطاع غزة لا يعرفون القراءة والكتابة، وهذه العملية يجب أن تُستأنف فورا، بالتعاون مع وزارة التعليم الفلسطينية، وبالتعاون مع الشركاء على الأرض، ونحن مستعدون أن نبدأ هذه العملية في مساحات تعليمية سواء في مراكز الإيواء، أو خارج مراكز الإيواء، أو حتى في خيام، كما بدأنا في عام 1950".
وعلى صعيد التحديات التي تواجه المنظمات الإغاثية والإنسانية في غزة خلال الفترة المقبلة، قال: "قد تكون إحدى المشاكل الكبرى التي تواجه المنظمات الإنسانية، وحتى سكان قطاع غزة، هي وجود عشرات الآلاف من المقذوفات التي قد تكون غير منفجرة أو انفجرت جزئيا. لذلك، فإن هذه عملية تحتاج إلى فرق كثيرة، سواء من الأمم المتحدة أو من خارجها، للتعامل مع الألغام والمتفجرات".
وتابع أبو حسنة: "بالنسبة لمراكز الإيواء وتوزيع المساعدات، نحن وأطقم الأمم المتحدة العاملة في هذا الإطار نقوم بتأمينها من ناحية وجود الألغام أو المتفجرات ومسحها، لضمان أن يكون هذا المكان مؤمنا لقدوم الناس إليه، وهذا ما فعلناه في السابق، وما سنفعله الآن، أما بالنسبة للمدارس فسيتم إعادة فتحها ولو جزئيا إذا تم إخلاؤها من النازحين".
وأردف: "لدينا خطط أيضا بالنسبة لعملية تشغيل عيادات الأونروا، حيث لدينا 22 عيادة مركزية في مختلف مناطق قطاع غزة. أثناء الحرب، كان حوالي 6 من هذه العيادات يعمل، إلى جانب نحو 30 نقطة طبية متحركة، ولكن اليوم نحن نسير باتجاه إعادة تأهيل جميع أو معظم هذه العيادات حتى نستطيع تقديم الخدمة الصحية الأولية المناسبة، لأن هناك اعتمادا كبيرا من الفلسطينيين على الأونروا".
وأشار إلى أن "عدد الزيارات الصحية لعيادات الأونروا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى الآن بلغ حوالي أكثر من عشرة ملايين زيارة طبية، ونحن بحاجة إلى إدخال معدات طبية، وإدخال مختبرات، وإعادة إعمار ولو بصورة جزئية لبعض الأماكن في هذه العيادات، وإعادة تشغيلها، أو حتى إيجاد أماكن بديلة عند الحاجة".
وشدّد على أن "الصحة والتعليم هما أولوية قصوى بالنسبة للأونروا؛ فهما بالمناسبة البرنامجان اللذان قامت عليهما الأونروا وتفويضها منذ عام 1950 حتى هذه اللحظة".
لا غنى عن الأونروا
وحول موقف الاحتلال من الأونروا في مرحلة ما بعد الحرب، قال إن "إسرائيل دائما ما تحاول إلغاء الأونروا وتصفية دورها لأسباب سياسية، على أساس أنه إذا تم تصفية الأونروا، فإن إسرائيل تعتقد بأنه سيتم بذلك تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي تصفية معايير الحل السياسي القادم.. هكذا يفكرون ويتوهمون".
وتابع: "هناك عناد للواقع على الأرض؛ فالأونروا هي الموجودة ولا يمكن مطلقا الاستغناء عنها ولا عن خدماتها. الجميع يعرف، من منظمات إنسانية وغير إنسانية، أن الأونروا موجودة في العملية التعليمية، ومتواصلة في عملية العلاج، وعيادات الأونروا مستمرة، وكذلك لها دور ملموس في جمع النفايات الصلبة، وتقديم المياه، والدعم النفسي. فقط منعونا من عملية توزيع المواد الغذائية، ولكننا نعتقد أننا عائدون بقوة إلى عملية التوزيع، لأنه لا يمكن الاستغناء عن هذا الدور على الإطلاق، لأنه بدون الأونروا ستكون فوضى شاملة".
وأوضح أن "مؤسسة غزة غير قادرة على مواصلة العمل في غزة خلال المرحلة المقبلة، ونحن نتوقع إغلاقها قريبا. هم مجموعة من العسكريين المتقاعدين الذين ليست لهم أي علاقة لا من قريب أو بعيد بالعمل الإنساني، ولا بقيم وأجندات العمل الإنساني القائمة على الحيادية والاستقلالية والشفافية".
وذكر أبو حسنة أن "مؤسسة غزة الإنسانية هي منظمة قامت لتنفيذ أجندة عسكرية سياسية تستهدف دفع الفلسطينيين إلى جنوب قطاع غزة من أجل الحصول على الطعام، تمهيدا لترحيلهم، وهذا السيناريو الخبيث فشل على أرض الواقع، ولذلك نعتقد بأنه سيتم تفكيك هذه المنظومة القاتلة خلال الأيام القادمة".
ولفت إلى أن "اتفاق وقف إطلاق النار المُعلن ينص على أن تعود منظومة الأمم المتحدة إلى العمل داخل غزة. لذلك، لن يكون هناك لزوم لذهاب الفلسطينيين لتسلّم المواد الغذائية، وقد يتعرضون للقتل أو الإصابة بجراح كما حصل مع الآلاف من الفلسطينيين خلال الفترة الماضية".
تخفيف الأعباء الإنسانية
وعبّر عن أمله في أن "يتم تطبيق وقف إطلاق النار بشكل مستدام، وأن تكون هناك خطوات وترجمة حقيقية على الأرض، حتى نستطيع من خلالها أيضا تخفيف الأعباء والمشاكل الإنسانية التي واجهت أكثر من مليوني فلسطيني في عمليات نزوح مستمرة".
ونوّه إلى أن "بعض الفلسطينيين تعرّضوا لأكثر من 15 مرة لعمليات النزوح، وبعضهم نزح 20 مرة. يُضاف إلى ذلك حجم الدمار الهائل؛ إذ تم تدمير أكثر من 80% من المنازل والبيوت والبنى التحتية في قطاع غزة. لقد دُمّرت هذه البنى تدميرا شاملا وغير مسبوق في بعض المناطق مثل رفح وشرق خانيونس وبيت لاهيا وبيت حانون وخان يونس، حيث تم تدمير 100% من البنى التحتية والطرقات والمنازل بصورة شاملة، والحملة الثانية التي قامت بها إسرائيل في مدينة غزة دمّرت معظم المدينة ولم يبقَ مكان يستطيع أحد أن يتحرك به".
وختم أبو حسنة حديثه بالقول إن "المطلوب اليوم هو مساعدات كبيرة ومتنوعة جدا، وليس فقط مساعدات كما كان في السابق بأعداد تتعلق بالمواد الغذائية أو المياه، بل المطلوب أكثر من ذلك بكثير، والمطلوب فقط من الجانب الإسرائيلي هو السماح بإدخال المساعدات في هدوء وسلام، وليتركونا بعد ذلك لننفذ هذه العمليات الإغاثية الطارئة بسرعة كبيرة".
والخميس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، توصل إسرائيل وحركة "حماس" لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ المصرية، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.
ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل، حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس (09:00 تغ)، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجرا.
ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، وعدم عودة حركة حماس إلى حكم غزة.