صحافة إسرائيلية

ماذا تعرف عن صاحب فكرة تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟

تتضمن خطة بيلزمان إخلاء قطاع غزة بالكامل من سكانه - جيتي
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً بتصريحاته حول مستقبل قطاع غزة، حيث طرح فكرة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وتحويل القطاع إلى ما وصفه بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".

 وكشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في تقرير لها أن البروفيسور جوزف بيلزمان، أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن، ورئيس مركز التميز للدراسات الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو من صاغ هذه الخطة وقدمها لفريق ترامب منذ عام 2024.

وأشارت الصحيفة إلى أن بيلزمان يرى أن الدمار الهائل الذي لحق بغزة يجعل إعادة إعمارها أمراً مستحيلاً في ظل الوضع الراهن، مؤكداً أن أي جهة استثمارية خاصة أو دولية لن تخاطر بالدخول إلى القطاع في هذه الظروف. وترتكز الرؤية الاقتصادية التي قدمها بيلزمان على ثلاثة قطاعات رئيسية هي: السياحة، الزراعة، والتكنولوجيا.

وتتضمن خطة بيلزمان إخلاء قطاع غزة بالكامل من سكانه، وإعادة تدوير الخرسانة المُدمرة لاستخدامها في مشاريع لاحقة، مع التأكيد على عدم بقاء أي أثر للبنى التحتية العمودية أو الأنفاق التي كانت تُستخدم من قبل حركة المقاومة الإسلامية حماس.

كما تقترح الخطة تحويل غزة إلى منطقة تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية، مع إنشاء شبكة سكك حديدية وموانئ جوية وبحرية، لضمان استقلاليتها عن الاحتلال الإسرائيلي في مجال الطاقة.

ووفقاً لتقديرات بيلزمان، فإن تكلفة إعادة إعمار غزة بشكل كامل ستتراوح بين 1 إلى 2 تريليون دولار، وقد تستغرق عملية الإعمار ما بين 5 إلى 10 سنوات.

وتتخيل الخطة تحويل الجانب الغربي من القطاع المطل على البحر إلى منطقة سياحية تضم مطاعم وفنادق ومرافق فاخرة، بينما يُخصص الجانب الشرقي للمباني السكنية التي قد تصل إلى 30 طابقاً، مع تخصيص المناطق الوسطى للزراعة والدفيئات.

كما يقترح بيلزمان إلغاء النظام المالي التقليدي في غزة بعد إعادة الإعمار، والاستعاضة عنه بشبكة إلكترونية للتبادل المالي، تكون جزءاً من نظام اقتصادي يراقب تدفق الأموال من الخارج.

وفيما يتعلق بالتعليم، تركز الخطة على تطوير مناهج تعليمية تُحارب التطرف، مع الاستفادة من خبرات بعض الدول في تصميم برامج تعليمية متكاملة لجميع المراحل الدراسية.

يأتي ذلك في وقت أشار فيه ترامب إلى أن تنفيذ هذا المقترح لا يحتاج إلى عجلة، مما أثار تساؤلات حول مدى إدراكه لتداعيات مثل هذه الخطط على الصعيدين الإنساني والسياسي.

وكشف المؤرخ الإسرائيلي كوبي باردا عن هذه الخطة خلال بودكاست "أميركا بايبي" في آب/أغسطس الماضي، وفقًا لموقع "زمان يسرائيل". وأوضح بيلزمان في مقابلة مع باردا أنه أعد الخطة من منظور اقتصادي، متناولًا كيفية التعامل مع "اليوم التالي" في غزة، ونقلها إلى مستشاري حملة ترامب الذين أبدوا اهتمامًا بها.

وأشار بيلزمان إلى أن اقتصاد غزة وصل إلى أدنى مستوياته، حيث بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2007 و2022 نسبة 0.4% فقط، بينما انخفض نصيب الفرد بنسبة 2.5% سنويًا بسبب الزيادة السكانية الطبيعية، وذلك استنادًا إلى بيانات البنك الدولي.

فيما يتعلق بتهجير سكان غزة، اقترح بيلزمان أن يصدر الجيش الإسرائيلي بطاقات بيومترية لجميع سكان القطاع للحصول على معلومات فورية عند تنقلهم، مدعيًا أن هذا الإجراء سيساعد في التمييز بين المدنيين والمسلحين.

تتضمن الخطة، المنشورة على موقع CEESMENA، نموذج BOT الذي يسمح للشركات الخاصة بالمشاركة في الاستثمار إلى جانب هيئات دولية، مقابل حصولها على استئجار أراضٍ لمدة خمسين عامًا، وبناء وإدارة مشاريع طوال هذه الفترة، على أن تُسلم في نهايتها إلى هيئة عامة.

كما أكد بيلزمان، خلال مقابلة أجراها قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، أنه في حال فوز دونالد ترامب بالرئاسة، سيكون بإمكان الأخير إقناع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بالموافقة على تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر، مقابل تقديم مساعدات أمريكية تساعد القاهرة في التعامل مع دينها القومي، الذي بلغ في ذلك الوقت 155 مليار دولار.

وصرح بيلزمان بأن "مصر دولة فاشلة اقتصادياً، وهي على شفا الإفلاس، مما يضطرها إلى قبول المساعدات من مختلف دول العالم. وما يتعين على مصر فعله هو السماح للغزيين بالعبور إلى أراضيها، ومن هناك يمكنهم الانتشار إلى بقية أنحاء العالم، سواء بالبقاء في سيناء أو الانتقال إلى دول مثل تونس".

وأضاف أن شكل الحكم المستقبلي في غزة يجب أن يكون على نمط "مدينة-دولة"، تتمتع بحاكم محلي وانتخابات محلية، لكن دون سيادة كاملة أو جيش أو علاقات خارجية.

ووصف بيلزمان هذه المدينة المستقبلية بأنها "مدينة عملاقة منزوعة السلاح، تعتمد على شبكة مواصلات كهربائية، وزراعة صديقة للبيئة، وسياحة متطورة، ونظام تعليمي مختلف تماماً عن النظام الحالي".

وأكد بيلزمان أن "التعاون مع حكم حماس في قطاع غزة لن يجدي نفعاً، بل يجب تصفية جميع عناصرها"، معتبراً أن "حماس لن تتنازل أبداً عن سلطتها، فهم مجرد رجال عصابات يسعون للسيطرة، ولن يعترفوا بإسرائيل أبداً". وأعرب عن أمله في أن "يكون المختطفون على قيد الحياة، وأن يتم التخلص من حماس بشكل نهائي".

يُذكر أن أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة لم يُستشاروا في هذا المخطط المثير للجدل، الذي أعلن ترامب عزمه على تنفيذه. كما أن المخطط، وكذلك تصريحات ترامب، لم تتطرق إلى الدول التي يمكن أن تستقبل المهجرين الغزيين، خاصة في ظل رفض جميع دول العالم، باستثناء إدارة ترامب والاحتلال الإسرائيلي، لهذا المخطط ورفضها استقبال أي مهجرين من غزة.