ملفات وتقارير

كيف أثر تعليق مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية على الدول العربية؟ (شاهد)

وصف ترامب الوكالة الأمريكية للتنمية بأنها "تُدار من قبل المجانين المتطرفين" - جيتي
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق تقديم المساعدات الخارجية الأمريكية "لأغراض التقييم" تفاعلات واسعة ومخاوف لدى فئات عربية تعتمد على المنح التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، خاصة في مجال التعليم.

ووصف الرئيس الأمريكي الاثنين٬ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بأنها "تُدار من قبل مجموعة من المجانين المتطرفين"، وذلك في أعقاب التقارير التي أفادت بوصول ممثلي وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE) إلى المقر الرئيسي للوكالة في العاصمة واشنطن، والاطلاع على بيانات المواطنين الأمريكيين والمساحات السرية.

وردًا على هذه التقارير، وجه الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي رسالة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو، مطالبين بإجابات واضحة حول هذه التطورات.

وعندما سُئل ترامب عن تعليقه على الأمر، قال للصحفيين: "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تُدار من قبل مجموعة من المجانين المتطرفين، ونحن نقوم بإخراجهم... إنها تُدار من قبل مجانين متطرفين، ونحن نعمل على إخراجهم، وبعد ذلك سنتخذ قرارًا بشأن مستقبلها".

وبعد توليه منصبه في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، أصدر ترامب قرارا بتجميد المساعدات الخارجية الأمريكية لمدة 90 يومًا "لإجراء تقييم شامل".

وفي خطوة متصلة، قرر وزير الخارجية الأمريكي، الاثنين الماضي، وقف جميع المساعدات الخارجية الممولة من قبل وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أو التي يتم تنسيقها عبرهما، وذلك لإجراء مراجعة شاملة.

ويذكر أن إدارة ترامب السابقة (2018-2021) كانت قد خفضت إنفاق المساعدات الخارجية، وعلّقت المدفوعات المخصصة لعدد من وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالإضافة إلى التمويل الموجه للسلطة الفلسطينية.

واقيات ذكرية
بررت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، وقف المساعدات الأمريكية الخارجية بادعاء أن الإدارة السابقة خصصت 50 مليون دولار لشراء واقيات ذكرية لقطاع غزة.

وقالت ليفيت في إحاطتها الصحفية الأولى، الثلاثاء الماضي، إن وزارة كفاءة الحكومة ومكتب الإدارة والميزانية وجدا "أن هناك ما يقرب من 50 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب تم تخصيصها لتمويل الواقيات الذكرية في غزة". وأضافت: "هذا إهدار مثير للسخرية لأموال دافعي الضرائب".


لم تظهر مراجعة أحدث البيانات المتاحة للعموم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) حول شحنات الواقيات الذكرية لعام 2023 أي دليل على وجود شحنة إلى غزة.

واتضح أن الشحنة الوحيدة إلى الشرق الأوسط في ذلك العام كانت بقيمة 45680 دولاراً إلى الأردن، وتم الإشارة إليها على أنها أول شحنة واقيات ذكرية إلى المنطقة منذ عام 2019.

ويظهر تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لعام 2023 أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 60 مليون دولار من وسائل منع الحمل والواقيات الذكرية على مستوى العالم، مع توجيه 89% من الأموال إلى أفريقيا، و9% إلى آسيا، و2% إلى أمريكا اللاتينية.

غوتيريش يطالب بـ"استثناءات إضافية"
وفي رده على هذه الخطوة٬ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه إزاء قرار الحكومة الأمريكية تعليق المساعدات الخارجية.

وقال المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، إن الأمين العام يطلب تقديم "استثناءات إضافية" لتوفير المساعدة للمجتمعات المحتاجة في جميع أنحاء العالم.

وأكد دوجاريك أن حياة هذه المجتمعات تعتمد على الدعم الإنساني، قائلاً: "غوتيريش قلق حيال القرار الأمريكي بتعليق المساعدات الخارجية".

وأشار إلى أن الأمين العام مستعد للمضي قدماً مع الإدارة الأمريكية الجديدة، مبيناً أن الولايات المتحدة هي واحدة من الدول التي تقدم أكبر قدر من المساعدات، وشدد على أهمية العمل معاً بشكل بناء.

ما هي الوكالة الأمريكية؟
والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) هي وكالة حكومية تعمل على تقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية لدول العالم بهدف دعم التنمية وتعزيز الاستقرار والأمن العالمي. وتأسست الوكالة عام 1961 بأمر من الرئيس الأمريكي جون كينيدي، وتتبع مباشرة لوزارة الخارجية الأمريكية.

أهداف الوكالة:
1.تعزيز التنمية الاقتصادية: من خلال دعم مشاريع البنية التحتية، وتمويل برامج التعليم، وتحسين الخدمات الصحية، وزيادة فرص العمل.

2.تقديم المساعدات الإنسانية: في حالات الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلحة، حيث توفر الغذاء، والمأوى، والرعاية الطبية الطارئة.

3. دعم الديمقراطية والحوكمة: عبر تعزيز المؤسسات الديمقراطية، ودعم الانتخابات الحرة، ومكافحة الفساد.

4. تحسين الصحة العامة: من خلال مكافحة الأمراض المعدية مثل الإيدز والملاريا، ودعم برامج التطعيم، وتحسين خدمات الرعاية الصحية.

5. تعزيز الأمن الغذائي: عبر دعم الزراعة المستدامة، وتحسين إدارة الموارد المائية، ومكافحة الجوع وسوء التغذية.

6. دعم التعليم: من خلال بناء المدارس، وتدريب المعلمين، وتوفير المواد التعليمية، خاصة في المناطق الفقيرة.

مجالات عمل الوكالة:
- الصحة: مكافحة الأمراض، تحسين خدمات الرعاية الصحية، ودعم برامج الصحة العامة.

- التعليم: تحسين جودة التعليم، ودعم برامج محو الأمية، وتمويل المنح الدراسية.

- البيئة: دعم مشاريع الطاقة المتجددة، وحماية البيئة، ومكافحة تغير المناخ.

- الاقتصاد: دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحسين البنية التحتية، وزيادة فرص العمل.

- المساعدات الإنسانية: تقديم المساعدات العاجلة في حالات الكوارث والنزاعات.

آلية عمل الوكالة:
تعمل الوكالة من خلال شراكات مع الحكومات المحلية، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية لتنفيذ برامجها. كما تقوم بتمويل مشاريع تنموية طويلة الأمد، بالإضافة إلى تقديم مساعدات طارئة في أوقات الأزمات.

تأثير التعليق على الدول العربية
وحول تأثير هذه الخطوة على الدول العربية٬ أوضح متخصصون في الشؤون الأمريكية أن قرار ترامب قد يزيد من الأعباء الاقتصادية على شرائح عديدة في المنطقة العربية، التي تعاني أصلاً من تحديات اقتصادية، خاصة مع توقعات بخفض كبير في حجم تلك المساعدات.

الأردن
كشفت مصادر أردنية مطلعة أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أبلغت الجهات التي تتعامل معها بأنها أوقفت التمويل مؤقتًا، وذلك في انتظار مراجعة كل تمويل جديد أو تمديده والموافقة عليه بما يتماشى مع أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

كما كشفت المصادر عن وقف عمل موظفي المشاريع الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الأردن، وذلك فور إعلان تعليق المساعدات الأمريكية الخارجية التي شملت المملكة. وأشارت إلى أن العاملين في هذه المشاريع يوقعون عقودهم مباشرة مع الوكالة الأمريكية، وهي المسؤولة عن دفع رواتبهم الشهرية، حيث تنتهي أعمالهم مع انتهاء المشاريع أو قرار تجميد تمويلها.

وفي أيلول/سبتمبر 2022 أعلنت الحكومة الأمريكية دعمها الأساسي للأردن من خلال توقيع مذكرة تفاهم تُلزم بتقديم مساعدات مالية سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للفترة من 2023 إلى 2029.

كما وُقّعت في كانون الأول/ديسمبر الماضي اتفاقية منحة مالية إجمالية قدرها 845.1 مليون دولار، لدعم ميزانية الأردن للسنة الحالية، وذلك بتوقيع وزيرة التخطيط، زينة طوقان، ومديرة بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ليزلي ريد.

وتأتي هذه الاتفاقية ضمن إطار برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية السنوية للحكومة الأردنية.

وفي تصريحات صحفية، أوضح نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني، أن قرار تعليق المساعدات لا يستهدف الأردن بشكل مباشر، مشيراً إلى أن المملكة قد حصلت على دفعتها الأخيرة من المساعدات، وأن الدفعة التالية ستُصرف بعد انتهاء فترة التعليق.

وأضاف العناني، الذي يُعد من أبرز المتعاملين بملف العلاقات الأردنية–الأمريكية، أن الأردن يجب أن يأخذ هذا القرار في حساباته وأن يستعد لأي تطورات مستقبلية قد تطرأ على الملف.

مصر.. استثناء التسليح
ارتابَت الحكومة المصرية عقب صدور قرار ترامب بتعليق تمويل المؤسسات المحلية والدولية. وجاء هذا القرار رغم استثناء المساعدات العسكرية لمصر، ما أحدث فوضى داخل الدوائر الأمريكية، وأثار مخاوف مصرية من صعوبة تمويل مشروعات مكافحة الفقر والمبادرات التعليمية والصحية التي كان يستفيد منها أعداد كبيرة من المواطنين محدودي الدخل.

وتتضمن أنشطة المعونة الأمريكية، وفقاً لمصدر من مؤسسة حقوقية، تمويل برامج لاستيراد السلع للفقراء، والتمويل النقدي، وأنشطة الدعم الفني التي تشمل توفير خبراء مهارات التنمية والتقدم المؤسسي.

كما يشمل ذلك إدارة الموارد البيئية، وتعزيز الحكم الرشيد، وإجراء الحوار المجتمعي، وتنمية المشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى تدريب القضاة والصحفيين والعاملين في وزارتي الصحة والسكان والتعليم الأساسي.

وفي تصريحات صحفية، أعلن وزير الخارجية الأمريكي عن استثناء التمويل العسكري الأجنبي للاحتلال الإسرائيلي ومصر، إضافة إلى النفقات الإدارية والرواتب اللازمة لإدارة التمويل العسكري.

كما تم استثناء المساعدات الإنسانية الطارئة التي تُدخَل إلى غزة لتنفيذ وقف إطلاق النار، والمناطق التي تواجه أزمات جوع في السودان وغيرها من الجهات المستهدفة بموجب القرار التنفيذي، الذي يهدف إلى مراجعة جميع النفقات الأمريكية في الخارج، من أجل تحقيق هدف "أمريكا أكثر أماناً وأكثر ازدهاراً".

كما نقلت وسائل إعلام محلية شكاوى طلاب مصريين مستفيدين من منح الوكالة الأمريكية، حيث تصدرت مقاطع فيديو ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي تعبيرات عن تضررهم من تجميد المنح، وذلك تحت وسمي "أنقذوا مستقبلنا" و"أزمة طلاب المنحة".