كتب

جورج حبش.. قصة فلسطيني في مواجهة الاحتلال.. كتاب جديد

شدد حبش على ضرورة التعلم من الأخطاء السابقة وإعادة التفكير في التكتيكات، معتبرًا أن هذا جزء من عملية التطور النضالي.
صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في العاصمة القطرية الدوحة ضمن سلسلة "ذاكرة فلسطين"، كتاب البدايات والرفاق والمصائر ـ حوار مع جورج حبش، الذي يُعَدّ قيمة مضافة إلى ما كُتب عن النضال الفلسطيني؛ إذ يجمع حوارات مهمة مع الأمين العام لـلجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جورج حبش، أجراها قبل خمس وثلاثين عامًا المناضلان الراحلان شريف الحسيني وسائدة الأسمر، ولم ترَ النور حتى اضطلع المركز العربي بالمهمة. 

"البدايات والرفاق والمصائر ـ حوار مع جورج حبش" هو كتاب حواري يوثق تجربة الزعيم الفلسطيني جورج حبش، مؤسس "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وأحد أبرز الشخصيات الثورية في النضال الفلسطيني والعربي. يعكس الكتاب سردًا شخصيًا وسياسيًا يتناول مسيرته النضالية، الأفكار التي آمن بها، وتحليله للأحداث المفصلية في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي.

يستعرض جورج حبش، مراحل مختلفة من حياته الشخصية والسياسية. ومن أبرز الموضوعات التي يتم التطرق إليها:

1 ـ جورج حبش

جورج حبش (1926-2008) هو طبيب فلسطيني تحول إلى قائد ثوري وسياسي بارز. كان من أبرز مؤسسي حركة القوميين العرب، قبل أن يؤسس لاحقًا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (PFLP) في عام 1967، التي تبنّت الفكر الماركسي اللينيني. لعب دورًا محوريًا في النضال الفلسطيني، خاصة في مرحلة العمل المسلح واختطاف الطائرات كأداة سياسية للضغط على إسرائيل وحلفائها.

2 ـ هيكل الكتاب

الكتاب قائم على صيغة الحوار المباشر، ما يسمح لجورج حبش بالحديث بحرية وتلقائية عن أفكاره، مسيرته الشخصية، وتحليل الأحداث الكبرى. الأسئلة التي طرحت عليه كانت ذكية ومحورية، حيث دفعت حبش للحديث عن قضايا لم يكن قد تناولها بشكل علني في السابق.

3 ـ المحاور والأفكار الرئيسية

أولًا ـ البدايات الشخصية والسياسية

النكبة (1948):

يعتبر جورج حبش أن النكبة الفلسطينية هي الحدث الفاصل في حياته. شاهد تهجير الفلسطينيين من مدينته اللد، ما جعله يدرك ضرورة التحول من العمل الأكاديمي إلى النضال السياسي.

يعترف حبش أن الحركات الثورية تمر بمنعطفات صعبة وأحيانًا تحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجياتها.
ذكر كيف أثّرت النكبة في صياغة رؤيته السياسية، حيث رأى أن المشروع الصهيوني ليس مجرد احتلال للأرض، بل هو مشروع استعماري استيطاني متكامل.

الدراسة في بيروت:

في بيروت، التحق حبش بكلية الطب، وهناك بدأت ملامح وعيه السياسي في التبلور، حيث انخرط في الحركات القومية الناشئة آنذاك. أسس مع زملائه "حركة القوميين العرب"، التي استهدفت توحيد العرب ضد الاستعمار ودعم النضال الفلسطيني.

ثانيًا ـ تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (PFLP)

بعد نكسة 1967، خلص حبش إلى أن المشروع القومي العربي فشل في مواجهة إسرائيل، فقرر تغيير المنهج. أسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي كانت ترى أن الكفاح المسلح والنضال الأممي ضد الإمبريالية هو الحل.

استخدمت الجبهة الشعبية تكتيكات جديدة مثل اختطاف الطائرات (كعملية اختطاف طائرة "العال" الإسرائيلية) بهدف لفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية. الجبهة تبنت خطابًا ماركسيًا راديكاليًا، داعية إلى تحالف الطبقات الشعبية في مواجهة الاحتلال.

ثالثًا ـ العلاقة مع التيارات الفلسطينية الأخرى

العلاقة مع "فتح" (ياسر عرفات):

يشرح حبش كيف تباينت مواقف الجبهة مع حركة فتح، خاصة فيما يتعلق بالتفاوض مع إسرائيل. رفض حبش "اتفاقية أوسلو" بشكل قاطع، واعتبرها خيانة للقضية الفلسطينية، معتقدًا أن المفاوضات مع إسرائيل ليست سوى وسيلة لتصفية النضال الفلسطيني.

في المقابل، كان يرى أن "العمل المسلح يجب أن يستمر"، معتبرًا أن المقاومة هي المسار الوحيد لتحقيق العدالة للفلسطينيين.

العلاقة مع "حماس":

رغم اختلاف الأيديولوجيات بين الجبهة الشعبية (ماركسية) و"حماس" (إسلامية)، إلا أن حبش رأى ضرورة وجود تعاون ميداني بين الحركات الفلسطينية. عبّر عن احترامه لنجاح حماس في تطوير أدوات المقاومة، لكنه انتقد بعض جوانب رؤيتها السياسية.

رابعًا ـ الأحداث الكبرى

الاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982):

استعرض حبش سقوط بيروت، واصفًا إياه بأنه أحد أكثر المواقف صعوبة في حياته السياسية. تحدث عن كيفية فشل المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي، وشرح القرارات التي تم اتخاذها في سياق محاولات الصمود داخل بيروت.

أشار إلى إخفاقات منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه دافع عن موقف الجبهة الشعبية في مواصلة الكفاح المسلح.

اتفاقية أوسلو (1993):

انتقد حبش بشدة "نهج التفاوض" الذي اتبعته منظمة التحرير مع إسرائيل. اعتبر أن أوسلو كانت بمثابة تسليم لإسرائيل دون مقابل، حيث منحت الشرعية للاحتلال وخلقت سلطة فلسطينية بلا سيادة حقيقية.

خامسًا ـ الفكر السياسي والتحولات الفكرية

من القومية إلى الماركسية:

كان حبش في البداية قومياً عربياً (من مؤسسي "حركة القوميين العرب")، لكنه انتقل لاحقًا إلى تبني المنهج الماركسي-اللينيني. اعتقد أن الماركسية توفر إطارًا أشمل لفهم العلاقة بين الاستعمار، الإمبريالية، والصهيونية، وأن الطبقات الكادحة في العالم هي الشريك الطبيعي للفلسطينيين في النضال.

الكفاح الأممي:

دعا حبش إلى تحويل القضية الفلسطينية إلى جزء من "النضال الأممي" ضد الإمبريالية، حيث لم يكن يرى أن النضال الفلسطيني يجب أن يقتصر على المنطقة العربية. أقام تحالفات مع حركات يسارية عالمية، مثل الجيش الأحمر الياباني.

سادسًا ـ  النقد الذاتي

أخطاء الماضي:

يعترف حبش بأخطاء استراتيجية ارتكبتها الجبهة الشعبية، خاصة في عمليات اختطاف الطائرات. قال إنه لم يكن دائمًا موافقًا على جميع تلك العمليات، لكنه دافع عن فكرة استخدام الإعلام العالمي كأداة في النضال.

دعا حبش إلى تحويل القضية الفلسطينية إلى جزء من "النضال الأممي" ضد الإمبريالية، حيث لم يكن يرى أن النضال الفلسطيني يجب أن يقتصر على المنطقة العربية. أقام تحالفات مع حركات يسارية عالمية، مثل الجيش الأحمر الياباني.
كما تطرق إلى الأخطاء التي ارتكبتها الحركة الفلسطينية ككل، مثل عدم التقدير الكافي لقوة إسرائيل العسكرية والسياسية.

خلاصات

الثورة ليست خطًا مستقيمًا: يعترف حبش أن الحركات الثورية تمر بمنعطفات صعبة وأحيانًا تحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجياتها.

وحدة الصف الفلسطيني ضرورية: رغم الخلاف الأيديولوجي مع "فتح" و"حماس"، دعا حبش إلى توحيد الجهود الفلسطينية لمواجهة الاحتلال.

التحالف مع حركات التحرر العالمية: أوضح حبش أهمية إقامة تحالفات مع الحركات الأممية لمواجهة الإمبريالية.

الوعي السياسي المستمر: شدد حبش على ضرورة التعلم من الأخطاء السابقة وإعادة التفكير في التكتيكات، معتبرًا أن هذا جزء من عملية التطور النضالي.