قال محامون وقضاة ونشطاء
تونسيون إن فرقة أمنية
ألقت القبض اليوم الإثنين على
القاضي حمادي الرحماني وعنفت
زوجته وصادرت هاتفها، قبل أن تطلق سراحه لاحقا.
وقرر عميد قضاة التحقيق إطلاق سراح الرحماني بحالة بعد إيقافه والتحقيق معه ظهر الاثنين .
وأكدت المحامية منية بوعلي لـ"عربي21" أنه تم التحقيق مع القاضي المعزول الرحماني على خلفية 6 ملفات مختلفة.
وأوضحت بوعلي أنه وتنفيذا لبطاقة توقيف الرحماني تم إيقافه والتحقيق معه ليتم إثر ذلك إطلاق سراحه.
تضامن واسع
في وقت سابق، كتب الديبلوماسي التونسي السابق عبد الوهاب
الهاني على صفحته على منصة "فيسبوك": "خطير جداً.. فرقة تقتاد
القاضي الرئيس حمادي الرحماني وتعنف زوجته وتفتك هاتفها، بعد نشره تدوينة حول
"عجايل تونس" حول الوضع المزري لنيابة الموزع الوطني للمحروقات
"عجيل" بمحطة سيدي خليفة وتدهور الخدمات على الطريق السيارة، بالإضافة
لمواضبته على نشر مقال يومي بعنوان "قضاء الرئيس" حول تراجع استقلالية
القضاء منذ حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي المنتخب وعزل 57 قاضيا ظلمنا وعدوانا
ورفض تنفيذ أحكام القضاء الإداري المنصفة في حقهم، بناء على وشايات كيدية في
أغلبها ممن أسماهم رئيس الجمهورية "الجهات المخولة" المتغولة".
وأضاف الهاني: "كل التضامن مع القاضي
الرئيس الرحماني ومع زوجته ومع قضاة الاستقلالية في وجه تغول "قضاء
الوظيفة" الذي تعينه "مذكرات العمل" لوزيرة التدابير الاستثنائية
للعدل ويسيره ديوانها الذي تفوح منه رائحة الفساد التي أدت لاعتقال وإقالة المكلف
بمأمورية في ديوانها قبل عزله من القضاء أصلا بتخريحة قبول استقالته.. كل التضامن
سيدي الرئيس".
من جهته كتب المحامي مراد مسعودي على صفحته
على "فيسبوك": "دعمي وتضامني المطلق صديقي وأخي حمادي الرّحماني.. دمت
الرّجل الشّجاع القويّ الذي عرفته.. هوّن عليك.. ولتعلم أن الأقوياء يتضامنون
ويتكئون على بعضهم البعض كالأشجار الباسقة لإنهاء الظلم، أما الضعفاء فلا يسعهم
سوى التوسّل والانصياع ثم البكاء".
وكتبت المحامية إيناس الحراث على صفحتها على
"فيسبوك": "حيث لم أعد أجد وجاهة في التدوين حول الحقوق والحريات والاعتقالات
والانتهاكات وكل ما تكرس في واقعنا البائس حد الابتذال من تعسف وظلم ودمار سأكتب
شيئا واحدا عن القاضي حمادي الرحماني : ذلك رجل شجاع ومبدئي ونحن نفخر به. وأن يجلب للمحكمة مصفدا ويجتاز
البهو صارخا وحده في صمت رهيب "حريات.. حريات..".. لحظة خزي لا يوصف لكل
حر"، على حد تعبيرها.
وفي جينيف قال رئيس مركز جنيف للديمقراطية
وحقوق الإنسان أنور الغربي لـ "عربي21": "ما جرى تطور خطير جدا
لجهة
اعتقال القاضي الرحموني المعزول تعسفيا، وحكم القضاء بإعادته إلى عمله، وهو
ما لم تنفذه السلطات الرسمية، ولم يتم توجيه أي تهمة له".
وأضاف: "هذا رجل معروف بدفاعه عن
مؤسسات الدولة القانونية، والتجرؤ على القاضي الرحموني، وحلقة أخرى لاستهداف
القضاء في تونس. وقد سبق أن قلنا مرارا أن استهداف المؤسسة القضائية لا يخدم أحدا،
وهو ضرب للدولة، فإذا انهار القضاء انهار كل شيء.. والقاضي الرحموني هو علامة
بارزة للقضاء النزيه في تونس"، على حد تعبيره.
وأضاف: "يجب على السلطة أن تسارع
بالإفراج عن الرحموني وطمأنة الناس عنه وعن القضاء والدولة"، وفق تعبيره.
وكان القاضي الرحماني قد كتب على صفحته على
"فيسبوك" تدوينة انتقد فيها عدم استقلالية القضاء في تونس، وقبلها عن
عملية غش يتعرض لها المواطنون في محطات البنزين.
يذكر أنه في 1 حزيران / يونيو 2022، عزل
الرئيس قيس سعيِّد تعسفيًا 57 من القضاة ووكلاء النيابة من وظائفهم استنادًا إلى
دواعٍ مُبهمة، من بينها تعطيل تحقيقات متعلقة بالإرهاب، والفساد المالي، و"الفساد
الأخلاقي".
وفي 10 آب أغسطس 2022، أصدرت المحكمة
الإدارية في تونس العاصمة قرارًا استعجاليًا يقضي بإعادة 49 قاضيًا، من بين القضاة
السبعة والخمسين، إلى مناصبهم، ولكن السلطات التونسية لم تمتثل حتى الآن لقرار
المحكمة.
وتعرف تونس منذ عدة أشهر حملة توقيفات شملت
إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم رئيس "النهضة" راشد
الغنوشي وعدد من قياداتها، منهم علي العريض ونور الدين البحيري وسيد الفرجاني.
واتهم الرئيس التونسي قيس سعيد بعض
الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع
الأسعار"، وهي اتهامات تنفي المعارضة صحتها.
ويقول سعيد إن منظومة القضاء مستقلة ولا
يتدخل في عملها، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات
استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو 2021.
ومن بين هذه الإجراءات: حلّ مجلسي القضاء
والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي،
وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى سياسية هذه الإجراءات
"انقلابا على دستور الثورة (عام 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما
تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت
بالرئيس زين العابدين بن علي.