أعلنت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "
اليونيفيل" أن جيش الاحتلال
الإسرائيلي اقتحم موقعا للقوة الأممية في بلدة راميا جنوب
لبنان، بعد ساعات قليلة من تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو لها ومطالبته بمغادرة أماكنها.
وقالت اليونيفيل في بيان لها: "في وقت مبكر من صباح اليوم (الأحد)، رصد جنود حفظ السلام في موقع للأمم المتحدة في راميا ثلاثة فصائل من جنود الجيش الإسرائيلي تعبر الخط الأزرق إلى لبنان".
وتابعت: "عند الـ4:30 صباحا (02:30 ت.غ)، وبينما كان جنود حفظ السلام في الملاجئ، قامت دبابتان من طراز ميركافا تابعتان للجيش الإسرائيلي بتدمير البوابة الرئيسية للموقع ودخلتاه عنوةً".
وأردفت بأنهم "طلبوا عدة مرات إطفاء أنوار القاعدة (الموقع الأممي)، ثم غادرت الدبابتان بعد نحو 45 دقيقة"، وأن انسحاب الدبابتين جاء "بعد احتجاج اليونيفيل من خلال آلية الارتباط التابعة لنا، فوجود الجيش الإسرائيلي يعرّض جنود حفظ السلام للخطر".
وسبق ذلك بساعات قليلة دعوة نتنياهو، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إبعاد قوة
الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"عن "الخطر على الفور".
وقال نتنياهو في رسالة مصورة متوجها إلى غوتيريش: "أبعدوا قوات اليونيفيل عن الخطر، يجب القيام بذلك الآن وعلى الفور"، وذلك بعدما أصيب خمسة على الأقل منها خلال الأيام الآخيرة.
وأضاف: "لقد طلب الجيش الإسرائيلي ذلك مرارا، وقد تم رفض طلبه مرارا، بهدف توفير درع بشري لإرهابيي حزب الله.. رفضكم إجلاء جنود اليونيفيل يجعلهم رهائن لدى حزب الله"، مضيفا أن "هذا يعرضهم ويعرض حياة جنودنا للخطر".
وزعم أن "إسرائيل تأسف لإصابة جنود اليونيفيل وتبذل كل ما في وسعها لمنع هذه الإصابات.. لكن الطريقة البسيطة والواضحة لضمان ذلك هي ببساطة إخراجهم من منطقة الخطر".
ما هي قوة اليونيفيل؟
أنشأ مجلس الأمن الدولي بعثة اليونيفيل في آذار/ مارس عام 1978 في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان، وتمثلت ولاية البعثة في تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، واستعادة السلم والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها الفعلية في المنطقة.
ولم تنسحب "إسرائيل" من لبنان إلا عام 2000. وفي غياب حدود متفق عليها، حددت الأمم المتحدة خط انسحاب بطول 120 كيلومترا يعرف باسم الخط الأزرق، تقوم اليونيفيل بمراقبته وتسيير دوريات على طول الخط الأزرق.
وفي أعقاب صراع مميت دام 30 يوما بين "إسرائيل" وحزب الله عام 2006، عزز مجلس الأمن البعثة بقرار مُحدّث هو قـرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي وسّع الولاية الأصلية للبعثة لتشمل مراقبة وقف الأعمال العدائية.
وكلف حفظة السلام التابعين لليونيفيل بمرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أنحاء جنوب لبنان، بحسب موقع الأمم المتحدة.
ومن أبرز مهام الوحدة المساعدة على "تجنب التصعيد غير المقصود وسوء التفاهم بين إسرائيل ولبنان" من خلال آلية الاتصال التابعة للبعثة، والقيام بدوريات في جنوب لبنان لمراقبة ما يحدث على الأرض بشكل محايد والإبلاغ عن انتهاكات القرار 1701.
وتدعم قوات حفظ السلام الجيش اللبناني من خلال التدريب، للمساعدة في تعزيز انتشاره في جنوب لبنان حتى يتمكن في نهاية المطاف من تولي المهام الأمنية التي تؤديها حاليا قوات حفظ السلام.
وكشفت الأمم المتحدة أن هذه القوة وعناصرها يواصلون تنفيذ المهام الموكلة إليهم، على الرغم من أن الدوريات والأنشطة اللوجستية تشكل تحديا أكبر بكثير بسبب الحالة الأمنية الراهنة، وقد يضطرون إلى العودة إلى قواعدهم أو حتى التوجه إلى الملاجئ إذا كان هناك تهديد وشيك محتمل لسلامتهم.
ولدى اليونيفيل أيضا قوة بحرية، تدعم البحرية اللبنانية لمراقبة المياه الإقليمية اللبنانية ومنع دخول الأسلحة غير المصرح بها وما يتصل بذلك من عتاد إلى منطقة العمليات.
ما هي أعدادها؟
يعمل حاليا في البعثة ما يقرب من 11 ألف شخص، بما في ذلك حوالي 10 آلاف عنصر عسكري، فضلا عن حوالي 550 موظفا مدنيا محليا و250 موظفا مدنيا دوليا.
ويساهم نحو 50 بلدا بقوات في البعثة، في الوقت الحاضر، تعد إندونيسيا أكبر مساهم بأكثر من 1200 فرد نظامي.
وتتكون القوة البحرية التابعة لليونيفيل حاليا من خمس سفن، وهناك أيضا ست طائرات هليكوبتر تدعم عمل البعثة، وتبلغ الميزانية السنوية لليونيفيل حوالي نصف مليار دولار.
أزمة استمرار العمل
في آب/ أغسطس الماضي 2023، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بتمديد مهمة قوات حفظ السلام في لبنان عاما آخر، ودعا جميع الأطراف لاحترام التزاماتها الدولية، وذلك بـ13 دولة لصالح القرار، بينما امتنعت دولتان عن التصويت هما روسيا والصين.
ودعا المجلس الدولي في قراره الحكومة اللبنانية إلى تسهيل وصول قوات "يونيفيل" الفوري والكامل للمواقع التي طلبتها، وأكد أن هذه القوات لا تحتاج تصريحا أو إذنا مسبقا للقيام بمهامها، ويرخص لها بالعمل بشكل مستقل مع مواصلة التنسيق مع الحكومة اللبنانية.
وجاء في القرار: "نجدد التأكيد على ضرورة نشر الجيش اللبناني بشكل فعال ودائم وسريع في جنوب لبنان"، مع حث الحكومة الإسرائيلية على التعجيل بسحب جيشها من شمال الغجر والمنطقة المجاورة شمالي الخط الأزرق.
وبعد تجديد عام 2023، جرى في آب/ أغسطس الماضي تصويت آخر بالإجماع لصالح مشروع قرار لتمديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في بلاده "اليونيفيل" سنة إضافية.
ويأتي تجديد ولاية "يونيفيل" في وقت تتبادل فيه فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع "إسرائيل" قصفا يوميا عبر "الخط الأزرق" الفاصل؛ ما أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
وفي 2023 تم تجديد عمل البعثة في الساعات الأخيرة بعدما كان يفترض أن يصدر قبلها بيوم قرار مجلس الأمن الدولي بالتمديد لمدة سنة إضافية للقوة، لكن الجلسة أرجئت أكثر من مرة قبيل موعد انعقادها مع بقاء يوم واحد في المهلة النهائية لصدور القرار.
ولم تتضح الأسباب حينها عن سبب التأجيل، إلا أنها قد تكون مرتبطة بخلافات كانت لا تزال قائمة بين بعض الدول حيال الصيغة التي طرحها الجانب الفرنسي والتي حافظت عمليا على كل المحتوى المتشدد في منح اليونيفيل "حرية الحركة واستقلاليتها في مقابل إدراج بعض التعابير المنمقة التي ترضي الجانب الرسمي اللبناني"، بحسب ما ذكرت صحيفة "الأخبار" حينها.