مقالات مختارة

جدلية تسريع امتلاك إيران السلاح النووي لردع إسرائيل !

الأناضول
بات من المسلمات المنطقية والعقلانية عند صانع القرار الإيراني وخاصة المرشد علي خامنئي صاحب القرار النهائي في القضايا الإستراتيجية والنووي التفكير الجدي لاستعادة قدرات الردع في مواجهاتها وصراعها المحموم مع الخصم اللدود إسرائيل بالتلويح بالورقة النووية وذلك بعد تآكل قدرات ردعها بتوجيه ضربات مؤلمة لإيران وأذرعها وخاصة حزب الله وحماس خلال الأشهر الماضية.

لذلك لم يكن مستغربا تحذير مستشار المرشد الأعلى خامنئي أن إيران قد تغيّر عقيدتها النووية إذا استهدفت إسرائيل منشآتها النووية.

واضح يقصد مستشار خامنئي التراجع عن تراجع علي خامنئي عن فتوى أصدرها عام 2003-بعد اكتشاف برنامج إيران السري- للتأكيد على بقاء برنامج إيران النووي مدنيا وسلمياً- وذلك بتحريمه امتلاك إيران السلاح النووي. وذلك لطمأنة الولايات المتحدة والغرب-الذي فرض عقوبات منذ الإعلان عن اكتشاف برنامج إيران النووي-وانخراط إدارة أوباما في مفاوضات سرية ولاحقا علنية ومباشرة بين الطرفين في الفترة من 2012-2015 والتي توجت بتوقيع اتفاق نووي بين إيران والقوى الكبرى (5+1)-بتجميد برنامج إيران النووي لمدة 10 سنوات-مقابل رفع العقوبات المتعلقة ببرنامج إيران النووي وإدماج إيران في المجتمع الدولي وتصدير النفط والغاز. لتنسحب إدارة ترامب من الاتفاق النووي وتفرض أقسى العقوبات على إيران في مايو 2018.
هدف إيران من التلويج بالتهويل عن تغيير عقيدتها الاستراتيجية النووية لتوظيفها كورقة ضغط فعالة

واضح هدف إيران من التلويج بالتهويل عن «تغيير عقيدتها الاستراتيجية النووية» لتوظيفها كورقة ضغط فعالة-بهدف تحفيز الولايات المتحدة والقوى الغربية لممارسة ضغوط فعالة على إسرائيل لتحييد ردها الانتقامي على هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل غير المسبوق مطلع أكتوبر الجاري، بعدم استهداف منشآت إيران النفطية والنووية. وتهديد وتوعد إيران بالرد القاسي بعد اغتيال إسرائيل (دون الاعتراف والإقرار بمسؤوليتها) إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قلب طهران ضيفاً على الحكومة الإيرانية أثناء مشاركته بحفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في 31 يوليو الماضي-واغتيال حسن نصرالله أمين عام حزب الله اللبناني-درة تاج إيران وأقوى وأهم أذرعها ويدها الإقليمية لردع إسرائيل من استهداف وضرب برنامجها النووي المتقدم، وكذلك لاستهدافها واغتيالها قيادات الحزب السياسية والميدانية وخاصة فرقة النخبة القتاليّة (فرقة الرضوان)-وقبلها اعتداءات إسرائيل بمجزرة (البيجرات وآلات الاتصال اللاسلكي).

وكذلك يعتقد أن إسرائيل اغتالت بعملية تفجير نوعي أمين عام الحزب المحتمل وخليفة حسن نصرالله هاشم صفي الدين-وهو ما اعترف به نتنياهو بعد أسبوع من عملية الاغتيال «بتصفية خليفة نصرالله وخليفة خليفته!!

وبرغم تأكيد وليم بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) نائب وزير الخارجية في عهد الرئيس باراك أوباما، ومسؤولين في المجتمع الاستخباراتي الأمريكي أن إيران لم تحسم موقفها بتغيير فتوى المرشد الأعلى خامنئي، ولم تقرر المضي في عسكرة برنامجها النووي لامتلاك السلاح النووي-إلا أن بيرنز أكد في مؤتمر شارك به الأسبوع الماضي عن تحقيق إيران قدرات نووية متقدمة-وأن إيران تحتاج لوقت قصير لإنتاج قنبلة نووية!! وذلك بعد تخصيب كميات كافية من اليورانيوم بنسبة 90%.. ومعها مادة البلوتونيوم..

وأكد وليم بيرنز والملم بشؤون منطقتنا وعمل فيها لسنوات-أنه برغم تحقيق إسرائيل نجاحات تكتيكية كبيرة ضد حزب الله. إلا أن الخطر ما زال قائما رغم عدم سعي قادة إسرائيل وإيران لحرب شاملة.. وكذلك قدم بيرنز تقييما عن تدهور قوة حماس العسكرية بشكل كبير بعد عام من «طوفان الأقصى» وعملية إسرائيل «السيوف الحديدية».

ويبقى القلق الأمريكي من احتمال انسحاب إيران من اتفاق الحد من انتشار الأسلحة النووية NPT لعام 1968. ما يسمح لها بامتلاك السلاح النووي رداً على أي ضربة لمنشآت إيران النووية! فيما استمرت إسرائيل على الدوام برفض توقيع اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية!!

لذلك يعارض الرئيس بايدن بشده وخاصة في مكالمته مع نتنياهو الأسبوع الماضي توجيه ضربات لمنشآت إيران النووية-ومنشآت الطاقة ومصافي تكرير النفط-علّق بايدن: «لو كنت مكان إسرائيل لاخترت بديلاً عن ضرب منشآت إيران النفطية». رد الجمهوريون بغضب على بايدن، خاصة الرئيس السابق ترامب مطالباً إسرائيل بتهور ومزايدة رخيصة بضرب منشآت إيران النووية.

والملفت إبلاغ دول مجلس التعاون الخليجي الولايات المتحدة وإيران-بموقفها الحيادي ورفض السماح باستخدام أراضيها ومجالها الجوي بشن أي ضربة من الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران. وذلك بعد تهديد برسائل واضحة باستهداف أذرع إيران المنشآت النفطية الخليجية.     

بعد عام على حرب إبادة إسرائيل على غزة وسقوط 150 ألف شهيد ومصاب ومعاق وتهجير جميع سكان القطاع 2.3 مليون، والعودة لإبادة وحصار وتجويع وتهجير 400 ألف من سكان شمال قطاع غزة تطبيقا «لخطة الجنرالات» لفرض منطقة عازلة في شمال القطاع-وأسابيع على استنساخ حرب إبادة غزة ضد حزب الله وحاضنته وبيئته في مناطق ومعاقل حزب الله في لبنان وقتل أكثر من 2000 مدني وجرح 10,000 آخرين، وتهجير 1.5 مليون من الشعب اللبناني بالقصف الوحشي وأوامر إخلاء واغتيالات قيادات الحزب السياسية والعسكرية بحجة إعادة سكان الشمال في العملية العسكرية «سهام الشمال»، لتتدحرج إلى تدمير وتفكيك قدرات الحزب العسكرية وزرع الشقاق والدمار داخل بيئته. فيما تراجعت قدرات الحزب لأضعف مراحله منذ 4 عقود لكن لا يزال يقصف حيفا وتل أبيب. لهذا تستغل إدارة بايدن وإسرائيل ضعف الحزب لتغيير الواقع السياسي في لبنان باشتراط انتخاب رئيس لبناني من خارج نفوذ الحزب.

لا يرى نتنياهو وزمرته المتطرفة الفاشية الحاجة لوقف حرب الإبادة على غزة التي أصبحت «جبهة ثانوية»-وعلى لبنان. وأن الفرصة سانحة لتوجيه ضربات لإيران وأذرعها آملاً بتشكيل كما يراهن بمبالغة كبيرة-شرق أوسط جديد تكون إسرائيل قاطرته الرئيسية!! سنرى!

الشرق القطرية