تبدو المنطقة عشية الذكرى الأولى لطوفان الأقصى والرد الإسرائيلي بعملية «السيوف الحديدية» الانتقامية الوحشية على غزة وسكانها النازفين والنازحين، على شفا انفجار حرب إقليمية مع توسع رقعة الحرب وفتح جبهة الشمال مع حزب الله في لبنان-وتعمّد تصعيد نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفا بالاغتيالات بهدف إطالة أمد الحرب وتوسعها لأهدافه الشخصية ونجاته من محاكمات لفشله العسكري والاستخباراتي والأمني وقضايا الفساد التي تلاحقه، ووصل الأمر به لاغتيال حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وقيادات الحزب السياسية وفرقة النخبة الرضوان والقيادات العسكرية في بيروت، واستفزاز
إيران باغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران وتحويل غزة المدمرة لقطاع غير قابل للحياة بعد التدمير الممنهج للقطاع بمبانيه ومؤسساته والمستشفيات والمدارس والمساجد والطرق لإجبار سكان القطاع على ما يصفه الوزراء المتطرفون في حكومة نتنياهو بالنزوح الطوعي. وتكرار سيناريو غزة المدمرة ذاته في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني.
وبدلاً من ممارسة الضغط الذي تملكه الولايات المتحدة على إسرائيل الممول والداعم والمساند الرئيسي وتوفير غطاء سياسي، وبدلاً من فرملة والضغط لمنع توسع الحرب، يتبنى بايدن وإدارته موقف إسرائيل والتنسيق على رد انتقامي من إيران، دون تأكيد المشاركة، بل التنسيق وتبادل المعلومات الاستخبارية على أمل أن يكون محدوداً ولا يشعل حرباً إقليمية. وهكذا يبقى موقف بايدن متذبذبا ومتناغماً مع الموقف الإسرائيلي.
يؤكد الرئيس بايدن أن إسرائيل لم تتخذ قرار الرد على إيران على الفور. وبعدما أحدث تصريحه بلبلة عن استهداف منشآت إيران
النفطية، انتقاما لهجوم إيران الصاروخي بعملية الرعد الصادق 2-ما رفع أسعار النفط 5 في المئة…ليتراجع بايدن ويطمئن معلناً في اليوم التالي:
«لو كنت مكان الإسرائيليين لفكرت ببديل آخر عن استهداف منشآت إيران النفطية»!!
من السيناريوهات المرجحة، استهداف مصانع الصواريخ البالستية، والمنشآت النفطية والسيناريو الأسوأ المنشآت النووية. تحقيقاً لحلم نتنياهو الدائم الذي يحرض عليه منذ عشرين عاما، بتوريط الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران تدمر وتؤخر امتلاك إيران السلاح النووي.(عارضه بوش الابن وأوباما وبايدن).
وقد سرّب مسؤول أمريكي أن إسرائيل لم تُقدّم أي ضمانات بعدم استهداف المنشآت النووية. يزايد دونالد ترامب، الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري، بتهور ومزايدة رخيصة وتكسب انتخابي، ويحرّض نتنياهو على استهداف منشآت إيران النووية أولا والتفكير ثانيا بعد معارضة الرئيس بايدن ضرب منشآت إيران النووية!!
هدف نتنياهو الدائم تدمير قدرات إيران النووية، لضمان احتكار إسرائيل للترسانة النووية في المنطقة. لكن الواقع لا قدرة لإسرائيل دون مشاركة الولايات المتحدة على ضرب وتدمير منشآت إيران النووية الموزعة وفي أعماق سحيقة.
ووافق مجلس الحرب الإسرائيلي على قرار الرد على هجوم إيران الصاروخي. وعلّق مسؤول في الخارجية الأمريكية «نأمل أن نرى بعض الحكمة لكن لا ضمانات أو تأكيد إسرائيلي بعدم استهداف منشآت إيران النووية… بينما تسرب إسرائيل لطمأنة الولايات المتحدة بأنها تسعى لرد انتقامي مدروس على إيران رداً على أكبر هجوم صاروخي باليستي بحوالي 200 صاروخ باليستي من إيران تقول إن الهجوم الذي شنته مساء الثلاثاء 1 أكتوبر الجاري كان عملاً دفاعيا مشروعا. فيما تؤكد صور الأقمار الصناعية إلحاق إصابات بقواعد عسكرية ما يؤكد قدرة الصواريخ الإيرانية على تجاوز الدفاعات الإسرائيلية برغم تصدي الولايات المتحدة وحلفائها وإسقاط نسبة كبيرة من الصواريخ.
مطلوب من بايدن وإدارته وضع خطوط حمراء بالإصرار على محدودية رد إسرائيل، حتى لا تشعل حربا إقليمية ـ نتيجة لتهديد إيران برد مزلزل في حال ارتكبت إسرائيل حماقة بتدمير البنى التحتية الإسرائيلية… حسب تهديدات المرشد الأعلى والقيادات العسكرية الإيرانية برد يدمر البنى التحتية الإسرائيلية. وحتى قد يطال الرد المصالح والقواعد الأمريكية في المنطقة، في حال شاركت القوات الأمريكية بالرد العسكري. فيما تؤكد دول مجلس التعاون الخليجي أنها لن تسمح باستخدام أراضيها لاستهداف إيران في حال الرد الإسرائيلي.
لكن حتى اليوم الرابع بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل ومع الاحتفال بعيد السنة العبرية، يتعزز تزامن فرصة الرد الإسرائيلي على إيران مع الذكرى الأولى للحرب في 7 أكتوبر أو بعده بمعادلة تحقيق أهداف الرد واستعادة قدرات الردع، لكن دون أن تشعل حربا إقليمية. بعدما طوى نتنياهو خطاب النصر بعد تحول نشوة الاغتيالات الناجحة في لبنان بالضربة الصاروخية الإيرانية الأكبر التي اخترقت وكشفت نقاط ضعف دفاعات إسرائيل ما يفرض ويرمم الردع الإيراني.! خاصة وأن المرشد الأعلى في خطبة جمعة نادرة أكد أن النصر سيكون حليف المقاومة في غزة ولبنان ووصف إسرائيل بالعدو السفاح والدموي.
وفيما يتكثف التنسيق الدائم مع الولايات المتحدة لخروج توسع الحرب-خاصة وأن إسرائيل لطالما فاجأت الولايات المتحدة بتصعيدها منذ بداية حربها على غزة عدة مرات وتحدت وأحرجت علنا الرئيس بايدن مراراً-بمخالفة مطالب ونصائح بايدن وإدارته. بالتصعيد ورفض التعاون لوقف إطلاق النار وبشن حرب برية على غزة ورفح، والتصعيد باغتيال إسماعيل هنية في طهران وحسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت وتوسيع قوس الحرب إلى لبنان وشن حرب برية على لبنان يؤكد المبعوث الأمريكي أن الولايات المتحدة لا تؤيد حربا برية على لبنان! ومع ذلك تخضع إدارة بايدن لحقيقة تصعيد نتنياهو وزمرته المتطرفة.
الخشية بتفجير تهور نتنياهو بردود انتقامية بين إسرائيل وإيران، وعجز ردع إدارة بايدن لانزلاق المنطقة بنفق حرب شاملة، عقب قصف منشآت إيران النفطية أو النووية، وإقحام الولايات المتحدة بالمشاركة دفاعا عن إسرائيل! ما يهدد الأمن الخليجي وأمن الطاقة، وبنتائج كارثية على الاقتصاد العالمي، قبل شهر من انتخابات أمريكية رئاسية حاسمة!
(القدس العربي)