شدد وزير الخارجية الأردني الأسبق،
مروان المعشر، على أن المملكة ستواجه "معضلة كبيرة" بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع
غزة، موضحا أن مفترق الطرق الذي سيواجهه الأردن بعد انتهاء الحرب "يستدعي حوارا وطنيا جادا".
وقال المعشر في مقال نشره في صحيفة "
القدس العربي"، الثلاثاء، إن "الأردن سيواجه بعد انتهاء الحرب معضلة كبيرة من حيث مقاربته للعلاقة المستقبلية مع إسرائيل".
وأضاف أنه "استخدم الأردن الرسمي تبريرا كان يبدو مقنعا في السابق وذلك في سياق ترويجه لتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل أمام مواطنيه"، بحسب تعبيره.
وأشار المعشر، إلى أن "هذا التبرير تمثل في أن توقيع المعاهدة أرغم إسرائيل على الاعتراف بالدولة الأردنية وبالحدود الأردنية ما من شأنه دفن مقولة الوطن البديل الذي يعني عمليا تفريغ الأرض
الفلسطينية من السكان والزعم بوجود دولة فلسطينية في الأردن وليس على التراب الفلسطيني. بل أصر الأردن على تضمين المعاهدة نصا صريحا ضد أي محاولة للتهجير الجماعي للسكان (أي من المناطق الفلسطينية إلى الأردن)".
إضافة إلى ذلك، فإن وزير الخارجية الأسبق لفت إلى أنه "بعد قدوم نتنياهو واليمين المتطرف إلى السلطة، كان لسان الحال الأردن الرسمي يقول إن موقف إسرائيل المتعنت بالنسبة للعملية السلمية لا يمثل نهاية المطاف، وإن نتنياهو سيترك السلطة في وقت من الأوقات، وعلى الأردن الانتظار حتى يأتي رئيس وزراء إسرائيلي أكثر مرونة واتزانا ما سيسمح باستئناف الحديث مع إسرائيل حول السبل التي من شأنها إنهاء
الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية".
ووفقا للمعشر، فإن "الحرب الإسرائيلية على غزة، أضعفت هذين التبريرين إلى درجة كبيرة. أصبح من الواضح أن أحد أهداف إسرائيل الرئيسية من الحرب التخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة، إما عن طريق القتل المباشر أو عن طريق جعل غزة مكانا غير قابل للحياة بعد أن دمرت إسرائيل كل مقومات الحياة في القطاع من شبكات الطرق والكهرباء والمياه ومن المدارس والمستشفيات ودور العبادة".
وأوضح، أنه علاوة على ذلك، فإن "المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية ماضون في مهاجمة التجمعات السكانية الفلسطينية، وبمساندة الجيش الإسرائيلي، في محاولات مكشوفة للتطهير العرقي للفلسطينيين، تمهيدا لخلق أو الاستفادة من ظروف تسمح بالتهجير".
وحول ما وصفه بـ"الحجة الثانية التي كانت تأمل بقدوم رئيس وزراء إسرائيلي يستطيع الأردن التفاهم معه حول إقامة الدولة الفلسطينية"، أشار المعشر إلى أنها "سقطت أيضا، خاصة بعد أن أقر الكنيست الإسرائيلي في شهر تموز الماضي، وبموافقة كافة الأحزاب الرئيسية الإسرائيلية من موالاة ومعارضة، قانونا ضد إقامة الدولة الفلسطينية".
وقال وزير الخارجية الأردني الأسبق، إن "الانقسام الحالي في إسرائيل هو فقط بين من هم مع نتنياهو ومن هم مع الفريق ضد نتنياهو، أما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فهناك شبه إجماع إسرائيلي على رفض الدولة الفلسطينية".
وأضاف أنه "ليس من المتوقع لهذا الموقف المتعنت الشعبي والرسمي الإسرائيلي أن يتغير، فالمجتمع الإسرائيلي آخذ في التطرف بشكل متزايد منذ ما يزيد على العشرين عاما، وليس هناك أي كتلة حرجة شعبية إسرائيلية وازنة تنادي بالسلام، لا الآن ولا في المستقبل المنظور".
وأشار إلى أن "هناك معضلة حقيقية تواجه الأردن في مرحلة ما بعد الحرب"، مشددا على أن "استئناف التعاون الاقتصادي والأمني مع إسرائيل سيعرض الحكومة لمواجهة مباشرة مع رأي عام غاضب ورافض، وسيعطي إسرائيل الانطباع بأن الأردن ليس جادا في معارضته للسياسات الإسرائيلية".
أما الاستمرار في الموقف الأردني الحالي المتقدم على غيره من الدول العربية من ناحية انتقاده اللاذع لإسرائيل، فسيعرض الأردن لضغوط جادة من الولايات المتحدة وغيرها، بحسب تعبير المعشر.
من هنا، شدد الوزير السابق على أن "نتيجة الانتخابات الأردنية في غاية الأهمية، فعوضا عن أنها تعبير صارخ على أين يقف الرأي العام الأردني، فإنه يمكن لصانع القرار الأردني استخدام هذه النتيجة لمقاومة أي ضغوط خارجية قد يتعرض لها الأردن".
وشدد في ختام مقاله، على أن "مفترق الطرق الذي سيواجهه الأردن من الأهمية بمكان ما يستدعي حوارا وطنيا جادا حول مستقبل العلاقة الأردنية الإسرائيلية. وفي حين أن إلغاء معاهدة السلام قد لا يكون مطروحا على الطاولة لاعتبارات عدة، فإن دراسة باقي الخيارات وانتقاء الأفضل منها ضرورة وطنية، لأنه من الواضح أن العودة للوضع القائم بين الأردن وإسرائيل قبل السابع من أكتوبر للعام الماضي ليس ممكنا ولا مقبولا".
يشار إلى أن الآونة الأخيرة، شهدت تصعيدا بالتصريحات الإسرائيلية ضد الأردن، ما دفع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى التحذير في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، من تهجير الفلسطينيين، مشددا على رفض بلاده فكرة أن تكون المملكة "وطنا بديلا" للشعب الفلسطيني.