وفقا لتحقيقات نشرتها عدة مواقع صحفية مثل "أكسيوس"
و"نيويورك تايمز" و"تليغراف" توصلوا إلى أن السبب الرئيس وراء
وصول أجهزة البايجر إلى حزب الله اللبناني ثم تفجيرها بهذه الطريقة هو اختراق حدث
في سلاسل التوريد عبر شركة أنشاتها إسرائيل منذ سنوات في عاصمة أوروبية واستطاعت
من خلالها استبدال الشحنة المرسلة إلى حزب الله بأخرى زرعت بداخل أجهزة اللاسلكي
متفجرات بطريقة أو بأخرى.
ما يعني بأن نفوذ إسرائيل وتحكمها في بعض
شركات سلاسل التوريد مكنها من تنفيذ عملية كهذه، فماذا عن الجيوش النظامية وتحديدا
الجيش المصري؟
فيما يخص أجهزة اللاسلكي والرادارات وأنظمة
الاتصالات يتعامل الجيش المصري مع مجموعة متنوعة من الشركات العالمية ويستورد منها
تلك الأجهزة ومن بين تلك الشركات ثلاثة شركات مشبوهة بعلاقتها مع الاحتلال
الإسرائيلي.
ـ Barrett Communications الأسترالية
للاتصالات اللاسلكية
ـ Motorola Solutions الأميركية -
للاتصالات اللاسلكية عالية التردد
ـ تاليس
الفرنسية Thales- للصناعات
العسكرية
مستوى التعاون بين تلك الشركات الثلاث مع
الجيش المصري كبير وممتد إلى عدد من القطاعات الهامة والحيوية مثل توفير أجهزة
راديو واتصالات متوسطة وطويلة المدى، توفير معدات الاتصالات اللاسلكية للتطبيقات
الأرضية والمتنقلة والجوية، توفير أجهزة الأنظمة المحمولة والمركبات، توفير أنظمة
اتصالات لمحطات القواعد العسكرية، إنتاج أجهزة الاتصال العسكري وأنظمة الإشارة
وإقامة أنظمة سيبرانية ضخمة.
ما الذي يمنع هذه الشركات من اختراق الجيش المصري سيبرانيا ومعلوماتيا مع تمددهم بهذه الطريقة وفي قطاعات عسكرية مختلفة؟
في شهر نوفمبر 2019 أعلنت شركة Barrett Communications عن صفقة كبيرة
مع القوات المسلحة المصرية لتسليم معدات إلى مصر كجزء من برنامج ممول من الولايات
المتحدة.
نشرت الشركة بيانا عبر موقعها الالكتروني
يتحدث عن تفاصسل الصفقة ونوعية الأجهزة اللاسلكية التي أمدت الجيش المصري بها
واكدت ان هذه الصفقة هي جزء من برنامج المعونة العسكرية الأمريكية للقوات المسلحة
المصرية.
كان العقد ينص على توريد معدات الاتصالات
اللاسلكية عالية التردد (HF) وعالية التردد
جدًا (VHF).
ينقسم المشروع إلى عدة مراحل وسيشمل معدات
الاتصالات اللاسلكية للتطبيقات الأرضية والمتنقلة والجوية ، في المرحلة الأولى من
البرنامج، تقدم شركة Barrett معدات Barrett PRC-2080+ VHF في أنظمة
الأجهزة اللاسلكية المحمولة للجنود بقوة 5 وات وأنظمة المركبات PRC-2082+ 50 وات ، كما يتم
توريد Barrett PRC-2090 كجزء من
الاتصالات متوسطة إلى طويلة المدى مع أنظمة المحطة المتنقلة PRC-2091 وأنظمة المحطة الأساسية PRC-2092
الخطر لم يكن هنا ولكن ما جرى بعدها بثلاثة
أعوام كان مؤشرا خطيرا على علاقة محتملة لإسرائيل بهذه الشركة.
في 15 اغسطس 2022 ، أعلنت شركة Motorola Solutions عن استحواذها بالكامل
على شركة Barrett Communications
اللافت للنظر هنا هي العلاقة الوثيقة
والممتدة في مجال التصنيع العسكري وأنظمة الاتصالات والتحكم والمراقبة بين شركة
موتورولا والجيش الإسرئيلي اعتبارًا من عام 2023، أصبحت شركة Motorola Solutions هي المورد الوحيد
لشبكة الجيل الرابع للهاتف الخلوي للجيش الإسرائيلي وفي عام 2014، تعاقدت الشركة
مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتكون المورد الوحيد لمشروع "Military Cellular" لإنشاء شبكة
خلوية توفر حلًا للاتصالات الخلوية المشفرة.
تعد Motorola Solutions أيضًا مطورًا وموردًا
لأجهزة الهواتف الذكية العسكرية الإسرائيلية حيث بدأ الجيش الإسرائيلي في استخدام
الهاتف الذكي العسكري Lex M20 من Motorola في عام 2016،
حيث يوفر إمكانيات محادثة مشفرة ونظام مراسلة مشفر للنصوص والرسائل الصوتية والصور
ومقاطع الفيديو وبيانات موقع GPS وهو قادر على
التواصل مع أنظمة الاتصالات العسكرية الأخرى باستخدام البنية التحتية لـ 4G، والتي توفرها Motorola أيضًا.
تم تطوير الهاتف الذكي بعد حصول الشركة على
عقد بقيمة 100 مليون دولار أمريكي من وزارة الدفاع الإسرائيلية لتوفير الهواتف
الذكية المشفرة التي ستخدم العسكريين لمدة 15 عامًا قادمة.
في تسعينيات القرن الماضي طورت الشركة أول
نظام اتصالات لاسلكي عسكري للجيش الإسرائيلي، وهو "ماونتن روز". وكان
النظام عبارة عن نظام متنقل مصمم خصيصًا للظروف الميدانية، والذي استخدمه جنود
إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة.
وهذا ما يطرح مجموعة من الأسئلة عن احتمالية
تحكم إسرائيل في لعض أجهزة اللاسلكلي التي أمدتها شركات موتورولا وباريت للجيش
المصري.
شركة أخرى تتعاون عسكريا مع القوات المسلحة
المصرية وتمده بالعديد من الأجهزة والمعدات هي شركة تاليس الفرنسية THALESموجودة في مصر
منذ عام 1973 ولديها شراكة مباشرة مع القوات المسلحة المصرية.
في عام 1982 ساهمت في إنشاء شركة العربية
للبصريات وهي إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة
المصرية لديها ستة مكاتب في مصر وإجمالي 850 موظف وفقا لموقعها الالكتروني.
تتمتع شركة تاليس بشراكة طويلة الأمد مع
القوات المسلحة المصرية، حيث تقوم بتوريد أنظمة إلكترونية لمنصات مختلفة في جميع
المجالات البرية والبحرية والجوية والفضائية.
هل يمكن أن تساهم هذه الشركات في إلحاق ضرر بنظام الاتصالات أو التسليح حال حدوث مواجهة مع عدو مثل (إسرائيل)؟
منذ عام 2000، طورت شركة تاليس شراكة
استراتيجية مع وزارة الإنتاج الحربي تشمل نقل التكنولوجيا والتصنيع المحلي للأنظمة
المتعلقة بالدفاع.
تقوم تاليس بتوريد حلول الدفاع بما في ذلك
الإلكترونيات على متن طائرات ميراج 2000، ورادارات المراقبة، والأنظمة البصرية
الإلكترونية والاتصالات التكتيكية الآمنة.
كما تجهز شركة تاليس طائرات رافال المقاتلة
المصرية بأنظمة ذات قدرة متعددة المستشعرات. وقد طلبت الحكومة المصرية بالفعل 54
طائرة رافال منذ عام 2015.
طورت شركة تاليس شراكة قوية مع هيئة الطيران
المدني المصرية وهي الآن واحدة من المزودين الرئيسيين لأنظمة ومعدات مراقبة الحركة
الجوية في البلاد كما تغطي أنظمة رادار تاليس غالبية أراضي مصر.
تتولى شركة تاليس تزويد مصر بالقمر الصناعي
للاتصالات نايل سات، والذي يوفر خدمات البث التلفزيوني والإذاعي والنطاق العريض
لشمال إفريقيا والشرق الأوسط.
اللافت والمقلق في الأمر هو العلاقة القوية
على الصعيد العسكري بين تاليس و إسرائيل حيث ترتبط شركة تاليس الفرنسية بعقد مع
شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية للصناعات الدفاعية، والتي تنتج 85% من الطائرات
بدون طيار التي تستخدمها القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى نفس النسبة من المعدات
البرية في البلاد.
بعد السابع من أكتوبر أغلق متظاهرون في عدة
عواصم ومدن عالمية مقرات شركة تاليس اعتراضا على دعمها للإبادة الجماعية في غزة
وارتباطها الوثيق عسكريا بإسرائيل، وفي يوليو 2023 استحوذت شركة تاليس الفرنسية
على أسهم شركة إمبيرفا الإسرائيلية المتخصصة في الأمن السيبراني ونظم المعلومات في
صفقة بلغت 3.6 مليار دولار.
في 21 مايو 2024 أستحوذت شركة تاليس على
شركة جيت سات الإسرائيلية للأقمار الصناعية و في شهر يونيو 2024 ، كشف تحقيق
استقصائي أجراه موقع "ديسكلوز" الفرنسي عن وثائق سرية تظهر أن شركة
"تاليس" الفرنسية الرائدة في مجال الصناعة العسكرية زودت إسرائيل بمعدات
اتصال خاصة بالطائرات المسيرة استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقصف أهداف في
قطاع غزة.
علاقة هذه الشركات بالجيش المصري وإمدادهم
بهذا الكم من أجهزة اللاسلكي والمعدات العسكرية وأنظمة الرادار والاتصالات
والمراقبة وعلاقتهم الوثيقة كشركاء للاحتلال الإسرائيلي ، كل ذلك يطرح تساؤلات
تتعلق بالأمن القومي المصري:
ـ هل الجيش المصري حصن نفسه ضد أي اختراق
محتمل وما هي إجراءات الفحص والمعاينة التي يتم اتخاذها؟
ـ ما الذي يمنع هذه الشركات من اختراق الجيش
المصري سيبرانيا ومعلوماتيا مع تمددهم بهذه الطريقة وفي قطاعات عسكرية مختلفة؟
ـ ما الذي يمنع هذه الشركات من نقل بيانات
ومعلومات عسكرية مصرية إلى إسرائيل؟
ـ هل يمكن أن تساهم هذه الشركات في إلحاق
ضرر بنظام الاتصالات أو التسليح حال حدوث مواجهة مع عدو مثل (إسرائيل)؟
هذه الأسئلة إجابتها تهم كل شخص غيور على
الأمن القومي المصري عسكريا كان أم مدنيا ، معارضا كان أم مؤيدا.