سياسة عربية

من "ساحات القتال" إلى تدمير مقدرات الدولة وثرواتها.. أين وصل الصراع الليبي؟

أمريكا تفشل في الضغط على الأطراف الليبية والدولية التي عرقلت استقرار ليبيا- حسابه على الفيسبوك
تحولت الحرب الليبية من ساحات القتال إلى حرب في الأروقة المالية والإدارية التي تهز موارد الدولة وثرواتها، بحسب "معهد واشنطن" الأمريكي.

وتواصل بعثة الأمم المتحدة الحديث حول الفوضى التي يتعرض لها "مصرف ليبيا المركزي"، التي أدت إلى توقف إنتاج النفط، وتنذر بأسوأ أزمة تهدد البلاد منذ سنوات.

الأزمة تسببت في هروب محافظ البنك الصادق الكبير، الذي خدم لفترة طويلة، من البلاد بسبب التهديدات التي تعرض لها هو وموظفوه. وتوقفت عمليات المصرف، الأمر الذي يهدد النظام المالي في البلاد والثقة الدولية في البنك نفسه.

وبحسب المعهد، فقد تبدلت الحرب الأهلية بين الجماعات المسلحة، وأصبحت حربا مالية على ثروة ليبيا الكبيرة - وخاصة السيطرة على "مصرف ليبيا المركزي" وإنتاج النفط. وعلى نطاق أوسع، فقد دفعت الطبقة القيادية غير الشرعية في البلاد ليبيا إلى مزيد من الفوضى لتحقيق مكاسبها الخاصة، ما زاد البيئة السياسية في ليبيا تدهوراً.

انفجار الأزمة
وانفجرت أزمة البنك المركزي الليبي عقب قرار من المجلس الرئاسي (مقره طرابلس) يقضي بعزل محافظ البنك المركزي من منصبه، وتعيين بديل عنه، ما أدى إلى رفع فصائل مسلحة من الطرفين جاهزيتها استعدادا لمواجهات مسلحة.

وتلا ذلك إعلان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق (غير معترف بها)، أسامة حماد، حالة القوة على قطاع النفط ووقف إنتاج الخام وتصديره؛ احتجاجا على ما اعتبره اقتحام لجنة تسليم وتسلم مكلفة من المجلس الرئاسي لمقر المصرف المركزي لتمكين الإدارة الجديدة للمصرف.

من أين العطلة؟
تتطلب المبادرة الأخيرة برعاية الأمم المتحدة، والتي أُعلنت في 2 أيلول/ سبتمبر، بعض الخلفية حول تطور المؤسسات السياسية في ليبيا. إن الاتفاق المزعوم بشأن مستقبل "المصرف المركزي" هو بين "مجلس النواب" المنتخب في عام 2014 و"المجلس الأعلى للدولة" الذي تم تشكيله كجزء من "الاتفاق السياسي الليبي" في عام 2015 من جهة، و"المجلس الرئاسي" من جهة أخرى. وهذه صيغة غير عادية لأن "مجلس النواب" و"المجلس الأعلى للدولة" لا يتفقان أبداً.

وخلال السنوات الماضية تعمد قائد "الجيش الوطني الليبي" المتمركز في شرق البلاد، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أو من قبل المفسدين الدوليين إعاقة أي اتفاق ليبي وخلال عدة جولات من المفاوضات حول "الاتفاق السياسي الليبي"، دائماً ما كان حفتر يجد وسيلة لرفض أي اتفاق.

النفط وسيلة ضغط
دعمت مصر حفتر طيلة الفترة الماضية، بينما دعمت تركيا طرابلس في عام 2020. لكن اليوم، إن التحالف الأكثر تهديداً لحفتر هو التحالف مع روسيا، التي لن تدع بالتأكيد معركة الثروة الليبية تمر دون استغلال.

وفي أوائل آب/ أغسطس، أغلق صدام حفتر، حقل "الشرارة" في جنوب غرب ليبيا، ما قلل الإنتاج بمقدار 300,000 برميل يومياً من إجمالي 1.3 مليون برميل يومياً تم الإبلاغ عنها في أواخر تموز/ يوليو.

وفي 24 آب/ أغسطس، انخفض الإنتاج مجدداً إلى أقل من 600,000 برميل يومياً، وأعلنت "المؤسسة الوطنية للنفط" حالة القوة القاهرة في العديد من الحقول.

النفوذ الدولي
فشلت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون في ممارسة ضغوط كافية على الأطراف الليبية والدولية التي عرقلت استقرار ليبيا، حيث تمتلك واشنطن الآن نفوذاً كبيراً لمعالجة الأزمة المتعلقة بـ"مصرف ليبيا المركزي".

وعقدت "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا" منتدى تفاوضيا لحل الأزمة المتعلقة بـ"مصرف ليبيا المركزي"، ولدعم هذه المفاوضات.