صحافة دولية

ما تداعيات فضيحة التجسس في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة؟

تنتقد تقارير أمريكية فشل الأجهزة السيادية العراقية في معرفة ما يحدث من تجسس على الحكومة - الصفحة الرسمية للسوداني فيسبوك
أوصى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط٬ الإدارة الأمريكية في تقرير له حول فضيحة التنصت التي طالت العديد من الساسة العراقيين٬ وكان في مقدمتهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالإضافة إلى عدد من الوزراء سابقين والحاليين ومسؤولي مليشيات ومجموعات مسلحة٬ بضرورة مراجعة السياسة مع ساسة العراق كحلفاء.

وفي نهاية الشهر الماضي ذكرت مصادر أن التحقيقات العراقية في شبكة التنصت أسفرت عن اكتشاف "مجموعة كبيرة من الضحايا السياسيين"، بما في ذلك زعيمان بارزان في "الإطار التنسيقي".

 كما بدأت تتضح ملامح فضيحة "ابتزاز سياسي" على مستوى رفيع. وذلك بعد اعتقال بغداد "شبكة تنصت وتزوير تعمل داخل مكتب رئيس الحكومة"، تضم موظفين وضباطاً متخصصين في الأمن الرقمي.

 ورغم التقارير المحلية التي زعمت أن التحقيقات كشفت عن تجسس الشبكة على رئيس القضاء العراقي، إلا أن الأخير نفى، وجود مثل هذه المحاولات.


ووفقا لتوصيات معهد واشنطن٬ فأولاً، ينبغي على الولايات المتحدة عدم محاولة التغطية على الضرر الذي لحق برئاسة الوزراء بقيادة السوداني. فمنذ سنوات، تجنب المسؤولون الأمريكيون الاعتراف بالعلاقات الوثيقة بين السوداني وجماعة "عصائب أهل الحق"، وهي منظمة مصنفة كإرهابية.

 يجب ألا يُسمح لقائد هذه الجماعة، قيس الخزعلي، المصنف أيضًا كإرهابي، بالتحكم في الحكومة العراقية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة.

ويضيف المعهد أن الأدلة الجديدة أظهرت أن السوداني كان على علم مباشر بحملة التنصت، فقد يتعين على واشنطن إعادة تقييم موقفها تجاه رئيس الوزراء. وأن الجهات الخبيثة قد تستغل مثل هذه الأدلة لتعزيز نفوذها عليه.

 كما ينبغي على الولايات المتحدة أن تكون أكثر اهتمامًا بمصالحها من الالتزام بالبقاء السياسي للسوداني، خصوصًا في ظل غضب الخزعلي من الفضيحة التي نشأت عن أخطاء أمنية في مكتب رئيس الوزراء.

 في 31 آب/أغسطس الماضي، أرسلت إيران وفداً إلى بغداد لمحاولة تهدئة الوضع، مما يؤكد الحاجة إلى أن تتخذ واشنطن إجراءات مضادة لتلك الجهود.

ثانيًا، أضاف المعهد أنه ينبغي على واشنطن فرض قيود صارمة على التعاون الاستخباراتي مع "جهاز المخابرات الوطني العراقي"، و"جهاز الأمن الوطني"، وغيرهما من الوكالات الأمنية، حتى تقوم هذه الوكالات بإبعاد المسؤولين السياسيين المتورطين في الفساد، وبالأخص أولئك الموالين للميليشيات والمناصرين لإيران.

 بعد تولي السوداني منصب رئيس الوزراء، تجاهلت واشنطن التعيينات المثيرة للقلق التي أجراها في قطاع الاستخبارات. ومن المتوقع أن تستغل الفصائل الحالية الفضيحة الحالية لإدخال عناصر جديدة إلى المناصب العليا في أجهزة الاستخبارات.

وأكد المعهد أنه يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها كشريك رئيسي للعراق في مكافحة الإرهاب لضمان عدم تعيين أشخاص "أسوأ" من الحاليين في المناصب العليا مثل "جهاز المخابرات الوطني العراقي"، و"جهاز الأمن الوطني"، و"وكالة المعلومات والتحقيقات الاتحادية"، وتجنب استبدال السيئين بأسوأ منهم.

ثالثًا، ختم تقرير المعهد أنه يتعين على واشنطن إعادة تقييم موقفها تجاه المسؤولين العراقيين في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك "جهاز مكافحة الإرهاب"، وسلطات المطارات، وسلطات الموانئ، والوزارات الرئيسية مثل المالية، والداخلية، والنفط، والنقل، وحتى التعليم العالي.


على سبيل المثال، وزير التعليم، الذي ينتمي إلى جماعة إرهابية مصنفة من قبل الولايات المتحدة، يتنقل بحرية في العواصم الغربية.

 وقد تعرضت هذه الوكالات لاختراق مماثل لاختراق "جهاز المخابرات الوطني العراقي"، وهي ظاهرة بدأت قبل عام 2022 وتسارعت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين نتيجة لهيمنة "الإطار التنسيقي" على الفروع التنفيذية والقضائية والتشريعية في العراق.

الدرس الأبرز للمسؤولين الأمريكيين هو أن شخصية رؤساء الوزراء العراقيين وإرادتهم السياسية تلعبان دورًا حاسمًا في تحديد مدى استيلاء إيران على الدولة ومدى تأثير ذلك على العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق.