ملفات وتقارير

عام على "تظاهرات حق العودة" برفح المصرية.. تهجير ومحاكمات عسكرية

بدأ الجيش المصري خطة التهجير بعد انقلابه العسكري مباشرة في شهر تموز/ يوليو 2013- جيتي
"أنا بدي بيتي لا أريد منصب ولا سلطة.. أريد سقف يؤوي أهلي من الشوارع.. أبويا حارب من أجل الحفاظ على هذه الأرض ولم يفرط فيها".. كانت هذه هي كلمات الشيخ صابر الصياح أحد أبرز رموز قبيلة الرميلات منذ ما يقرب من العام على المظاهرة والاعتصام السلمي الذي نظمه آلاف المُهجرين من قرى شرق سيناء المصرية في 31 آب/ أغسطس 2023.

 وتأتي الذكرى الأولى للمهجرين الذين كانوا يطالبون بحق العودة إلى قراهم في رفح والشيخ زويد التي هُجروا منها منذ سنوات٬ في الوقت الذي لم يتمكنوا فيه من العودة إلى منازلهم٬ بل إن اعتصامهم أسفر عن اعتقال 54 مواطناً من بينهم الشيخ صابر الصياح.


ويواجه هؤلاء المعتقلون المحاكمة العسكرية في القضية رقم 80 لسنة 2023، المعروفة بقضية "تظاهرات حق العودة". ففي 28 آب/ أغسطس الماضي قررت المحكمة العسكرية بالإسماعيلية، تجديد حبس 42 من أبناء سيناء لمدة 15 يوماً، كما أنها جددت حبس 12 آخرين لمدة 10 أيام على ذمة القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023، على خلفية تظاهرات "حق العودة".

وفي 31 آب/ أغسطس 2023، بدأت أزمة المهجرين في سيناء مع النظام المصري عندما اجتمع شيوخ القبائل مع قائد الجيش الثاني الميداني، اللواء محمد ربيع، في مدينة العريش على خلفية اعتصام للمهجرين والنازحين.


 وفي 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تجمع المئات من سكان محافظة شمال سيناء من قبيلتي الرميلات والسواركة بالقرب من قريتي الحسينات والمهدية قرب مدينة رفح، وقرية الزوارعة جنوب مدينة الشيخ زويد.

 وكانوا يطالبون بحقهم في العودة إلى أراضيهم بعد انتهاء المهلة التي حددها النظام المصري الذي وعدهم بإعادتهم في موعد أقصاه 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولكنه أخل بوعده.

يذكر أن قوات الجيش استخدمت العنف والاعتداء ضد المتظاهرين والمحتجين، بما في ذلك إطلاق النار والاعتقالات التعسفية، بحسب منظمات حقوقية.


وتعرض أحد المتظاهرين للضرب المبرح من قبل أفراد الأمن بعد أن عمدت مدرعة عسكرية إلى الاصطدام بسيارته، ما أدى إلى إصابته في الرأس وإغمائه. وفي اليوم التالي من المظاهرات، اعتقلت قوات كمين "الشلاق" العشرات من المشاركين في الاحتجاجات على مدخل مدينة الشيخ زويد.

في عام 2021، أبرم اتفاق بين المخابرات الحربية وسكان المناطق والقرى المهجرة يقضي بالسماح لهم بالعودة إلى قراهم في مدينتي الشيخ زويد ورفح، خارج المنطقة العازلة مع قطاع غزة، بشرط تعاونهم مع الجيش في مواجهة عناصر تنظيم ولاية سيناء وتطهير المنطقة من الإرهابيين.

 أدى هذا التعاون إلى وفاة العشرات من أبناء القبائل وإصابة العديد منهم. ورغم أن الأهالي وافقوا على خطة التهجير "المؤقتة"، فإن السلطات المصرية تأخرت في تنفيذ وعود العودة إلى أراضيهم، مستشهدة بضرورة "مكافحة الإرهاب" كمبرر للتأخير.


وبحسب منظمات حقوقية فإن قوات الجيش ارتكبت على مدار العقد الماضي "جرائم جسيمة" ضد المدنيين في شمال سيناء، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وتضمنت هذه الانتهاكات هدم آلاف المنازل والمباني وتجريف عشرات آلاف الأفدنة الزراعية في مدن رفح والشيخ زويد والعريش. وأدت هذه العمليات العسكرية إلى نزوح حوالي 150 ألف شخص من سيناء إلى مدن أخرى داخل المحافظة أو إلى محافظات أخرى.

"ابحثوا عن وطن آخر"
وفي تقرير لمنظمة هيومن رايتس واتش، بعنوان "ابحثوا عن وطن آخر"، تم توثيق إخفاق الحكومة في إعالة السكان على النحو اللائق أثناء عمليات الإخلاء وما تلاها في شمال سيناء.

فمنذ تموز/ يوليو 2013، وبدعوى القضاء على تهديد أنفاق التهريب، قام الجيش المصري تعسفياً بهدم آلاف المنازل في منطقة مأهولة لإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة، فدمر أحياءً بأكملها ومئات الأفدنة من الأراضي الزراعية.


تتضمن الخطة الرسمية للمنطقة العازلة إخلاء حوالي 79 كيلومترًا مربعًا على الحدود مع غزة، ما يشمل بالكامل بلدة رفح التي يبلغ عدد سكانها نحو 78 ألف نسمة.

وتزعم الحكومة المصرية أن هذه المنطقة العازلة تهدف إلى القضاء على أنفاق التهريب التي تستخدم لنقل الدعم اللوجستي من غزة.

نتنياهو لا يريد أنفاقا
وفي هذا السياق زعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين الماضي، أن تحقيق أهداف الحرب على غزة والتي بدأت منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي "يمر عبر محور فيلادلفيا"، وهو المحاذي للشريط الحدودي بين مصر وغزة.


 وشدد على أن الجيش لن ينسحب منه "على الإطلاق"٬ كما أن نتنياهو اتهم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي٬ والرئيس الأسبق حسني مبارك بالسماح بتدفق السلاح إلى قطاع غزة عبر الأنفاق.