ملفات وتقارير

الرئيس التونسي يجري تعديلا وزاريا قبل 40 يوما من الانتخابات.. ماذا يعني ذلك؟

يسعى سعيد إلى ولاية جديدة في سدة الحكم بتونس- وكالة الأنباء الرسمية التونسية
أجرى الرئيس التونسي قيس سعيد، تعديلا وزاريا مفاجئا قبل 40 يوما من  موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وسط توترات سياسية متواصلة منذ عام 2021، واتهامات للرئيس التونسي بتقويض الديمقراطية من خلال إقصاء معظم المعارضين البارزين من الانتخابات المقبلة.

وأثار التعديل الوزاري الموسع، والذي شمل 19 وزيرا و3 كتاب دولة، انتقادات واسعة من السياسيين من مختلف الانتماءات الفكرية معتبرين أن قيس سعيد يعتمد سياسة الأمر الواقع والمرور بقوة في الانتخابات المقبلة وحكم البلاد خمسة أعوام أخرى." وفق تقديرهم.

وقال سعيد، إن التعديل الوزاري كان ضروريا نظرا لتعطل دواليب الدولة، معتبرا أن من يستغربون إجراء التعديل قبل موعد الانتخابات "هم من المفترين الكاذبين الذين لا يفرقون بين الدولة وأمنها القومي، والسير العادي لدواليبها وبين الانتخابات".

واتهم سعيد أطرافا لم يسمها "بنوايا إجرامية لتأجيج الأوضاع لغايات انتخابية مفضوحة"، مشددا على أنه ولو اقتضت المصلحة العليا للبلاد إدخال تحوير وزاري حتى بعد فتح مكاتب الاقتراع، لما تم التردد ولو للحظة واحدة في إجراء مثل هذا التعديل".

3 رؤساء حكومات.. 18وزيرا لـ6 وزارات 

والأحد أدخل سعيد، تعديلا موسعا على حكومة كمال المدوري الذي تم تكليفه منذ 3 أسابيع، بتحوير لم يشمل وزيرة العدل التي حافظت على منصبها بالحكومة الثالثة على التوالي وشمل وزارات سيادية كالدفاع والخارجية.

ومنذ إعلان إجراءات 25 يوليو 2021، والتي تم من خلالها إعفاء حكومة هشام المشيشي، تداول على قصر الحكومة بالقصبة 3 رؤساء حكومات.



فكانت الحكومة الأولى مع نجلاء بودن وهي أول امرأة تكلف برئاسة حكومة في تاريخ البلاد ولكن لم يستمر حكمها أكثر من سنة ليتم عزلها وتكليف أحمد الحشاني خلفا لها فوجد بدوره نفسه معزولا وتم تعيين كمال المدوري خلفا له بتاريخ السابع من الشهر الجاري.

وفي كل تكليف يؤكد سعيد أن الوظيفة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة، فالوزير هو للمساعدة وليس وزيرا أو أن تكون له اختيارات خارج التي يضبطها رئيس الجمهورية ".

والتعديلات الوزارية بتونس في الثلاث سنوات الأخيرة، كانت عديدة ومتواترة بشكل لافت، ففي وزارات "الداخلية والخارجية، والتربية والفلاحة، والاجتماعية والتجارة" تداول أكثر من 18 وزيرا على هذه الوزارات فقط، فهناك وزارات لا يستمر فيها الوزير أكثر من شهرين.

يشار إلى أن جميع الإعفاءات كانت تصدر في بلاغات رئاسية على الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك " ودون أية توضيحات عن أسبابها.

"لا نية للخروج من الحكم"

وقال الوزير السابق والسياسي خالد شوكات إن "التعديل الحكومي زمن سعيد تحول إلى مجرد ترقيات وظيفية حيث أن أغلب المعينين وجوه مغمورة بلا ماض سياسي، وهم قادمون من الإدارة حيث كانوا يشغلون مناصب من قبيل مدراء عامين لأقسام وزارية أو شركات عمومية".

واعتبر شوكات في حديث لـ"عربي21"، "أن التعديل يجعل هذه الحكومة كسابقاتها من حكومات سعيد بعد انقلابه على الانتقال الديمقراطي سنة 2021، حكومة بلا برنامج سياسي أو تنموي تندرج ضمن سياق حكم ترقيعي يدير اليومي ويطفئ الحرائق المستجدة، حكم بلا أفق استراتيجي أو إصلاحي ".

وأضاف السياسي شوكات: "فيما يتعلق بتغيير الحكومات، فقد تعود التونسيون على حكومات فاشلة يقع تعويضها بحكومات أكثر فشلا، وهي حكومات قصيرة النفس معدل أعمارها لا يتجاوز السنة… بل لعلها هذه المرة محاولة من سعيد لمسح يديه في الحكومة المقالة حتى يقول الناس إن من فشل هي الحكومة لا الرئيس، وهكذا يحسّن من حظوظه الانتخابية ".

وفي رده على توقيت التعديل أجاب شوكات: "التوقيت يعزز الاعتقاد بأنه لا نية لسعيد في الخروج من الحكم أو التداول السلمي على السلطة، فالمسألة ليست يقينا من نتيجة الانتخابات سلفا، لأن أي سياسي بصفر منجز وسيرة متأزمة يفترض به أن يخسر الانتخابات لا أن يربحها، لكننا في سياق هذا الانحراف السياسي الكبير نتوقع أي شيء".

"تعديل حملة الأمل"

بدوره قال القيادي بحركة النهضة و"جبهة الخلاص الوطني" بلقاسم حسن "إن مختلف التحويرات والتعديلات في تركيبات الحكومات منذ 25 تموز / يوليو 2021، لا تغير من موقفنا المبدئي في اعتبارها حكومات الانقلاب، وما ينجم عن ذلك من قراءة لها في علاقة بالشرعية وبالتجربة الديموقراطية ".

وأضاف بلقاسم حسن في حديث خاص لـ"عربي21": "نعتبر كل من يشارك في التعديل من بين أطراف الانقلاب بقطع النظر عن اسمه، خاصة أننا نعرف حدود مسؤولياتهم ونعرف جيدا طبيعة ارتباطهم برئيس الجمهورية في ظل الصلاحيات التي حددها لنفسه بعد انقلاب 25 يوليو 2021".

وعن التعديل الواسع وتوقيته اعتبر بلقاسم حسن أنه "كان منتظرا منذ مدة أن يحصل، بالتحديد في علاقة بالموعد الانتخابي القادم الذي يتطلب الإتيان بوجوه جديدة ليس عليها ملاحظات تحملها مسؤوليات الفشل الحكومي الذي سوف يبقى بمثل هذا التعديل مرتبطا بالوزراء السابقين وبرئيس الحكومة المقال ومن سبقهم منذ 25 يوليو 2021".


ورأى القيادي بالنهضة أنه "أمر طبيعي أن تنحية وزراء ورئيس حكومة تعني عدم الرضا على أدائهم ويكونون بذلك عرضة لتحميلهم مسؤولية عدم النجاح وعدم الإنجاز وبث الأمل في نجاح المعينين الجدد، أما بالنسبة إلى من وقعت المحافظة عليهم، فذلك يعني بكل بساطة أنهم يحظون بثقة الرئيس ورضاه عنهم".

وتابع محدثنا: "توقيت التعديل، حقيقة لا بد من ربطه بالموعد الانتخابي القادم وباستباق الحملة الانتخابية بحكومة جديدة ليس وراءها ما تم تسجيله من فشل ومشاكل وتكون فرصة للحديث عن برامج ووعود مستقبلية حتى يطمئن التونسيون لانتظارها طيلة السنوات الخمس القادمة".