قضايا وآراء

لماذا يخاطر عرب ومسلمون بحياتهم في قوارب الموت للهجرة من بلادهم؟

لا يكفي أن تعمد دولٌ غربية لترحيل اللاجئين غير الشرعيين، أو زيادة الإجراءات الرادعة، ولكن يتوجب عليها العمل مع النخبة في تلك الدول، لإيجاد حلول بناءة تضمن مسارات ديمقراطية تحيي الحياة السياسية، وتكافح الفساد، وتضمن النهضة الاقتصادية.. الأناضول
٦٩٪ من لاجئي القوارب الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة خلال عامٍ مضى هم من دول عربية ومسلمة، وتتصدر أفغانستان وإيران وتركيا القائمة، تليها #سورية والعراق، ولا يغيب #السودان ومصر عن قائمة العشر الأُوَل!

بين آذار ٢٠٢٣ وآذار ٢٠٢٤ خاطر ٣١٠٧٩ لاجئاً بحياتهم للوصول إلى الشواطئ البريطانية بعد أن اعتراهم اليأس من أوضاع بلدانهم، لأسباب سياسية واقتصادية، والواقع أن فقدان الأمل في التغيير، وتردي الأوضاع، يلعب دوراً جوهرياً في دفع مئات الآلاف من العرب والمسلمين والأفارقة للهجرة، بوسائل تعتريها خطورة ومجازفة، بغية الوصول لعالمٍ يعتقدون أنَّ بوسعهم بدء حياة جديدة فيه.

لستُ من مشجعي اللجوء والهجرة غير الشرعية، وأحزنُ لفقدان أرواح شبان يافعين، وهم يعبرون البحار أو الغابات أو طرقاً وعرة وخطرة، سعياً لحياة جديدة، وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن ٢٢٦ شخصاً، بينهم ٣٥ طفلاً فقدوا أو ماتوا أثناء محاولتهم الوصول إلى بريطانيا عبر البحر، بينما تعتزم حكومة العمال ترحيل ٩ آلاف لاجئ غير شرعي هذا العام.

ما يجري أبعدُ من هجرة ولجوء، ويقترب ليكون تغييراً ديمغرافياً يُعيد تشكيل مجتمعات بأكملها، في ظل تقارير عن تسريبات بعشرات الآلاف لقادمين من إيران وباكستان إلى #العراق وسورية، والحديث عن عمليات تجنيس وتوطين وسلب ممتلكاتِ مُهجرين.
تستحق أزمة اللجوء والهجرة غير الشرعية بحثاً عميقاً من قبل النخبة الفكرية والسياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي، والأسباب الطاردة لهؤلاء، وهم ركيزة أساسية وشابة في مجتمعاتهم، وتتحمل الحكومات والأنظمة، مسؤولية كبرى في ذلك، سواء لجهة تفشي الاستبداد في عدد من الدول، أو فشل مشروع التنمية، أو انهيار المنظومات الاقتصادية والاجتماعية، وغلق الباب أمام التغيير بأدوات سلمية.

لا يكفي أن تعمد دولٌ غربية لترحيل اللاجئين غير الشرعيين، أو زيادة الإجراءات الرادعة، ولكن يتوجب عليها العمل مع النخبة في تلك الدول، لإيجاد حلول بناءة تضمن مسارات ديمقراطية تحيي الحياة السياسية، وتكافح الفساد، وتضمن النهضة الاقتصادية، وتحقق عقداً اجتماعياً يحدُّ من حالة الفوضى والإقصاء والنزاعات البينية.

ما يجري أبعدُ من هجرة ولجوء، ويقترب ليكون تغييراً ديمغرافياً يُعيد تشكيل مجتمعات بأكملها، في ظل تقارير عن تسريبات بعشرات الآلاف لقادمين من إيران وباكستان إلى #العراق وسورية، والحديث عن عمليات تجنيس وتوطين وسلب ممتلكاتِ مُهجرين.

الأمر يحتاجُ نقاشاً من أبعاده المختلفة، مع ضمان حقوق الناس في حياة كريمة وآمنة خارج دول غارقة في الفوضى والإرهاب والاستبداد.

*مدير عام مركز لندن للاستراتيجية الإعلامية