صحافة دولية

تراجع هيمنة الدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ عقود.. ماذا يعني ذلك؟

انخفاض الاحتياطي العالمي من الدولار في الوقت الراهن حوالي 59 ٪ - جيتي
نشر موقع "كوين تريبون" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن تراجع هيمنة الدولار الأمريكي الذي يعتبر أحد علامات التحوّل التي يشهدها الاقتصاد العالمي.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه للمرة الأولى منذ عقود انخفضت حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية إلى أقل من 60 بالمئة.

يعكس هذا التراجع تغيرات عميقة تقودها الاقتصادات الناشئة، خاصة أعضاء كتلة البريكس، التي تسعى إلى إعادة تحديد قواعد اللعبة المالية العالمية. ومع تحول البنوك المركزية في البلدان النامية بعيداً عن الدولار نحو الذهب وعملاتها المحلية، من الممكن أن ينشأ نظام نقدي جديد.

تخلي البريكس عن الدولار: استراتيجية تهدد الاقتصاد العالمي
تمكنت مجموعة البريكس من تأكيد نفسها باعتبارها لاعبًا رئيسيًا في إعادة تعريف التوازنات الاقتصادية العالمية. وفي مواجهة الاعتماد التاريخي على الدولار الأمريكي، تتبنى هذه الدول استراتيجية لتنويع احتياطياتها.

في هذه البلدان، تتجه البنوك المركزية، التي تدرك المخاطر الكامنة في هيمنة الدولار، بشكل متزايد إلى الذهب وعملاتها الوطنية. وقد تسارع هذا الاتجاه خاصة تحت قيادة الصين التي ضاعفت عملتها اليوان حصتها في الاحتياطيات العالمية لتصل 3 بالمئة، الخطوة التي تعكس رغبة واضحة في الحد من تأثير الدولار على المعاملات الدولية وتعزيز سيادتها الاقتصادية.

وأشار الموقع إلى أن انخفاض الاحتياطيات العالمية من الدولار، التي تبلغ في الوقت الراهن 59 بالمئة مقارنة بنحو 72 بالمئة في سنة 2002، لا يجسد فقط إعادة تخصيص لرأس المال بل رفضا تدريجيا للنموذج الاقتصادي الأمريكي، الذي تفاقم بسبب المخاوف بشأن الديون الهائلة للولايات المتحدة، والتي تقدر بنحو 35 تريليون دولار.

ومن خلال مضاعفة المبادرات الرامية إلى الترويج لعملاتها المحلية، تبعث مجموعة البريكس برسالة قوية مفادها أنها لم تعد ترغب في الاعتماد على عملة أصبح استقرارها موضع شك.

كيف تعيد البريكس تعريف قواعد اللعبة؟
ذكر الموقع أن عملية التخلي عن الدولرة التي نظمتها مجموعة البريكس لا تقتصر على التنويع البسيط للأصول بل تنبئ بإعادة هيكلة عميقة للتدفقات المالية الدولية.

ويفرض هذا التحول ضغوطاً متزايدة على الولايات المتحدة التي يعتمد اقتصادها تاريخياً على هيمنة الدولار. وفي حال استمر هذا الاتجاه، قد تواجه الأسواق المالية الأمريكية اضطرابات غير مسبوقة.

يُهدّد الانخفاض الكبير في الطلب العالمي على الدولار بانخفاض قيمة العملة الأمريكية وجملة من التداعيات على أسعار الفائدة وأسواق الصرف الأجنبي وربما استقرار النظام المالي العالمي.

في الوقت نفسه، فإن أوروبا ليست بمنأى عن هذا التغيير، حيث شهد اليورو الذي كان يُنظر إليه كبديل جدير بالثقة للدولار، انخفاضا في حصته في الاحتياطيات العالمية حيث هبطت إلى 19 بالمئة بعد أن كانت 28 بالمئة سنة 2008.

ويستفيد اليوان الصيني من هذه الديناميكية مما يعزز موقف الصين على الساحة الاقتصادية العالمية. وفي حال استمر هذا الاتجاه، فقد يهيمن عدد كبير من العملات على المشهد النقدي الدولي، وهو ما من شأنه أن يحد من تأثير العملات التقليدية ويبشر بعصر من التفتت النقدي.

وفي ختام التقرير، تساءل الموقع عن مدى قدرة الولايات المتحدة وأوروبا على التكيف مع هذا النموذج الجديد، وما إذا كان سيتم دفعهما إلى المرتبة الثانية في اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب.