مدونات

لماذا يستهدف الاحتلال الأطفال والنساء في عدوانه على غزة؟

"جنود الاحتلال يواصلون قتل الأطفال والنساء والشيوخ"- جيتي
ليس جديدا على الاحتلال استهداف الأطفال والنساء الفلسطينيين، سواء بالقتل أو الاعتقال، وليس مستغربا في فكر الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب إبادة وجرائم ضد الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، حيث وضعت قوات الاحتلال الصهيوني منذ النكبة في عام 1948، استراتيجيات اقتلاعية واحتلالية واضحة تجاه من بقي في فلسطين التاريخية.

هذه السياسة مستمرة إلى اليوم، وهذا الفكر قائم على الإبادة والتطهير العرقي، وهذا ما يحدث الآن في العدوان على قطاع غزة، فجنود الاحتلال يواصلون قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ولا يضبط سلوكهم قواعد أخلاقية ولا قيم إنسانية، وإنما الهمجية والوحشية والبربرية هي المسيطرة عليهم. وبالنظر إلى سجل جرائم الاحتلال على مر أيام وجوده الطارئ، نجد أن هذا الاحتلال لا ينتمي إلى الجنس البشري، ومن خلفه فتاوى كبار الحاخامات اليهود المتطرفين، التي تُبيح سفك دماء الأطفال والنساء؛ خوفا منهم ومن سيرهم على نهج آبائهم في الدفاع عن الأرض والحق الفلسطيني، ومن ثم يرون ضرورة القضاء على النسل الفلسطيني، والقضاء على جيل جديد من المقاومة الفلسطينية.

استهداف الأطفال والنساء

لطالما شكّل أطفال فلسطين ونساؤها وقطاع غزة هدفا واضحا وصريحا لجيش الاحتلال، نجد أن السنوات التي يشن فيها الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، تتضاعف فيها أعداد الشهداء الأطفال والنساء عن غيرها من السنوات، وهذا يُدلّل على حجم الإجرام الذي تستخدمه آلة الحرب الهمجية في عدوانها، وأضاف لها بُعدا جديدا بعد عملية "طوفان الأقصى"، عندما ركّز الاحتلال على استهداف المنازل الآمنة وأغلب هذه المنازل فيها أطفال ونساء، ويقصفها بالصواريخ والقنابل، ويريد بذلك القضاء على أكبر قدر ممكن من الأطفال والنساء؛ لأن العامل الديمغرافي مؤثر جدا في الوجود على الأرض الفلسطينية، في ظل أن الاحتلال يريد أن يكون عدد السكان لديه أكثر من الفلسطينيين؛ فكثرة السكان الفلسطينيين يشكل خطرا حقيقيا على وجود الاحتلال، إضافة إلى أن الاحتلال يقصف بعشوائية ويريد بذلك إرهاب الشعب الفلسطيني، ولا يريد أن يُخرج جيلا جديدا من المقاومة، لذا فهو يرهبه ويرعبه ويقتله ببشاعة لإحداث حالة كبيرة من الرعب في الشعب الفلسطيني.

تقرير المرصد الأور ومتوسطي عن أطفال غزة

يتحدث تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن إحصاءاته تُظهر أن قوات الاحتلال قتلت 2100 طفل رضيع فلسطيني ممن تقل أعمارهم عن عامين، ضمن نحو 17 ألف طفل قتلهم في قطاع غزة منذ بداية جريمة الإبادة الجماعية، التي ترتكبها "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وذكر الأورومتوسطي في بيان له، أن عدد الأطفال الفلسطينيين، سواء الأطفال الرُضع أو الأطفال عموما، الذين قتلهم جيش الاحتلال، مُفزع وغير مسبوق في التاريخ الحديث للحروب، ويعبر عن نمط خطير وقائم على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين في قطاع غزة، باستهداف الأطفال على نحو متعمد ومنهجي وواسع النطاق دون توقف منذ أكثر من عشرة أشهر، وبأكثر الطرق وحشية وأشدها فظاعة.

وأكد المرصد الأورومتوسطي، أن العديد من الأطفال كانت تقطعت رؤوسهم وأعضاء أجسادهم؛ بفعل القصف الهمجي شديد التدمير على تجمعات المدنيين، وبخاصة المنازل والمباني والأحياء السكنية ومراكز الإيواء وخيام النازحين قسرا، بما يشكل انتهاكا صارخا لقواعد التمييز والتناسب والضرورة العسكرية واتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وذكر الأورومتوسطي، أن فريقه الميداني وثق الثلاثاء مقتل الطفلين الرضيعين "آسر" و"آيسل" محمد أبو القمصان، وهما توأمان لم يتجاوز عمرهما الأربعة أيام، حيث استشهدا صباح 13 آب/ أغسطس 2024، مع والدتهما "جمان" وجدتهما في قصف الاحتلال، الذي استهدف شقة سكنية في دير البلح وسط قطاع غزة.

وأشار إلى أن والد الطفلين كان قد خرج لاستخراج شهادة ميلاد لطفليه حديثي الولادة، وعاد إلى الشقة ليجدها مدمرة وجميع أفراد أسرته، بالإضافة إلى الجدة، قتلوا باستهداف الاحتلال مباشرة على المنزل.

وأبرز الأورومتوسطي أن الجيش "الإسرائيلي" يمتلك تكنولوجيا متطورة، وهو يعلم في كل مرة يستهدف فيها منزلا أو مركز إيواء من داخله من المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، ومع ذلك يقصفها بصواريخ وقنابل ذات قدرة تدميرية كبيرة، متعمدا بذلك إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح المدنيين وإحداث الإصابات الشديدة، بدلالة النمط المتكرر والمنهجي وواسع النطاق للاستهداف الإسرائيلي للمدنيين في قطاع غزة، والأسلحة شديدة التدمير والعشوائية، وبخاصة ضد المناطق ذات الكثافة السكانية المدنية المكتظة.

وشدد الأورومتوسطي على أن حالة الرضيعين "آسر" و"آيسل"، هي حالة متكررة، فيوميا يسجل ضحايا من الأطفال وبينهم أطفال رضع.

تنكّر الاحتلال للقانون الدولي

قائمة جرائم الاحتلال الصهيوني النازي في قطاع غزة والضفة الغربية مُكتظة وبدأت منذ سنوات، وأضاف لها أبعادا جديدة في السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فهي جرائم حرب مركبة من خلال استهداف منازل بداخلها أطفال ونساء، منتهكا كل معايير الحماية التي وفرتها اتفاقية جنيف الرابعة للأطفال والنساء، واتفاقية روما التي تعد استهداف الأطفال جريمة حرب، خاصة أن الاحتلال يتنكر لكل قواعد القانون الدولي والإنساني، ويمارس إرهابا منظما، ولا يكترث كثيرا لحماية الأطفال والنساء الواجبة وفقا للقانون الدولي والإنساني.

 ما نراه من حرب إبادة في قطاع غزة، شاهد على جرائم الاحتلال وممارسته إرهابا منظما، دون اكتراث لحماية الأطفال والنساء، حيث لا تمر ساعة واحدة، إلا ونرى أطفالا قد ارتقوا شهداء هم وأهلوهم.

تبقى الحقيقة التي يجب أن يعلمها الاحتلال ومعه دول الظلم الغربي والعربي، أن "شعب فلسطين سيبقى عزيزا متجذرا بأرضه وأرض آبائه وأجداده، وأن فلسطين مباركة وولّادة، وسيكون لأطفال فلسطين ونسائها كلمة السر في نصرها والتحرير والعودة".