ملفات وتقارير

"الأعلى الليبي" ينقسم بين رئيسين.. ما تداعيات ذلك على الانتخابات وتشكيل حكومة؟

تكالة قرر إحالة قضية فرز الأصوات للدائرة الدستورية بالمحكمة العليا لحسم النتيجة- المجلس الأعلى للدولة
سيطر الحديث عن خلافات قانونية في انتخاب رئيس جديد للمجلس الأعلى في ليبيا على المشهد العام هناك، وسط مخاوف من انقسام المجلس الذي يعد المؤسسة الوحيدة المنتخبة التي لم يضربها الانقسام إلى جسمين كعادة المؤسسات الليبية.

وتسببت ورقة انتخابية في إثارة الجدل والخلاف حول حسم منصب رئيس المجلس في الانتخابات الدورية سنويا، بعد وصول المرشحين محمد تكالة وخالد المشري إلى جولة إعادة على المنصب، وحصل كل منهما على 69 صوتا قبل اكتشاف ورقة باطلة.

"ماذا حدث؟"
من جهته، كشف رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا والمرشح لمنصب النائب الثاني، موسى فرج، تفاصيل ما حدث في انتخابات رئاسة المجلس منذ قليل، وأسباب الخلافات بين الأعضاء، وعدم حسم النتيجة.

وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "ما حدث اليوم في انتخابات رئيس جديد هو حضور 139 عضوا لجلسة التصويت، وتم تأهل الرئيس الحالي محمد تكالة، والسابق خالد المشري، لجولة إعادة لحسم المنصب، وتحصل الاثنين على 69 صوتا بالتعادل، لكن وجدت ورقة بيضاء مكتوب على ظهرها في أصوات تكالة، ما جعل مجموعة المشري تشكك فيها، وتطالب باستبعادها، ليحسم الأمر للمشري، لكنّ تكالة وكثيرا من الأعضاء رفضوا ذلك".

وأوضح فرج أن رئيس المجلس الحالي "تكالة" قرر رفع الجلسة، وإحالة الأمر برمته للدائرة الدستورية بالمحكمة العليا لحسم النتيجة، سواء له أو للمشري، "كون هذه المشكلة تحصل لأول مرة في تاريخ انتخابات مكتب الرئاسة، لذا تم إحالة الخلافات في نتيجة الانتخابات إلى القضاء لحسم الأمر"، وفق قوله.

"المشري يعترض"
وعقد المرشح لمنصب الرئيس، خالد المشري، مؤتمرا صحفيا فور مغادرة الأعضاء لقاعة التصويت، أكد فيه أنه الرئيس الشرعي للمجلس الأعلى للدولة، وعلى المتضرر الطعن في قراراته مستقبلا، واصفا ما حدث من تكالة بأنه "بلطجة سياسية"، وأن حل المشكلة ليس في إعادة الجولة، وهذا سيفتح الباب للتدخل في النتائج.

وأكد خلال كلمة متلفزة أنه "يرفض التنازل عن حقه، وأنه سيتواصل مع الجهات المحلية والدولية بصفته رئيسا للمجلس، متهما حكومة الدبيبة بأنها وراء فوز تكالة سابقا"، وفق قناة "ليبيا الأحرار" المحلية.

فهل دخل "الأعلى الليبي" على خط الانقسام؟ وما تأثير ذلك على المشهد العام والانتخابات؟

"تجميد وفقد شرعية"
من جهته، قال نائب رئيس حزب العمل الوطني ووزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر، إنه "إذا ما رفض تكالة التسليم وقبول النتيجة، فقد يؤدي الأمر إلى شل المجلس الأعلى للدولة أو انقسامه ليستمر المشهد السياسي معطلا وجامدا، وقد يفقد المجلس شرعيته أمام المنظمات الدولية، ويدفع إلى الاتجاه نحو طرق أخرى لحلحلة التعطيل وإيجاد مخرج بديل لهذا الموقف المتأزم، وقد يمضي البرلمان قدما في تشكيل حكومة متذرعا بحالة المجلس المرتبك".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "يُتوقع من الأعضاء، بمن فيهم أنصار تكالة، التدخل لحسم الأمر، وإقناع تكالة بقبول النتيجة، كما أن دعوة تكالة إلى جولة ثالثة للانتخابات في 20/ 8 الأمر الذي رفضه المشري ووصفه برفض قبول النتيجة، تؤكد إصرار تكالة على التمسك بموقفه، ما يعزز انقسام المجلس واتجاه الأمور إلى طريق مسدود ومجهول"، وفق تقديراته.

"رشاوي وتدخل الدبيبة"
في حين قال الأكاديمي الليبي، عماد الهصك: "ما حدث في انتخابات الأعلى الليبي ما هو إلا فصل من فصول حالة الانقسام الذي يظهر حالة التقاطب الحاد بين طرفي التوافق وكتلة تكالة والدبيبة، وتدخّل حكومة الدبيبة في الانتخابات كان جليًا عبر عدة ممارسات، منها ما يأخذ طابع الترغيب كدفع مبالغ مالية، أو الوعود بمناصب، وهذا ليس بجديد، فقد رأيناه في ملتقى جنيف".

وفي تصريحه لـ"عربي21"، أضاف أن "بعض تدخلات الدبيبة أخذ طابع الترهيب، مثل إحالة بعض أعضاء الأعلى للدولة إلى جهاز الأمن الداخلي للتحقيق معهم، وقد كان آخر مظاهر هذا الترهيب ما تعرض له عضو المجلس نزار كعوان من محاولة الاعتقال بقوة السلاح دون رفع حصانة".

أشار إلى أن "إحالة تكالة قضية الخلاف على نتيجة الانتخابات إلى القضاء هو زيادة في التعقيد، فضلا عن أن هذا الإجراء مخالف للائحة الأعلى للدولة؛ وذلك لكسب الوقت، وخلطًا للأوراق، على الرغم من أن حل هذا الخلاف من اختصاص اللجنة القانونية في المجلس، وهذا الإجراء قد يؤدي إلى انقسام المجلس إلى مجلسين، لكل منهما رئيسه وأعضاؤه إذا لم يتراجع تكالة عن حالة التصعيد هذه"، بحسب قوله.


"مواجهة عسكرية"

وفي تعليقه على ما انتشر من دفع رشاو وتدخلات في التصويت، قال الهصك: "حكومة الدبيبة تدرك جيدا أن فوز المشري هو الذهاب قُدمًا نحو التوافق مع البرلمان، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة؛ لهذا يستميت الدبيبة على بقاء تكالة وفريق التأزيم، ليستمر الأمر على ما هو عليه من انقسام وتشظٍ، وهذا الوضع يضمن لها البقاء أكبر وقت ممكن، لهذا وظفت كل إمكاناتها لبقاء تكالة عبر دفع الرشاوى، وإعطاء الوعود، وترهيب الخصوم السياسيين، حسب رأيه.

وتابع: "وإذا استمرت حكومة الدبيبة في تمترسها بطرابلس، فسيزداد الوضع تعقيدًا، وسوف تتجذر حالة الانقسام، وقد يصل الأمر إلى مرحلة المواجهة العسكرية ما لم تتدخل الأمم المتحدة بإجراء حازم وملزم، كتشكيل لجنة حوار جديدة تنزع الصلاحيات من المجلسين الأعلى والبرلمان، وتشكل حكومة جديدة مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات في مدة زمنية محددة"، كما قال.

"تكالة هو الشرعي"
عضو حراك "فزان" السياسي والمحلل الليبي، وسام عبد الكبير، قال من جانبه إنه "لن يكون هناك انقسام حقيقي في مجلس الدولة، وستبقى الرئاسة الحالية في يد "محمد تكالة"، وستكون هي صاحبة الشرعية والقرار، ولن يحدث في المجلس ما حدث في السلطة التنفيذية والمناصب السيادية".

وأوضح أن "المشري لا يريد الاحتكام للقضاء، ولا يرغب في إعادة الجولة، هو يريد أن يكون الرئيس للمجلس وفقط، ودعوته إلى إحالة الأمر للجنة القانونية أمر غير مقبول كون رئيس هذه اللجنة هو عادل كرموس، وهو مرشح منافس ورئيس كتلة التوافق المعارضة لتكالة، وبالتالي لا يمكن أن يكون هو الخصم والحكم، كما أن كل ما يشاع عن حدوث رشاوى انتخابية من قبل بعض الأطراف هو حديث لا أساس له"، حسب رأيه وتصريحه لـ"عربي21".