طرحت
التوافقات الجديدة بين مجلسي
النواب والأعلى للدولة في
ليبيا خلال اجتماعات في العاصمة المصرية القاهرة بعض الأسئلة حول الخطوة ومدى مساهمتها في حل الانسداد السياسي والأزمة، وعلاقتها بإزاحة حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد
الدبيبة.
وأكد البيان الختامي للاجتماع الموسع الثاني لأعضاء مجلسي النواب والدولة في القاهرة ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وفق القوانين المتوافق عليها وتقديم مقترح خارطة طريق لاستكمال باقي الاستحقاقات الضرورية للوصول إلى الانتخابات، كما تم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة واحدة من خلال دعوة مجلس النواب للإعلان عن فتح باب الترشح، والشروع في تلقي التزكيات".
"4 مسارات وحكومة جديدة"
وتضمنت مسودة الاتفاق بين أعضاء المجلسين 4 نقاط رئيسية، هي: وضع مسار تنفيذي للقوانين الانتخابية بما يضمن توحيد المؤسسات وتهيئة الظروف لإنجاح الانتخابات، وكذلك اعتبار الاتفاق تعديلا لملحق خارطة تنفيذ القوانين الانتخابية، وأن جميع الجلسات المتعلقة باختيار رئاسة وأعضاء الحكومة تكون علنية وتدعى البعثة الأممية لحضورها، والاتفاق على أربعة مسارات لتنفيذ خارطة الطريق".
مراقبون للاجتماعات بين مجلسي النواب والدولة رأوا أن التوافقات الأخيرة هي مجرد صفقة جديدة هدفها إزاحة حكومة الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة واحدة، خاصة أن أغلب أعضاء مجلس الدولة المشاركين في الاجتماع يتبعون تيار الإخوان وأحزابهم (الحزب الديمقراطي وحزب العدالة والبناء)، وأعضاء في البرلمان محسوبين على تيار حفتر وعقيلة صالح"، وفق مزاعمهم.
وذكرت مصادر متطابقة من
المجلس الأعلى للدولة في ليبيا لـ"عربي21" أن "الأعضاء المشاركين في اجتماع القاهرة يمثلون أنفسهم وهم تيار كتلة التوافق الوطني وهم مناوئون لرئيس المجلس، محمد تكالة وكذلك لحكومة الدبيبة وهم أقرب لمعسكر عقيلة صالح، وأن المخرجات ربما ترفض من رئاسة المجلس".
"توافق جيد ودعم دولي"
من جهته، قال المرشح لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، عبد الحكيم بعيو إن "أغلب المرشحين للسلطة التنفيذية الجديدة رحبوا بمخرجات اجتماع القاهرة وكذلك تقديم الشكر لحكومة الدولة المصرية على الاستضافة ومساهمتها في توحيد المؤسسات الليبية، لذا أتوقع نجاح هذا التوافق بامتياز".
وأكد في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "هذا الاتفاق سيحصل على الدعم والاعتراف الدولي وأن الاتفاق سينجح لأنه مبني على القوة المالية لمجلسي النواب والدولة، كون الميزانية الأخيرة التي اعتمدها البرلمان هي لأجل الحكومة القادمة وليست للحكومة الحالية، وهذا يعتبر نجاحا كبيرا للوطن ولليبيين بالكامل"، وفق قوله.
وحول مستقبل الحكومة الجديدة في ظل حالة الانقسام، قال بعيو: "حكومة الانتخابات لن يتعرض لها أحد لأنها هي التي تملك الموارد المالية، والذي يملك الموارد المالية يملك تشكيل الحكومة ببساطة ممكنة، وستكون قوتها وعملها على كامل التراب الليبي".
"صفقات وسياحة سياسية"
في حين رأى الإعلامي الليبي والمرشح في الانتخابات البرلمانية المرتقبة، عاطف الأطرش أن "تكرار هذه الاجتماعات التي أضحت مجرد سياحة سياسية لمن فقدوا شرعيتهم، مجرد صفقات ومراهقة سياسية ومن الحماقة انتظار نتائج إيجابية منها".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أنه "حتى وإن اتفق أعضاء المجلسين الذين تجاوزوا مدتهم القانونية على تشكيل حكومة جديدة وأصبحت الأمور سمنا على عسل بينهما فليخبروا الجميع كيف سيتخلصون من حكومة الدبيبة مثلا؟، لذا لا أمل في أي انفراجة كون ما يحدث هو تكرار لنفس الخطوات السابقة"، حسب رأيه.
"تضارب مصالح"
الباحث التونسي في العلاقات الدولية والمتابع للشأن الليبي، بشير الجويني قال من جانبه إن "الرهان على مزيد من تمطيط الأزمة وربح الوقت من هذا الجانب أو الآخر لا يخدم طرفي النزاع خاصة أن الشارع والرأي العام الدولي يشهدان تململا".
وأضاف: "الانسداد في ليبيا مركب ومعقد والجانب السياسي هو الجزء الظاهر من جبل الجليد وهو يخفي تضارب مصالح يختلط فيها الجيوسياسي بالاقتصادي والأمني العسكري، فالتعويل على اجتماع واحد برعاية منفردة قد لا يكون لوحده كفيلا بحل الأزمة في مختلف أبعادها"، وفق تقديراته.
وتابع لـ"عربي21": "قد يكون هذا الاجتماع محاولة لتحريك المياه الراكدة وترفيع سقف التفاوض خاصة أن التواصل بين طرفي النزاع بدأ يأخذ أشكالا تواصلية أوضح، لكن سيبقى السؤال: هل الأطراف الخاسرة من تقارب قطبي النزاع سترضى بهذا التقارب أم أنها ستعمل على تقويضه بغض النظر أكان في مصلحة الشعب الليبي وإنهاء المراحل الانتقالية أم لا"، كما تساءل.
"إزاحة الدبيبة"
وقال الباحث والأكاديمي الليبي، إسماعيل المحيشي إن "هدف هذا التوافق وهذا الاجتماع بهذا الحجم هو إزاحة الدبيبة من السلطة التنفيذية، لكن هذه الحكومة ورئيسها لا زالوا يمتلكون قوة على أرض الواقع ويعقدون مؤتمرات دولية ويدعون شخصيات دولية ورؤساء دول وحكومات في العاصمة طرابلس".
وتابع: "مع هذا الواقع ما يزال المشهد العام في ليبيا يكتنفه الكثير من الغموض خاصة أن الأطراف الدولية ما زالت لم تحسم الصراع في الأزمة الليبية حتى الآن، لذا في تقديري أن إزاحة الدبيبة وحكومته يحتاج إلى اتفاق سياسي ورعاية من قبل البعثة الأممية والمجتمع الدولي وتوافق إقليمي ومحلي"، حسب قوله لـ"عربي21".