مقابلات

تحذير من القضاء على الوجود المسيحي في غزة بفعل استمرار العدوان

الأب عبد الله يوليو يؤكد أن إسرائيل قتلت أكثر من 6% من سكان غزة وتنفذ "مخططا شيطانيا" لتهجيرهم خارج القطاع- عربي21
قال راعي كنيسة الروم الكاثوليك برام الله، الأب عبد الله يوليو؛ إن "من بين أهداف العدوان الإسرائيلي على غزة، هو القضاء على الوجود المسيحي في هذا القطاع المُحاصر؛ فأحد النتائج الكارثية لهذا العدوان ربما يكون اندثار المسيحيين في غزة، وكل المؤشرات والأرقام والمعطيات على الأرض تقول ذلك".

وذكر الأب يوليو، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن عدد المسيحيين الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول أكتوبر الماضي بلغ 50 شخصا، وربما أكثر قليلا، خلال ثلاث هجمات صهيونية".

ولفت الأب يوليو إلى أنه تمت ممارسة ضغوط حتى يخرج المسيحيون من غزة، وهناك ضغوط حتى يخرج الجميع من غزة؛ فهناك مخطط معين ليتحول الوجود المسيحي إلى مجرد ذكريات تاريخية، وتتحول الكنائس إلى مجرد متاحف".


وأوضح أن "العدوان الإسرائيلي كشف عنصرية الغرب ونفاقه، خاصة أنهم يدعمون إسرائيل بكل قوة، ويصدقون جميع رواياتها الكاذبة، ويتعامون عن جرائمها ومجازرها المروعة بحق الجميع، مسلمين ومسيحيين"، مؤكدا أن "الاهتمام الغربي الكبير بإسرائيل، جاء على حساب الوجود المسيحي في فلسطين".

ويُمثل المسيحيون في غزة نسبة ضئيلة من السكان، إذ يعيش حوالي 1000 شخص فقط في القطاع الساحلي المُحاصر، وغالبيتهم من الأرثوذكس اليونانيين، في حين أن نسبة أقل بكثير من الروم الكاثوليك والمعمدانيين والطوائف البروتستانتية الأخرى، وفقا لمسح أجرته جمعية الشبان المسيحيين عام 2014.

وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل بحق المسيحيين في غزة والضفة خلال العدوان الحالي؟


إسرائيل دولة مُحتلة لبلادنا، واعتداءاتها مستمرة ولم تتوقف، ولكن ابتداء من 7 تشرين الأول/ أكتوبر عندما بدأت الحرب في غزة، زادت الاعتداءات بشكل انتقامي ووحشي.

وبالنسبة للمسيحيين، فنحن لسنا طوائف، بل جزء من هذا الشعب العربي، وبالتبعية جزء من هذه الأمة مترامية الأطراف، وإذا أردنا أن نتحدث عن الاعتداء على المسيحيين في قطاع غزة على وجه الخصوص: فقد وقع اعتداء على المستشفى الإنجيلي الكبير، ثم على كنيستين.

وليست هناك مشكلة من حيث الدين؛ فقد اعتدت إسرائيل على غزة وأهلها من مسلمين ومسيحين، وعلى الأرجح استهدفت الكنائس والمستشفى الإنجيلي بهدف تخويف المرجعيات المسيحية، وممارسة الضغط عليهم؛ لأن هناك مخططا شيطانيا يستهدف فصل العرب المسيحيين عن الجسم العربي المسلم، وهذا المخطط بدأ منذ زمن، عبر مراحل متلاحقة، ويحدث ذلك بالتفويض، أو هجرة المسيحي من البلاد، أو بقائه في البلاد وكأنه جسم غريب؛ فالأمر لا يرتبط فقط بقصف المنشآت، وإنما جزء من مخطط كبير وخبيث.

لا أحد يستطيع أن ينكر ما حدث في الربيع العربي، لكن أي تطرف ليس له علاقة بالدين، ولكن نتيجة "عمل مخابراتي" ربما يتلوّن بالدين، أي يصبغونه بصبغة دينية، إلا أن الصراع ليس صراعا دينيا، بل صراع بين الظالم والمظلوم، بين المعتدي والمُعتدى عليه.

وقد استهدفت إسرائيل الكنائس في غزة، على الرغم من أن الكنائس، والجوامع، والمستشفيات، محرمات حسب القانون الدولي، ولكن الغريب ألا تجد مَن يحتج، والعالم بكامله صامت، ومن يصمت أمام الظلم فهو شريك فيه.

كم بلغت نسبة المسيحيين الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول أكتوبر الماضي؟

عددهم 50 شخصا، وربما أكثر قليلا، خلال ثلاث هجمات صهيونية.

عدد المسيحيين في غزة حاليا عدد ضئيل جدا، فقد مورست ضغوط حتى يخرج المسيحيون من غزة، وهناك ضغوط حتى يخرج الجميع من غزة؛ فهناك مخطط معين ليتحول الوجود المسيحي إلى مجرد ذكريات تاريخية، وتتحول الكنائس إلى مجرد متاحف، وهذه المشكلة قائمة ليست فقط في غزة، بل في القدس أيضا، وفي الضفة الغربية، وفي كل مكان بفلسطين.

ومَن يقف خلف هذا "المخطط الشيطاني" الذي أشرت إليه؟

مَن يقف خلفه هم إسرائيل وحلفاؤها، ومَن لا يقف إلى جانب المظلوم فهو شريك أصيل للظالم، وربما يكون الغرب مَن يخطط لهذا الأمر، حتى لا نكون أمة واحدة؛ فمنطقتنا منطقة واحدة، والهدف تقسيم المُقسم، وتفتيت الأمة، وعلى المسيحي ألا يكون موجودا من الأساس، أو يتحول الوجود المسيحي لوجود طائفي، حيث يتحول الانتماء على الأساس الديني إلى انتماء شبه قومي، والمخطط الشيطاني هذا يستهدف المسيحي وغير المسيحي، وكلنا في منطقتنا العربية يعلم ذلك والحمد لله.

لكن في أثناء العدوان على غزة تعرقل هذا المخطط، وظهرت إسرائيل أمام الجميع على حقيقتها؛ فهي لا تميز بين مسيحي أو مسلم، أو بين هذا الفصيل وذاك. إسرائيل تميز بين ما هو خاضع لها، وما هو مقاوم لها، هذه هي المعادلة.

هل يمكن القول بأن من بين أهداف العدوان الإسرائيلي على غزة، القضاء على الوجود المسيحي في هذا القطاع المُحاصر؟

بكل تأكيد؛ لأن غزة اليوم هي عنوان لكل فلسطين، ولكل المنطقة. غزة في جنوب فلسطين، وعاشت مُحاصرة لسنوات طويلة، وأهل غزة معظمهم من اللاجئين، وهناك معاناة كبيرة جدا، ولكن ما جرى، ويجري، على أرض غزة معركة تخص كل فلسطين، بل وكل المنطقة العربية، فقد أصبحت عنوانا وبوابة.

في الواقع، العدوان الإسرائيلي على غزة ربما يكون أحد نتائجه الكارثية، اندثار المسيحيين في غزة، وكل المؤشرات والأرقام والمعطيات على الأرض تقول ذلك، وسيواجه مسيحيو غزة نفس مصير المسيحيين الذين كانوا موجودين سابقا في الخليل، وطولكرم، وجنين، وبئر السبع، وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية الأخرى، وما لم يتغير هذا الواقع السياسي الكارثي، فسنصبح في خطر داهم وكبير للغاية، خاصة في ظل السياسيات الإسرائيلية الممنهجة لتفريغ فلسطين من أهلها، وللعلم تعود جذور مسيحيي غزة إلى ما قبل سنة 400 ميلادية، ولك أن تتخيل أن هذا الوجود بات مُهددا بشكل حقيقي.

ومن خلال ما جرى في غزة، نستطيع أن نتنبأ بما يمكن أن يحدث في كل المناطق العربية، كما جرى من قبل في سوريا والعراق من تهجير للمسيحيين، وهو نفس المخطط الشيطاني، ولكن بطرق متعددة ومختلفة.

ليس هناك تطرف ديني؛ فقد قامت العروبة بين العربي المسيحي والعربي المسلم، ومنذ بدء التاريخ الإسلامي، كان اللقاء التاريخي بين الرسول محمد والنصارى العرب الذين كانوا يعيشون في المنطقة، وجميع المسيحيين في المنطقة، سواء كانوا في غزة أو في باقي أراضي فلسطين أو في المنطقة العربية..نحن ورثة نصارى العرب؛ فنحن جزء من الشعب الفلسطيني، بل نحن جزء أصيل من هذه الأمة، ولسنا جسما غريبا، ولا طوائف، ولا بقايا من ماضي في سبيله للزوال، ومن ثم حتى عدد المسيحيين ليس بمهم.

مفهوم "الأمة" ليس موجودا في المسيحية؛ فليست هناك أمة مسيحية، وإنما المسيحيون هم أتباع المسيح، والمسيحية عقيدة، وارتباط ديني وروحاني، ونجسد هذا الإيمان حيثما أراد الله لنا، وعلينا مسؤولية كبرى أمام الله والتاريخ، أن نكون أوفياء ومخلصين لإرادة الله لنا، وأن نعيش معا كراما أعزاء، أو نموت منتصبي القامة، ورافعي الهامة، وإن شاء الله سيتبع هذا الليل فجر جديد.

هل لديكم إحصائيات بخصوص عدد المسيحيين الموجودين في غزة حاليا، ومَن قُتل منهم ومَن ااضطر للهجرة؟

عدد المسيحيين اليوم في قطاع غزة أقل من 800 شخص، وهم البقية الباقية ممن تبقى بعد هجرة الكثيرين، تلك الهجرة التي استمرت عبر السنين، نتيجة الظروف الاقتصادية، والأمنية القاسية، وهو جزء من مُخطط سلب الانتماء من الإنسان المسيحي، حتى يشعر مع مرور الوقت بأنه "أقلية"، ثم يفكر في الانتماء إلى واقع آخر.

لقد كان هناك نحو 3 آلاف مسيحي يعيشون في غزة قبل حصار إسرائيل، لكن هذا العدد تراجع إلى ألف شخص تقريبا خلال السنوات الأخيرة، إلى أن وصل لـ800 مسيحي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

أما عن الشهداء، فعددهم حوالي 50 شخصا كما أشرت آنفا، لكن ما يخيفني حقا هو مُخطط التهجير من خلال أساليب مختلفة، منها ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فبين الحين والآخر تظهر رسائل غريبة ومخيفة تشجع الناس على الهجرة، ومن ثم نحن أمام مؤامرة كبيرة، وهناك مَن يستعمل الخطاب لتشجيع الفرقة والانقسام وليس الوحدة.

ومما يساعد على إنجاح هذا المخطط، قلة الوعي عند البعض، والظروف التي نمر بها تجعلنا عاجزين عن رد هذا المخطط ومقاومته، خاصة أن إسرائيل وحلفاءها تسعى لإثارة الطائفية والطبقية والفصائلية، لكي تُقسّم وتفتت شعبنا الواحد، بينما يجب علينا جميعا أن نعي جيدا خطورة هذا المخطط.

هل هناك خطة ممنهجة لتفريغ القدس من المسيحيين على غرار ما يجري في غزة؟

القدس هي محط أنظارنا، وما يجري في غزة عنوانه "طوفان الأقصى"، ولا نستطيع أن نفرّق بين غزة، والضفة الغربية، والقدس هي المدينة المقدّسة، التي ترحل إليها عيوننا كل يوم، وهي زهرة المدائن، وهي تعاني اليوم كثيرا، بعد أن انتهكت قدسيتها بسبب الاحتلال الغاشم، الذي يحاول محو الوجود العربي من القدس.

وأعتقد أنه ليس لدى الاحتلال من مشكلة في وجود مساجد وكنائس، المشكلة لديهم في وجود العرب (مسلمين ومسيحيين) الذين هم أهل الرباط، وليس السُيّاح أو الحجاج الذين يأتون من الخارج، ونتيجة المضايقات التي يتعرض لها أهل القدس تحدث الهجرة.

هل هناك ضغوط إسرائيلية على رؤساء الكنائس في الضفة الغربية؟

هناك ضغوط معنوية ونفسية وتهديدات بطريقة مبطنة، وهناك عمليات تخويف متكررة، كما أن رجال الدين الذين يأتون من الخارج وليست لديهم الهوية الفلسطينية، يحتاجون إلى إذن دخول، ويمكن للاحتلال بسهولة إلغاء هذا الإذن، في حين أن موقف رؤساء الدين المسيحيين هو موقف ضعيف.

وأيضا ليست لدينا اليوم قيادة عربية مسيحية شجاعة وكلمتها مسموعة، لذا يجب أن يكون هناك خطاب مشترك من قِبل رجال الدين جميعا (مسلمين ومسيحيين)؛ فكما ذكرت: نحن جزء من الأمة.

كيف تقيّم موقف الغرب من الانتهاكات التي يتعرض لها المسيحيون في فلسطين؟

لا أقول بأن الغرب مسيحي؛ فالمسيحية عقيدة أو ديانة، والشعوب مسيحية، لكن المفهوم المسيطر ليس مفهوم المسيحية؛ لأنهم ينظرون إلى المسيحيين في غزة وفي المنطقة العربية باعتبارهم عربا، وجزءا من هذه الأمة، ومن ثم يحاولون أن يستميلوا هؤلاء المسيحيين إليهم من خلال الضغوط، أو الإغراءات، وقد يستميلوا المسلمين أيضا حتى يكونوا في خدمة المعارك الغربية الاستعمارية.

وهذا العدوان الإسرائيلي كشف عنصرية الغرب ونفاقه، خاصة أنهم يدعمون إسرائيل بكل قوة ويصدقون جميع رواياتها الكاذبة، ويتعامون عن جرائمها ومجازرها المروعة بحق الجميع، مسلمين ومسيحيين، وحقيقية الاهتمام الغربي الكبير والمبالغ فيه بإسرائيل جاء على حساب الوجود المسيحي.

هل اهتمام الغرب بحماية إسرائيل أكبر بكثير من اهتمامهم بالمسيحيين في الشرق الأوسط؟

هم يهتمون بالمسيحيين ليكونوا وسيلة للتدخل في مسائل الشرق الأوسط، ويحاولون استمالة هؤلاء الناس حتى يكون لهم قدم في المنطقة، ولتنفيذ مخططاتهم.

الغرب لا يحب المسيحي، ولا يفضل المسيحي على المسلم، وإنما يستعمل المسلم والمسيحي لخدمة أغراضه، أليس هناك مسلمون تبنوا الرواية الإسرائيلية في قضيتنا؟ أليس هناك ما يُسمى بالديانة الإبراهيمية المزعومة؟ هناك مسلمون من أهل السنة والجماعة قد تبنوا هذه الأفكار للأسف.

لكن -والحمد لله- هناك أيضا مسلمون ومسيحيون يقفون إلى جانب المظلوم، وإن شاء الله مهما طال الليل، فالليل لا يدوم.

كيف تُفسّر دعم بعض الكنائس الغربية للاحتلال الإسرائيلي؟

هناك اختراق من قِبل الأفكار الصهيونية للمسيحية، وهناك قراءة للكتاب المقدس قراءة متطرفة صهيونية، وقد بدأ الاختراق في القرن الماضي، خاصة عند الجماعات الإنجيلية في البلدان الغربية الناطقة باللغة الإنجليزية، ثم تغلغلت هذه الأفكار شيئا فشيئا، واليوم هؤلاء الناس يتكلمون العربية؛ فعندما تزرع فكرة في مكان ستثمر يوما ما، فلا بد لنا أن نقف لكي نرد هذه الفكرة، ومن ثم هؤلاء مضلَّلون.

وبكل أسف، هذا الاحتلال الإسرائيلي مدعوم من كنائس غربية، ويمكن أن نقول؛ إن ما يجري هو تفريغ فلسطين من المسحيين بدعم غربي مسيحي بصورة أو بأخرى.

لو تحدثنا عن الحراك المسيحي المناهض للعدوان الإسرائيلي.. ما أبرز ملامحه؟

نحن في رام الله لدينا وقفة أو مسيرة بشكل يومي، وأنا شخصيا أشارك في مثل هذه الفعاليات، وكما هو معلوم في البلاد العربية، يُقال لرجل الدين "أبونا"، ومن واجب الأب أن يكون بين أبنائه، وليس بمنطلق طائفي، ومن ثم هؤلاء كلهم أبنائي، ونحن نبعث برسالة لأبنائنا في غزة مفادها: أنتم لستم وحدكم، نحن معكم وأنتم جزء منا، ولا يمكن أن نتخلى عنكم.

ونحاول قدر المستطاع أن نكون صوت مَن لا صوت لهم، طالما هناك ظلم يجب علينا أن نقف إلى جانب المظلوم، وهذه تعاليم سيدنا المسيح، وأرى أنه من واجبي كمسيحي أن أقول: "لبيك يا أقصى"، كما ينبغي على أخي المسلم أن يقول أيضا: "لبيك يا قيامة".

هناك مزاعم بأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحمي المسيحيين.. ما ردكم على ذلك؟

هذه هي الكذبة والفرية الكبرى، وإن كانت كل الروايات الإسرائيلية مبنية على الكذب، وأعتقد اليوم، وبعد الحرب الفاشية على غزة، أصبحت الحقيقة واضحة لدى الجميع، حتى في الغرب ذاته.

الكنيست الإسرائيلي أقرّ قبل سنوات قانونا يمنح المسيحيين أفضلية على المسلمين بمجالات العمل والدراسة وتبديل هويتهم من عربي إلى مسيحي.. فما أبعاد المحاولات الإسرائيلية لتفتيت وحدة الشعب الفلسطيني؟

نحن نرفض كل هذه القرارات، حتى الديانة لم تعد تُكتب على الهوية. في هذه البلاد شعب واحد وديانتان؛ فالشعب العربي الفلسطيني شعب واحد، ومن ثم هذه الادعاءات والمحاولات والمؤامرات يجب علينا أن نقف لها بوضوح لنرد ونصد هذه المؤامرات الخبيثة.

هل إسرائيل تميز أو تفرّق بين المسيحيين والمسلمين؟

هي تحاول فعل ذلك ظاهريا حتى تسيطر على الجميع، ولكن كما ذكرت لك، هي تميز بين مَن يقبل أن يتعامل مع دولة الاحتلال، ومَن يرفض هذه المعادلة، والدين موضوع ثانوي.

إسرائيل سعت سابقا لتجنيد الطوائف المسيحية الفلسطينية في جيشها.. إلى أي مدى نجحت في ذلك؟

إسرائيل سعت سابقا لكنها لم تنجح في هذا المخطط، فقد فشلت في الماضي، وما زالت تفشل؛ لأن القيادات الروحية المسيحية العربية ترفض هذا الأمر بشكل قاطع، لذا ليس هناك تجنيد للعرب، وإنما هناك عملاء يجندون أنفسهم، وحتى في داخل دولة الصهيونية مُسجل "القومية: عربي" وبين العرب هناك مَن هو مسلم، ومَن هو مسيحي بمختلف طوائفهم، لذا هذا المخطط لم ولن ينجح، والحمد لله.

لماذا لم ينجح الخطاب الاستعماري والصهيوني في استمالة المسيحيين العرب؟

لأننا أصحاب ذاكرة، وأصحاب انتماء، وأصحاب إيمان، وإن كان هناك بعض النفوس الضعيفة، لكن بشكل عام نحن نعرف واجبنا، وندافع عن وطننا ومقدساتنا، وعن شعبنا.

في تاريخنا: رجال الدين المسيحيون العرب دافعوا عن الشعب، ودفعوا الثمن غاليا، كالمطران بشارة غريغوريوس حجّار في الجليل، والمطران هيلاريون كبوجي في القدس، والكل يعرف ما قام به مطران القدس؛ فهذا هو تاريخنا الذي يشرفنا، ونحن جزء من هذا التاريخ، وعلى خطاهم نحن نسير، ونحن نعرف أنه لا بد من دفع الثمن، وعلى يقين بأن هذا الليل الطويل -إن شاء الله– سينتهي بفصل جديد، ومهما طال الظلم، فالظلم لا يدوم، وإن شاء الله سنحرر القدس، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس، وبأيدينا للقدس سلامٌ آتٍ، آتٍ، آتٍ بإذن الله.