قضايا وآراء

تعالوا إلى كلمة سواء..

مخاطبة الناس وخاصة في زمن الانتخابات علم وفن يقتضي الكثير من الحكمة، وكل خطوة أو كلمة أو لافتة في السباق الانتخابي يجب أن تكون محسوبة.. الأناضول
يقول المخططون الاستراتيجيون إذا أراد لك عدوك أن تسلك طريقا فعليك أن تسلك طريقا مختلفا حتى لا تقع في شباكه وتتمكن من رسم خططك بهدوء للرد على الهجمات وتحقيق النجاح المرجو والمحافظة على المكتسبات بأقل الخسائر الممكنة.

اليمين المتطرف في بريطانيا وعموم أوروبا لا ينفك عن مهاجمة المهاجرين والأقليات بمختلف مشاربهم وتشتد هذه الهجمات في أي استحقاق انتخابي في مسعى لشيطنتهم وتصويرهم بأنهم عبء على المجتمع وخطر على هويته مستغلين ظروفًا اقتصادية وسياسية تمر بها البلاد وكأنهم سبب البلاء الذي حل في البلاد.

اليمين المتطرف خطر كبير وداهم يستغل أي ظرف تمر به البلاد لتمرير برامجه السامة، فقد أثبتت الانتخابات في بريطانيا ودول أوروبية أنه يستطيع إقناع فئة تلو الأخرى في المجتمع ببرامجه والدليل على ذلك أنهم حصلوا على مقاعد لم يحصلوا عليها في دورات انتخابية سابقة.
رد الفعل الغريزي وغير المخطط هو لجوء هذه المجموعات المستهدفة في زمن الانتخابات إلى الانضواء تحت لافتات عرقية أو دينية لها برامج خاصة تخدم هذه المجموعات ولا تعبر عن كونهم مواطنين في مجتمع متعدد، وبذلك يكون هذا اليمين قد نجح في عَنْصرة هذه المجموعات وجرها إلى مربعه وبالتالي زيادة عزلتها ليسهل استهداف مرشحيها وبالتالي إسقاطهم.

الانتخابات العامة التي انعقدت قبل أيام أظهرت ارتجالا بتدشين حملات تحت عناوين تخص الأقليات وكان من المفترض بعد سنوات من التجارب والتحالفات المميزة التي عقدت لخدمة قضايا كثيرة أن تدفع نحو تشكيل تحالف يتفق فيه الناس على برنامج مشترك يؤدي إلى توجيه الناس لانتخاب المرشح الأنسب في هذه الدائرة أو تلك.

الغالبية العظمى من الناس في الدوائر الانتخابية والمجتمع البريطاني عموما متفقون على احترام القانون واحترام حرية المعتقد وإعلاء مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، فما المبرر للتقوقع تحت لافتات دينية أو عرقية سوى أنه اندفاع للسير في الطريق الخطأ الذي خطه اليمين المتطرف يؤدي في المحصلة إلى بعثرة الأصوات وضياع الجهود.

لا ينبغي أن نسمح للهجمات الشرسة من قبل اليمين المتطرف أن تكرس لدينا فكرة أننا مجرد مهاجرين غرباء، بل يجب أن نتشبث بفكرة المواطنة ونعكسها في كل سلوكياتنا خاصة في ظروف التحضير لخوض انتخابات عامة لنؤكد أننا جزء من نسيج المجتمع ولنا مساهمات هامة في بنائه وأن هويتنا ومعتقدنا وثقافتنا شأن خاص.

وهذا ما تثبته الإحصائيات الرسمية أن المواطنين من المهاجرين ساهموا مساهمات لا يمكن تجاوزها أو إنكارها في بناء المجتمع وأثبتوا أنهم قادرون على الاندماج فيه والدليل على ذلك وصولهم إلى أعلى المناصب في كافة مرافق الدولة وكذلك نجاحهم الكبير في القطاع الخاص.

تشير إحصاءات حديثة على سبيل المثال أن قطاع الصحة لولا القوة العاملة من الأقليات لانهار بالكامل في ظل الأزمة التي تسبب بها حزب المحافظين فـ 26.2% من الموظفين هم من الأقليات و48% من الأطباء في إنجلترا هم من الأقليات، وفي قطاع الأعمال هناك 250 ألف شركة متنوعة تضخ في الاقتصاد البريطاني أكثر من 250 مليار جنيه إسترليني وهناك نسب جيدة ليست في مستوى الطموح من المعلمين وأساتذة الجامعات والباحثين.

اليمين المتطرف خطر كبير وداهم يستغل أي ظرف تمر به البلاد لتمرير برامجه السامة، فقد أثبتت الانتخابات في بريطانيا ودول أوروبية أنه يستطيع إقناع فئة تلو الأخرى في المجتمع ببرامجه والدليل على ذلك أنهم حصلوا على مقاعد لم يحصلوا عليها في دورات انتخابية سابقة.

مخاطبة الناس وخاصة في زمن الانتخابات علم وفن يقتضي الكثير من الحكمة، وكل خطوة أو كلمة أو لافتة في السباق الانتخابي يجب أن تكون محسوبة، فعلى سبيل المثال لا يمكن لمرشح في دائرة ينضوي تحت لافتة دينية أو عرقية أن ينجح وجهاز الإحصاء المركزي يقول أن الغالبية العظمى في هذه الدائرة لا ينتمون لأي دين أو أن الغالبية تنتمي لعرق مختلف!

الغالبية العظمى من الناس في الدوائر الانتخابية والمجتمع البريطاني عموما متفقون على احترام القانون واحترام حرية المعتقد وإعلاء مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، فما المبرر للتقوقع تحت لافتات دينية أو عرقية سوى أنه اندفاع للسير في الطريق الخطأ الذي خطه اليمين المتطرف يؤدي في المحصلة إلى بعثرة الأصوات وضياع الجهود.
نقر أن الطريق طويل وشاق وليس سهلا على الإطلاق ويحتاج إلى تضافر كل الجهود وإعلاء قيم المواطنة على المصالح العرقية والإثنية والحزبية الضيقة للوصول إلى تفاهمات تمكن من إقرار برنامج يضع كافة القضايا في نطاقها الصحيح للسير بخطى ثابتة وواثقة في أي استحقاق انتخابي قادم.

الانتخابات العامة التي مضت بهزيمة أسوأ حزب مر على البلاد تستحق أن نستخلص منها العبر للحفاظ على المكاسب التي تحققت فلنترك المسائل العرقية والدينية والثقافية الخاصة للنوادي والمساجد والكنائس والمؤسسات المتخصصة وما أكثرها فهذه الجهات كفيلة بتوعية جمهورها لاختيار المرشح الذي لا يفرط بما يؤمنون به وفي نفس الوقت نترك مخاطبة الجمهور في الدوائر المختلفة لتحالف يضم الكل على مبدأ كلمة سواء لانتخاب الأمين على مصالح الناس داخل البلاد وخارجها.