ملفات وتقارير

لماذا لم يعلن النظام المصري عن الحكومة الجديدة بعد عيد الأضحى؟

ولادة متعثرة تشهدها الحكومة المصرية مع تغييب أي معارضة للنظام - موقع الرئاسة المصرية
في الثالث من حزيران/يونيو الحالي كلف رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي٬ رئيس وزرائه الحالي مصطفى مدبولي٬ بتشكيل حكومة جديدة٬ مع الاستمرار في تسيير أعمال الحكومة الحالية في أداء مهامها.

وبعد تقديم مدبولي استقالته للسيسي٬ حدد الأخير أهداف الحكومة الجديدة المتمثلة في "الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية"، وفق البيان الحكومة.

وكما تشمل أهداف الحكومة الجديدة بحسب البيان "تشجيع نمو القطاع الخاص والحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات".

وكانت هذه الخطوة متوقعة، وطال انتظارها، منذ أن أدى السيسي اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة في نيسان/ أبريل الماضي.

وفي ظل الأزمات التي تلاحق الشعب المصري من قطع الكهرباء ورفع الدعم وغلاء المعيشة٬ يسأل المواطن عن سبب تأخر تشكيل الحكومة الجديدة حتى الان٬ وما هي الصعوبات التي تواجه تشكيلها٬ في ظل قمع النظام للمعارضة التي كانت تنتقد أداء الحكومات سابقا٬ وعدم وجود نظام برلماني يدفع السيسي رئيس السلطة التنفيذية لتكوين تحالفات ائتلافات بين الأحزاب.

انتهى العيد.. أين الحكومة؟
وبحسب ما نقلته قناة إكسترا نيوز الفضائية المصرية من تصريحات سابقة٬ فإن أداء اليمين الدستورية للحكومة الجديدة كان مقرر له أمس الأحد في أول أيام العمل رسمياً بعد الانتهاء من إجازة عيد الأضحى.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عمار علي حسن٬ أن سبب تأخير إعلان تشكيل الحكومة الجديدة لا يعود إلى عزوف الكثير عن تولى مناصب وزارية٬ فالراغبون في تبوء المقاعد الوزارية من غير الكفاءات كثيرون.

وكتب حسن على صفحته الرسمية فص منصة إكس: "لست مع أولئك الذين يرجعون تأخير تشكيل حكومة د. مصطفى مدبولي الثانية إلى عزوف كثيرين عن المناصب الوزارية، فمخزن الراغبين، بل والساعين إليه مملوء وهم من بين أولئك الذين يشغلهم قنص أي شيء، غير مبالين بما يحسبه المحترمون ويقدرونه ويقررون على أساسه".

 وأضاف: "عزف أناس عن الاستوزار فبوسع السلطة، إن أعيتها الحيل، أن تقوم بترفيع عدد من وكلات الوزارات، وهؤلاء موظفون، لن يرفضوا بالطبع، بل سيعتبرونها أهم ترقية في حياتهم. ولو عزف رجال الصف الأول من حيث الكفاءة والوجاهة والذيوع، فبوسع السلطة أن تأتي برجال الصف الثاني والثالث، ولا يشغلها هذا، طالما أن الوزير لا يشارك في صنع السياسة، وفق ما ينص الدستور إنما هو منفذ مطيع لها".

ويرجع حسن التأخير إلى اعتقاده أن "سبب التأخير أعقد وأعمق من هذا، ربما يرتبط بترتيبات بعض المناصب الآخرى، الذي يكون منها محافظون ووزراء ظل ومديرو مؤسسات كبرى".

وختم الكاتب المصري كلامه أنه في كل الأحوال، "لم أقابل أحدا من المصريين يشغله الأمر، أو يطرح أي تسأل حوله، وهذا أمر جدير بالنظر والاعتبار".

وشهدت الأيام الماضية تكهنات حول التشكيل الوزاري الجديد، مع تداول عدة أسماء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوقعت مصادر حكومية وبرلمانية رحيل عدد كبير من الوزراء الحاليين في مقدمتهم وزراء؛ التموين، على المصيلحي، والمالية، محمد معيط، إضافة إلى الخارجية، سامح شكري، الذي تولى منصبه منذ تموز/ يوليو من العام 2014 وبقي به لمدة عشر سنوات، وكذلك وزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر الذي تولى منصبه في شهر اذار/مارس من عام 2014.

 بالإضافة إلى دمج بعض الوزارات وعودة وزارات أخرى سبق إلغاؤها في السنوات الماضية مثل وزارة الاستثمار، فيما اعتبر سياسيون أن الإبقاء على مدبولي لا يبشر بتغيرات جوهرية في السياسات المعيبة. 

ففي عام 2019، ألغيت وزارة الاستثمار فيما أسندت مهامها إلى رئيس الحكومة، وذلك في محاولة التغلب على مشكلة التداخل المستمر بين وزير الاستثمار وبقية الوزراء وغياب التنسيق، حسب تصريحات مدبولي وقتها.

ويذكر أن اسم شكري تردد في قضية رشوة السيناتور الأمريكي بوب مينينديز، ورجل الأعمال المصري الأمريكي وائل حنا، في ملف تصدير اللحوم الأمريكية (حلال) إلى مصر، والتي ينظر فيها القضاء الأمريكي، في الأسابيع الأخيرة، وسط شهادات شهود وصور موثقة لشكري وزوجته، تؤكد حصوله على رشوة عبارة عن سبيكة ذهبية من وائل حنا.


وحصلت "عربي21" على نسخة من لائحة الاتهام باللغة الإنجليزية، ومن بين 44 صفحة تعرض الاتهامات الكاملة وأدلة إدانة المتهمين، تظهر في الصفحة 22 منها صورة لسامح شكري وزوجته، خلال لقائه السيناتور مينينديز وزوجته نادين، ووائل حنا في واشنطن. 

ولكن الإعلامي المصري المقرب من النظام أحمد موسى، طالب في منشور على حسابه الرسمي على منصة إكس بعدم تصديق ما يشاع حالياً بخصوص أسماء الوزراء الجدد، مؤكداً أن التشكيل الوزاري يتم في سرية تامة، وبه مفاجآت كثيرة.

ومع زيادة قطع الكهرباء وقبل الإعلان عن رفع أسعار الخبز انتقاد السيسي في مؤتمر صحفي علنا وزير التموين، بالإضافة إلى جانبه وزيري المالية والكهرباء قائلًا: "دكتور معيط مبيتكلمش، ووزير التموين ميتكلمش، وزير الكهرباء ميتكلمش، خيّر في ايه؟ ما تتكلموا"٬ في إشارة إلى مطالبتهم بشرح سبب قطع الكهرباء عن المواطنين.

مواطنون.. وجهان لعملة واحدة
ومع تزايد المشاكل والأزمات التي تعصف بالمواطن المصري٬ تفاعل عدد من رواد مواقع التواصل حول أسباب تأخر الحكومة٬ مع تأكيد بعضهم عدم تغير الواقع حتى إذا جاءت حكومة جديدة.

كتب أحد المواطنين ساخرا من أزمة انقطاع الكهرباء٬ أن على الحكومة الجديدة أن يكون أكبر إنجازها هو عدم قطع الكهرباء٬ قائلا:" مش بعيد يكون زيادة مدة قطع الكهرباء٬ تبقي من إنجازات الحكومة المصرية الجديدة٬ إنها تيجي وتوقف القطع خالص ويبقي دا أكبر إنجاز ليها مع إني أشك٬ وكدا كدا كلها ٣ شهور ويخش علينا الشتاء في شهر ١٠ والجو هيبقي ساقع ومفيش حر ونشوف أخره الكذب والتدليس دا إيه يا مصريين".

كما قام عدد من المواطنين بنشر فيديوهات ساخرة تدلل على أن الحكومة الجديدة لن تكون إلا وجه من أوجه الحكومة السابقة.

ووفق لائحة مجلس النواب المصري، فإنه يتعين على رئيس الوزراء المكلف تقديم برنامج الحكومة للمجلس خلال 20 يوماً من تاريخ تشكيلها، أو في أول اجتماع لها، إذا كان غير قائم، على أن تعمل اللجان الخاصة المكلفة بدراسة بيان الحكومة خلال 10 أيام، من أجل حصول الحكومة على ثقة أغلبية أعضاء المجلس في غضون 30 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم برنامج الحكومة.

 ويأتي نص اللائحة مكملاً للمادة 146 من الدستور، التي تنص على "نيل الحكومة ثقة البرلمان خلال ثلاثين يوماً على الأكثر".


ويتوقع أن يمد البرلمان فترة انعقاده لحين عرض برنامج الحكومة الجديدة، بدلاً من فض دور الانعقاد، الذي يكون عادةً في نهاية / حزيران يونيو أو مطلع تموز /يوليو من كل عام، لتحصل على الثقة، ويبدأ الوزراء في تنفيذ برامج وزاراتهم.

تم تكليف مدبولي من جانب السيسي بتشكيل حكومته الأولى في 7 حزيران/ يونيو 2018، وكانت تحتل حكومته المستقيلة الرقم 124 في تاريخ حكومات مصر. وشغل مدبولي قبلها منصب وزير الإسكان خلال الفترة من شباط/ فبراير 2014 حتى 6 حزيران/يونيو 2018.