سياسة دولية

لماذا لم تتحرك مصر ضد سيطرة "إسرائيل" على محور فيلادلفيا؟

اتفقت مصر و"إسرائيل" على نشر أعداد قليلة من القوات وعلى طول المنطقة المنزوعة السلاح- جيتي
رد النظام المصري بحالة من الصمت تجاه احتلال "إسرائيل" محور فيلادلفيا وخرقها لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979، وسط محاولته إحكام الغطاء على الغضب الشعبي المتزايد وتجنب التصعيد مع تل أبيب.

وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير ترجمته "عربي21" إن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن الأربعاء عن سيطرة "عملياتية" على المحور، مع أن المنطقة التي يبلغ طولها 14 كيلو مترا يجب أن تبقى تحت شروط اتفاقية كامب ديفيد منزوعة السلاح.

 وسمح بموجب الاتفاقية للطرفين بنشر أعداد قليلة من القوات وعلى طول المنطقة المنزوعة السلاح والتي تمتد على طول الحدود بين "إسرائيل" ومصر وتشمل المحور.

وأشارت الصحيفة إلى أن المصريين عبروا عن قلقهم خلال الأشهر الماضية من مخاطر سيطرة القوات الإسرائيلية على المعبر إلا أن المسؤولين المصريين لم يصدروا تصريحات. 

وخلال زيارة رئيس النظام المصري للعاصمة الصينية بكين، دعا إلى زيادة المساعدات الإنسانية وكرر موقف بلاده المعارض "لأي محاولة تهجيرهم بالقوة من أرضهم" أي الفلسطينيين.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن محمد عبد السلام، وهو جنرال سابق بخدمة 40 عاما عمل فيها مديرا للدراسات الإسرائيلية بالجيش المصري، قوله: إن "الأفعال الإسرائيلية قربت البلدين إلى حرب لا نريدها وعملت مصر جهدها من أجل تجنبها". 

وأضاف: "ليست في مصلحتنا ونحن نعاني اقتصاديا، ولا نحتاج لفتح جبهة جديدة، ولا نتطلع إلى حرب كبيرة أو مزيد من النزاع. وأفضل شيء لنا هو وقف هذا النزاع واستئناف المفاوضات".

وجاءت سيطرة الجيش الإسرائيلي على المعبر بعد أيام من تبادل للنار غير مسبوق عند معبر رفح، قتلت فيه "إسرائيل" مجندين مصريين. 

وأدى مقتلهما إلى غضب بين الحشود التي تجمعت لدفنهما في بلدتيهما وبدون حضور ممثل عن الجيش المصري.

وقالت قريبة لعبد الله رمضان، 28 عاما الذي دفن في بلدته الفيوم "نريد العدل" و"متى سيتم الثأر لدمه؟ ومتى سنرى العدالة تتحقق له؟". 

وقال محمد المصري، 24 عاما، صديق رمضان وجاره إن القرية "سادها الحزن" لأن الجندي دفن بدون مراسم عسكرية و"في الجنازة، رأيت علماء دين وناسا جاءوا من القاهرة للوقوف مع العائلة" و"كل مصر غاضبة على وفاة عبد الله وهم يحزنون ويغضبون على المذابح في غزة".
 
ويرى أتش إي هيلير، الزميل في وقفية كارنيغي للسلام العالمي "هذه أسوأ مرحلة في العلاقات المصرية- الإسرائيلية ومن وقت طويل. ولكنني أعتقد على مستوى، أن على القاهرة والعواصم الأخرى الاعتراف بأن النخبة السياسية الإسرائيلية تتطور بطريقة تؤدي على الأرجح لسلسلة من الأزمات الأخرى كهذه".

وأضاف أن مصر قررت التعبير عن الغضب من خلال الانضمام بداية أيار/مايو لتحركات مثل دعوى جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية، مضيفا: "لا أعتقد أن النفوذ لتغيير سلوك الإسرائيليين موجود في القاهرة ولكن في واشنطن، ولكن واشنطن ترفض الاستفادة منه". 

وقال مهند صبري، الخبير المصري بشؤون سيناء إن احتلال إسرائيل لمعبر رفح ومحور فيلادلفيا يعتبر إهانة للحكومة المصرية "بالطبع هذه الحوادث محرجة، لكن قلق الجانب المصري ليس من إسرائيل ولكن قوتهم لحكم مصر وكيفية التحكم بالغضب الشعبي داخل البلاد"، بحسب ذات الصحيفة.

 وعبرت عدة رموز معارضة عن سخطها، بمن فيهم حمدين الصباحي، الذي دعا بداية أيار/مايو لإلغاء معاهدة كامب ديفيد وسحب السفير المصري من "إسرائيل". 

إلا أن أي محاولة للتعبير عن الغضب والاحتجاج قوبلت بقمع واتهامات بالإرهاب ضد المحتجين.
 وتابعت المنظمة المصرية للحقوق والحريات حالة 120 اعتقالا منذ تشرين الأول/أكتوبر بسبب غزة.

 وقال محمد لطفي، المدير التنفيذي للمنظمة إن "مشاعر الغضب عارمة وشاهدناه في جنازة الجنديين" و"لكن هناك انفصام بين مشاعر الشارع والجانب الرسمي، لأن النظام لا يريد التصعيد".

 وأضاف أن السلطات المصرية تخشى من أنها لو سمحت بالاحتجاجات فإنها قد تخرج عن السيطرة وتتحول لاحتجاجات عن الأوضاع المعيشية وزيادة الأسعار والتضخم. 

وقال: "تخشى الحكومة المصرية من تظاهر الناس اليوم لدعم غزة ثم يتظاهرون غدا تذمرا من الأوضاع الاقتصادية، ولدى الحكومة المصرية الكثير لتخشاه من غضب الرأي العام في هذه اللحظة ولا يريدون تعود الناس على الاحتجاجات".