كشف شهادات مفزعة جمعتها صحيفة "
الغارديان" من مهاجرين أفارقة بمدينة
صفاقس عن حجم المعاناة، التي عانوها عندما أجبروا على العودة للصحراء بدون طعام ولا شراب أو عناية طبية.
وقالت الصحيفة؛ إن منظمات حقوق الإنسان تضغط على بروكسل، مقر الاتحاد الاوروبي لاتخاذ موقف متشدد من الاتهامات التي تقول؛ إن السلطات
التونسية دفعت بالمهاجرين إلى الصحراء وبنتائج قاتلة أحيانا.
وتأتي الدعوة في ظل تحضير بروكسل حزمة مساعدة مالية لتونس ضمن اتفاق من مليار يورو. ووفقا لمسؤول في منظمة حكومية دولية، فقد أعادت السلطات التونسية أكثر من 4 آلاف مهاجر إلى مناطق عسكرية عازلة على حدودها مع ليبيا والجزائر.
وجاء في التقرير أنه "تم دفع حوالي 1200 مهاجر إلى الحدود مع ليبيا في الأسبوع الأول من تموز/يوليو"، ولاحقا تم تسجيل سبع وفيات بسبب العطش، بنهاية آب/أغسطس. إلا أن موظفا يعمل بمنظمة غير حكومية ومع اللاجئين، وضع العدد ما بين 50- 70 شخصا.
وتعلق الصحيفة أن الزعم الجديد يتناقض مع الصورة التي رسمها في الشهر الماضي وزير الداخلية كمال الفقي، الذي أقر بأن من أرسلوا هم "مجموعة صغيرة ما بين 6 إلى 12"، ونفى أي معاملة سيئة و "ترحيل جماعي".
وأضافت الصحيفة إلى أن المزاعم الأخيرة قد تزيد من الضغط على المشرعين الأوروبيين، وطرح مظاهر القلق من حقوق الإنسان مع السلطات التونسية، في وقت يتم فيه الدفع باتجاه تنفيذ اتفاق للحد من الهجرة غير المنتظمة.
وهناك معارضة متزايدة للاتفاقية، حيث قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في الأسبوع الماضي؛ إن حقوق الإنسان وحكم القانون لم تعط "الاعتبار المناسب".
وفي سلسلة من المقابلات التي أجراها الكاتب مع 50 مهاجرا في صفاقس وجرجيس ومدنين والعاصمة تونس، أكدت غالبية
المهاجرين أنهم أجبروا على العودة إلى الصحراء في نهاية حزيران/يونيو وتموز/يوليو.
وقالت اللاجئة النيجيرية سلمي، 28 عاما، "في بداية تموز/يوليو، اعتقلتنا الشرطة التونسية في صفاقس" و "أخذني بعض الشرطة أنا وابني البالغ من العمر ودفعنا للصحراء الليبية. واعتقل حرس حدود آخرين زوجي ولا أعرف ماذا حدث له، ولم أسمع منه منذ ذلك الوقت، ولأنهم كانوا يدفعوننا وفقدت هاتفي".
"شرب بول.. قصص مروعة"
وقال اللاجئ من مدينة بينين في نيجريا، مايكل، 38 عاما: "دفعوني إلى الصحراء، ثلاث مرات، وكانت آخرها في نهاية تموز/ يوليو، وضربنا حرس الحدود التونسيين وسرقوا مالنا وهواتفنا، ولم يكن لدينا في الصحراء ماء، وكان علي أن أشرب بولي للنجاة".
وتحدثت الغارديان مع باتون كربيني، الكاميروني الذي ماتت زوجته وابنته فاتي دوسو وابنته ماري، 6 أعوام في الصحراء، منتصف تموز/يوليو "كان يجب أن أكون هناك مكانهن"، الذي أرسل إلى الصحراء الليبية.
وفي الوقت الذي كانت فيه ليبيا مركز التركيز على هذه النشاطات، فإن الحدود مع الجزائر غير المراقبة بشكل جيد، دفع إليها لاجئون في منطقة عازلة واسعة، كما تقول التقارير. وفي مقابلة أجرتها الصحيفة مع 15 شخصا أجبروا على العودة إلى الحدود مع الجزائر. وقال جبريل ثابتيتي، 22 عاما من السنغال: "اعتقلوني في تونس ونقلوني إلى القصرين، القريبة من الحدود مع الجزائر" و"تركونا على بعد عدة كيلومترات من الحدود، وأمرنا بعد ذلك على تسلق تلة. وعلى الجانب الآخر كانت الجزائر".
والمشكلة أن الحرس الجزائري دفعنا إلى تونس، والتونسيون يفعلون نفس الشيء والناس يموتون هناك".
وبدأت التقارير عن دفع السلطات التونسية المهاجرين نحو الصحراء الليبية في تموز/يوليو عندما ظهرت صور على منصات التواصل الاجتماعي، وتشير إلى أن طالبي اللجوء يموتون من العطش والحرارة الشديدة بعدما دفعتهم السلطات التونسيبة. وواجهت الحكومة التونسية بعد ذلك انتقادات حادة نتيجة للاتهامات، لكنها نفت أي تجاوزات.
وقال حسن بوبكري، أستاذ الجغرافيا والهجرة بجامعتي صفاقس وسوسة: "في البداية رفضت تونس تقارير الإعادة القسرية"، و "لكنها اعترفت شيئا فشيئا بأن بعض المهاجرين من دول الصحراء علقوا على الحدود الليبية- التونسية. والسؤال هو: من وضعهم هناك؟ السلطات التونسية هي التي فعلت".
وبحسب الإحصائيات من وزارة الداخلية الإيطالية، فإن معظم الـ 78 ألف شخص الذين عبروا البحر المتوسط منذ بداية العام إلى إيطاليا جاؤوا من شمال أفريقيا، وهو ضعف الرقم الذي سجل في 2022.
ووقعت "شراكة استراتيجية" مع تونس في تموز/يوليو، وبعد أسابيع من المفاوضات التي تم من خلالها التعهد بإرسال أموال إلى الدولة في شمال أفريقيا لمواجهة المهربين وتشديد الرقابة على الحدود، ودعم اقتصاد تونس المترنح. وأعلنت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي آنا بيسونيرو، أن الدفعة الأولى من 127 مليون يورو ستدفع في الأسابيع المقبلة.