مرّ سبعة وأربعون عاماً على هبة يوم الأرض (1976- 2023)، التي تعتبر أحد أهم أركان الهوية الوطنية
الفلسطينية، التي تشكلت عبر مئات السنين من موشور تمثل بالوطن الفلسطيني والشعب
بمختف مكوناته إضافة إلى نتاجات هذا الشعب من عمارة وزراعة وصناعة وفنون مختلفة،
فضلاً عن الصحافة والرياضة والترجمة والأدب، لكن يبقى الوطن فلسطين الحاضنة الأهم
والأبرز لاستمرار الهوية وترسيخها وتجذرها.
وطن الشعب الفلسطيني
تعتبر فلسطين وطن الشعب الفلسطيني الوحيد رغم مرور العديد من
الاحتلالات عليها وآخرها الاحتلال الصهيوني الذي سيزول في نهاية المطاف مع استمرار
كفاح ونضالات الشعب الفلسطيني المختلفة؛ وتصل مساحة فلسطين إلى (27009) كيلومترات مربعة حسب المجموعة الإحصائية الفلسطينية الصادرة عام 1978؛ تمّ إنشاء الدولة المارقة إسرائيل على نحو (77) في المائة من مساحة فلسطين
التاريخية في الخامس عشر من أيار/
مايو عام 1948، في حين بقيت الضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية وقطاع غزة تحت الإدارة
المصرية ليحتلهما الجيش الإسرائيلي في الخامس من حزيران/ يونيو 1967.
وتصل مساحة المنطقتين إلى (6209) كيلومترات مربعة وتشكل بذلك نحو (73)
في المائة من مساحة فلسطين التاريخية على النحو التالي: مساحة الضفة الغربية 5844
كيلومترا مربعا، وتشكل 21.6% من المساحة الإجمالية لأرض فلسطين التاريخية. أما مساحة قطاع
غزة فهي 365 كيلومترا مربعا، وتشكل 1.35% من المساحة الإجمالية لأرض فلسطين التاريخية،
أي أن مساحة المنطقة التي أنشئت عليها إسرائيل في عام 1948 تصل الى (20800)
كيلومتر مربع.
تقع فلسطين جنوب شرق البحر المتوسط حتى وادي الأردن، ويمتد التعريف
ليشمل مناطق شرق نهر الأردن، وتقع في غرب آسيا وتصل بشمالي إفريقيا بوقوعها وشبه
جزيرة سيناء عند نقطة التقاء القارتين، مكونة الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام
المتصل بمصر؛ فكانت نقطة عبور وتقاطع للثقافات والتجارة والسياسة بالإضافة إلى
مركزيتها في التاريخ، ولذلك لكثير من مدنها أهمية تاريخية ودينية، وعلى رأسها
مدينة القدس عاصمة فلسطين وقلبها النابض التي تتعرض لهجمة اسرائيلية شرسة بغرض تهويدها.
ويمكن الجزم بأن فلسطين هي أرض الرسالات ومهد الحضارات الإنسانية،
حيث تعتبر مدينة أريحا من أقدم مدن العالم في التاريخ، والأهم من ذلك هي مسرى
النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه نحو السماء ومهد السيد عيسى عليه السلام.
ولهذه الأرض تاريخ طويل وجذور بالثقافة والدين والتجارة والسياسة في
ذات الوقت. وتبعاً لذلك فإنه على الرغم من الدعاية والرواية الصهيونية المزيفة
التي أسست لاحتلال فلسطين عام 1948 وإنشاء الدولة المارقة على حساب الشعب
الفلسطيني ووطنه وآلامه واقتصاده وثروته الوطنية، على الرغم من ذلك كله فإن الهوية
الوطنية الفلسطينية بأركانها وركائزها الثلاثة المذكورة سابقاً عصية على الطمس
والتغييب، وثمة مؤرخون وسياسيون في الدولة المارقة إسرائيل أشاروا بأن مستقبل
دولتهم على كف عفريت مع استمرار الكفاح الوطني الفلسطيني وتفاقم التناقضات داخل
المجتمع اليهودي الصهيوني الذي ينحدر أقراده من أكثر من (120) دولة في العالم ومن
القارات المختلفة .
دفاع عن الأرض والوطن
جنباً إلى جنب مع استمراره في نتاجات الهوية الوطنية المختلفة، سعى
الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته داخل فلسطين التاريخية والمهاجر القريبة والبعيدة ،
الى تحرير وطنه من رجس المحتل الصهيوني الذي يسعى منذ عام 1948 إلى تهويد الزمان
والمكان لطمس هوية الأرض والوطن الفلسطيني لكن دون جدوى، ولهذا انضم عدد كبير إلى
فصائل الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها في الأول من كانون الثاني/ يناير 1965،
وسقط على مذبح الحرية والتحرير وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم
الفلسطيني مليون شهيد حسب معطيات الجهاز الإحصائي الفلسطيني منذ عام 1948، في حين
تمّ أسر مليون فلسطيني منذ العام المذكورواستشهد عدد كبير منهم في السجون
والزنازين الصهيونية نتيجة التعذيب المبرمج وشح الأدوية والإهمال الطبي، كما سقط آلاف
الجرحى خاصة خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، ولاتزال المعركة مفتوحة
على الأرض الفلسطينية مفتوحة في جنبات الوطن.
يمكن الجزم بأن فلسطين هي أرض الرسالات ومهد الحضارات الإنسانية، حيث تعتبر مدينة أريحا من أقدم مدن العالم في التاريخ، والأهم من ذلك هي مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه نحو السماء ومهد السيد عيسى عليه السلام.
والأرض الفلسطينية على امتداد مساحة فلسطين التاريخية (27009)
كيلومترات مربعة، والتشبث بالأرض عنوان الكفاح الوطني الفلسطيني.. وهذا ما نشهده في
منطقة النقب جنوب فلسطين المحتلة، وقد تم تدمير قرية العراقيب عشرات المرّات من
قبل جيش الاحتلال وتمّ بناؤها خلال السنوات الأخيرة، والمقاومة مستمرة ولم ولن
تتوقف في الضفة الغربية بما فيها القدس بكافة الوسائل المتاحة بغرض دحر الاحتلال
في نهاية المطاف.
وبطبيعة الحال هناك دعم ومساندة من الشعب الفلسطيني الموجود في
المهاجر القريبة والبعيدة وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وهي بطبيعة
الحال سلطة خامسة تحاول إسرائيل إسكاتها، لكن دون جدوى لتصل الرسائل إلى مناحي
المعمورة بالصوت والصورة حول عنصرية وفاشية إسرائيل وصحة الرواية الفلسطينية بأن
فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني الوحيد ويجب أن تعود الحقوق إلى أصحابها، فالوطن
والأرض الفلسطينية ركن اساسي من أركان الهوية الوطنية الفلسطينية المتجذرة.
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا