صحافة دولية

أستاذ قانون: عربدة المستوطنين في الأراضي المحتلة مدعومة حكوميا

أحرق المستوطنون البيوت والسيارات في حوارة بحماية قوات الاحتلال - أرشيفية
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لأستاذ القانون العام في جامعة الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، نمر سلطاني، قال فيه؛ إن مئات المستوطنين الإسرائيليين نزلوا ليلة الاثنين الماضي على بلدة حوارة الفلسطينية بالقرب من نابلس في الضفة الغربية. واعتدوا بالضرب على المدنيين الفلسطينيين، وقتلوا أحدهم وأضرموا النار في عشرات المباني والسيارات. حدث هذا الهياج في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي مفقودا يومها.

ولدى مشاهدة مثل هذا الهيجان العنيف، يلجأ العديد من المراقبين إلى الدعوات إلى "العودة إلى الهدوء" في فلسطين المحتلة. لكن مثل هذه الدعوات الضعيفة لم تعد كافية – ولم تكن كذلك من قبل. ولا يمكن تجاهل الطبيعة المتكررة لعنف المستوطنين. إن ممارسة العنف مع الإفلات من العقاب، وتمكين الجيش لهذا العنف وإنكار الحقوق الأساسية، تجسد النظام القائم. وهكذا فإن هياج ليلة الاثنين الماضي، هو مظهر من مظاهر الوضع الراهن في فلسطين، وليس حدثا استثنائيا أو اضطرابا مؤقتا.

حتى قبل تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الأخيرة، لاحظ مراقبون مطلعون أن عنف المستوطنين في الضفة الغربية كان مسموحا به من طرف الدولة. لكن هذه المرة كبار منفذي الحرائق أصبحوا في الحكومة. يتم الآن تشجيع عنف المستوطنين من قبل حكومة يؤدي فيها المستوطنون اليمينيون المتطرفون دور صانعي الملوك. والحكومة عازمة على زيادة عمليات هدم منازل الفلسطينيين وتوسيع النشاط الاستيطاني. كما أنها تقود سياسة انتقامية وقاسية ضد جميع الفلسطينيين.



ومن الأمثلة الحديثة على ذلك إصدار البرلمان الإسرائيلي لقانون يمكّن وزير الداخلية من إلغاء الجنسية أو الإقامة للسجناء السياسيين المدانين بارتكاب جرائم إرهابية، الذين يتلقون مساعدات مالية من السلطة الفلسطينية. وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يقود هذه الحملة، قد أدين في عام 2007 من محكمة إسرائيلية، بتهمة "التحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية".

لكن أوضح مثال جاء هذا الأسبوع. في اتفاق أبرم بين الائتلاف الحاكم، تلقى وزير المالية، وهو نفسه مستوطن، مسؤوليات واسعة في الشؤون المدنية المتعلقة بالمستوطنات في الضفة الغربية. سبب أهمية ذلك، هو أنه من المفترض أن تخضع الضفة الغربية لإدارة عسكرية. الترتيب الجديد يُطبع مكانة المستوطنين فيما يتعلق بسلطات الدولة الإسرائيلية. سيعاملون كما لو كانوا مواطنين عاديين، رغم أن وجودهم في أرض محتلة يعتبر جريمة حرب.

ووصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية هذا الاتفاق بأنه تقدم نحو "الفصل العنصري الكامل". وصفه آخرون بأنه عمل "ضم قانوني"، ومن ثم فهو مخالف للقواعد التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.

على الرغم من أن إعادة التنظيم البيروقراطية هذه للحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية لا ترقى إلى مستوى الضم التشريعي -وهو ما فعله البرلمان الإسرائيلي في حالات الشق الشرقي من القدس المحتلة، ومرتفعات الجولان-، إلا أن التأثير على حياة الفلسطينيين هو نفسه.

يسعى المستوطنون في الضفة الغربية الذين يشغلون مناصب في المحكمة العليا والبرلمان والحكومة إلى ترسيخ السيادة اليهودية على جميع الفلسطينيين. وهذا الاتفاق الوزاري هو مجرد تسريع لعملية استعمار فلسطين. ببطء ولكن بثبات، سوف يقضي على الستار الدخاني القانوني للاحتلال العسكري المؤقت، الذي أخفى حتى الآن التوسع الصهيوني.



حتى قبل الاتفاق، كان من الواضح منذ فترة طويلة أن أطول احتلال عسكري منذ الحرب العالمية الثانية، لا يمكن اعتباره احتلالا مؤقتا.

تسيطر إسرائيل على جميع الفلسطينيين بين النهر والبحر، ولا تمنحهم حقوقا متساوية، وتحرم الملايين منهم من حق التصويت. يتم منح المواطنين اليهود امتيازا منهجيا على الفلسطينيين وعزلهم عن الفلسطينيين.

تسعى عقيدة "الجدار الحديدي" إلى جعل حياة الفلسطينيين بائسة حتى يغادروا أو يذعنوا لوضعهم المتدني. الشخصيات العامة التي وجهت تهديدات بالتطهير العرقي للفلسطينيين، ووعدتهم بـ "نكبة ثانية"، هي جزء من الخطاب السائد في إسرائيل.

هل يكفي الدعوة للعودة إلى الهدوء بعد عقود من الاحتلال والضم الاستعماري؟ في أوروبا الشرقية، دعمت التعبئة الدولية السريعة وغير المشروطة الأوكرانيين في حربهم ضد الاحتلال الروسي والضم. يحتاج الفلسطينيون أيضا إلى الدعم للمقاومة والحصول على حقوقهم، بدلا من الدعوة إلى العودة إلى الوضع القائم، يجب أن نعيد التفكير بشكل أساسي في الطريقة التي يجب أن نضمن بها الحرية والمساواة للجميع.
الأكثر قراءة في أسبوع