اقتصاد عربي

ارتفاع ديون مصر في عهد السيسي.. ما تداعياته؟ (إنفوغراف)

اقتصاديون يتوقعون ارتفاع معدلات الفقر في مصر ليشمل نحو 75 مليون مواطن- جيتي

تصاعدت معدلات الديون الخارجية لمصر بشكل مخيف منذ بداية عهد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، وسط توقعات بارتفاع معدلات الفقر في مصر ليشمل نحو 75 مليون مواطن.


والخميس، أعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاق على مستوى الخبراء، يتيح للقاهرة الحصول على قرض ممتد بقيمة 3 مليارات دولار، إلى جانب تمويلات أخرى بنحو 6 مليارات دولار.

وبحصول مصر على قرض الـ9 مليارات دولار سيرتفع إجمالي الديون الخارجية، إلى 166 مليار دولار تقريبا، لتسجل ارتفاعا بأكثر من 120.8 مليار دولار خلال 12 عاما، وفق تقدير لـ"فوربس" 27 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وبالتزامن قرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس، واعتماد سعر صرف مرن للجنيه (تعويم العملة المحلية) مقابل العملات الأجنبية استنادا لآلية العرض والطلب في السوق.

 

ديون في عهد السيسي 

 

ومع الشهور الأولى للانقلاب العسكري في مصر 3 تموز/ يوليو 2013، دأبت حكومات الانقلاب على سياسة الاستدانة الداخلية من البنوك المحلية والخارجية من المؤسسات والبنوك الدولية المقرضة، لترتفع في 3 أشهر فقط بمقدار 3.8 مليار دولار، وفق البنك المركزي، في كانون الثاني/ يناير 2014.

بحسب بيانات البنك المركزي، فإن الدين الخارجي لمصر نهاية حكم مبارك في كانون الأول/ ديسمبر 2010، بلغ 34.9 مليار دولار. فيما بلغت الديون الخارجية خلال حكم المجلس العسكري (11 شباط/ فبراير 2011 - حزيران/ يونيو 2012) نحو 34.3 مليار دولار. وخلال عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، (2012/ 2013)، بلغت 43.2 مليار دولار. ثم ارتفعت إلى 46 مليار دولار في فترة حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور (2013/ 2014).

وخلال فترة حكم السيسي، الأولى (حزيران/ يونيو 2014- منتصف 2018)، تضاعف الدين بشقيه الداخلي والخارجي ليبلغ الأخير 88.1 مليار دولار، مثلت 36.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي العام 2019، استدانت حكومة السيسي، 16.1 مليار دولار، ليتخطى الدين الخارجي لأول مرة بالتاريخ رقم 100 مليار دولار، مسجلا 108.7 مليار دولار. ثم صعد في 2020، إلى 123.5 مليار دولار، بعد استدانة 14.8 مليار دولار، ثم إلى 137.9 مليار دولار في 2021. وفي آذار/ مارس الماضي سجل 157.8 مليار دولار  قبل أن ينخفض إلى 155.7 مليار دولار في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بعد دفع بعض فوائد الديون.


"أعباء ضخمة"

وقُدرت الفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية بموازنة (2021/ 2022) بنحو 579.6 مليار جنيه، (3.7 مليار دولار) ليبلغ إجمالي أقساط وفوائد الديون المستحقة نحو 1.172 تريليون جنيه (7.5 مليار دولار).

وبحسب البيان المالي للموازنة العامة فقد بلغت فوائد الدين في (2020/ 2021) نحو 37 مليار دولار في حين بلغت أقساط القروض المقرر سدادها 38 مليار دولار.

ووفق بحث نشره موقع "الشارع السياسي" 13 أيلول/ سبتمبر الماضي، يتعين على مصر خلال النصف الثاني من العام الحالي سداد 8.5 مليار دولار أقساط وفوائد دين. و17.6 مليار دولار في العام القادم (9.3 مليار دولار في النصف الأول و8.3 مليار في النصف الثاني).

 

وفي 2024 مطالبة مصر بسداد 24.2 مليار دولار (10.9 مليار في النصف الأول و13.3 مليار في النصف الثاني). وسداد 15.1 مليار دولار في 2025 (9.3 مليار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني) بالإضافة إلى 16.8 مليار دولار في 2026 (6.6 مليار دولار في النصف الأول و10.2 مليار في النصف الثاني).

وكشفت إحصائية للبنك الدولي عن احتياج مصر 31 مليار دولار لسداد جزء من التزامات الديون الخارجية، من تموز/ يوليو 2022 حتى آذار/ مارس 2023، بجانب 16 مليار دولار كانت مستحقة الدفع ما بين نيسان/ إبريل حتى حزيران/ يونيو 2022 (أي 47 مليار دولار خلال عام).

 

وتعاني مصر من عجز بالميزان التجاري نحو 16 مليار دولار بالعام المالي الأخير، فيما انخفضت قيمة العملة المحلية 47 بالمئة خلال الشهور الثمانية الأخيرة، ليتراجع الجنيه منذ 21 آذار/ مارس الماضي حتى الخميس الماضي من 15.7 إلى 23.3 جنيه مقابل الدولار.

 


تزايد عدد الفقراء 


وقال الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية مصطفى يوسف، إن الاقتصاد المصري يعاني من أزمات هيكلية، وتمثل الديون أحد أخطر أسبابها، مشيرا إلى أن "فوائد الديون المستحقة على مصر حتى 2023 تقريبا بين 16 و17 مليار دولار".


ولفت يوسف إلى قول وزير المالية المصرية محمد معيط في آب/ أغسطس الماضي إن "كل جنيه زيادة في سعر الدولار يؤدي لرفع فاتورة الدين العام لـ 83 مليار جنيه".

 

وأضاف: "منذ آذار/ مارس الماضي إلى تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، زاد سعر الدولار من 15.7 جنيه إلى 23.30، بنحو 50 بالمئة في زيادة بلغت تقريبا 7.5 جنيه. وهو ما يعني أن حجم الأزمة المقبل عليها المصريين كبيرة جدا.

وتوقع يوسف أن يتجاوز عدد الفقراء في مصر نتيجة لسياسات الديون وما يتبعها من قرارات الـ75 مليونا، منهم نحو 40 مليونا تحت خط الفقر، و7 ملايين تحت خط الفقر المدقع، مرتكزا في ذلك على تفاقم نسب التضخم وانعدام قيمة الجنيه".

ويبلغ خط الفقر العالمي نحو 1.90 دولار باليوم، لكن في خريف العام الجاري رفعه البنك الدولي إلى 2.15 دولار يوميا، ما يعني تصنيف أي شخص يعيش على أقل من هذا الرقم يوميا في حالة فقر مدقع.

إهدار النقد الأجنبي

وقال الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري علي عبدالعزيز إن فوائد الديون فقط بلغت بموازنة (2023/2022)، نحو 690.2 مليار جنيه، تمثل 33.3 بالمئة من إجمالى مصروفات الموازنة البالغة تريليوني جنيه تقريبا، وتمثل 45 بالمئة من إيرادات الموازنة البالغة تريليون و517 مليار جنيه".

وأعرب عن استغرابه من استمرار "نظام السيسي في التوسع بالقروض الخارجية، في ظل التزامات تقدر بـ44 مليار دولار، بالعام المالي الحالي، والربع الأول من العام المالي القادم، ما يعني أن قرض صندوق النقد البالغ 3 مليارات دولار ومعه 5 مليارات دولار تمويل من شركاء دوليين لن يكون كافيا".

وأضاف: "على النظام أن يقترض ما يقارب 30 مليار دولار أخرى ليستمر بمساره المهدر للثروة الدولارية والمسببة لتدهور معيشة المواطنين وسوء خدمات التعليم والصحة"، معتقدا أنه "لا حل لمواجهة كل ذلك إلا بالنزول للشارع والمطالبة بتغيير النظام".

وعن تأثير ديون مصر على الموازنة، قال الباحث والمحلل السياسى والاقتصادي، إلهامي الميرغني، إن "زيادة الديون خطر كبير، والآن أكثر من نصف الموازنة يذهب لسداد فوائد وأقساط الديون، وهو ما يقلص الإنفاق على باقي بنود المصروفات".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن تأثير الديون على المصريين كبير حيث "يزيد نسب الفقر والتضخم، وهذا أمر مرتبط بتخفيض قيمة الجنيه، واستيراد المواد الغذائية ومستلزمات الانتاج من الخارج، مثل أزمة مزارع الدواجن الآن وكل مستلزماتها مستوردة".

وأشار إلى "ارتفاع أسعار البيض والدواجن في مصر، كمثال لما قد يحدث لاحقا، خاصة مع تأثير ما يحدث بالسوق العالمي من تغيرات كبرى بسبب حرب روسيا وأوكرانيا".