منطقة يستهدفها الفكر الصهيوني منذ أكثر من 74 عاما بهدف التخلص من الوجود العربي فيها ووجد فيما طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضمن ما أطلق عليها "صفقة القرن" فرصة لتحقيق هذا الحلم الذي يصطدم على صخرة الواقع الفلسطيني المقاوم لجميع المشاريع التي تهدف إلى طمس هويته وطرده من أرضه.
تقع منطقة المثلث جغرافيا في مركز فلسطين التاريخية، وعرفت زمن الانتداب البريطاني بمثلث المدن الكبرى في الضفة الغربية، يحدها من الشمال مرج بن عامر وجبل الكرمل، ومن الشرق الضفة الغربية، أما من الجنوب فتحدها مدن فلسطينية مثل اللد والرملة ويافا، وتمتد غربا حتى مدن ساحل البحر الأبيض المتوسط.
منطقة المثلث الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 تشمل تلك الأجزاء من المثلث الجغرافي الفلسطيني الكبير الذي يشمل مدن نابلس وطولكرم وجنين شمال الضفة الغربية والتي بقيت تحت سيطرة الاحتلال بعد النكبة.
وكجزء من اتفاقية الهدنة مع الأردن في رودس عام 1949، تم سلخ بعض أجزاء المدن الثلاث التي تشكل المثلث الكبير، وألحقت بدولة الاحتلال وتنقسم منطقة المثلث إلى قسمين: جنوبي وشمالي.
ويضمن المثلث الشمالي كلا من أم الفحم، عارة، عرعرة، كفر قرع، معاوية، مصمص، أم القطف، برطعة الغربية، سالم، مشيرفة، زلفة، البياضة، عين السهلة.
بينما يشمل المثلث الجنوبي: باقة الغربية، الطيبة، الطيرة، قلنسوة، جلجولية، المرجة، بير السكة، إبسان، المرجة الشمالية، مرجة الجنوبية، كفر مندا، جت، كفر قاسم، ميسر، يمّة.
وتعد منطقة المثلث مصدر قلق ديمغرافي للاحتلال، إذ يسكنها قرابة الربع مليون فلسطيني، يشكلون ما نسبته 20% من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، لذلك تتداول الأوساط الإسرائيلية مجموعة حلول للتخلص من هذا العبء الجغرافي.
فقد توالت الدعوات للتخلص من هذا المثلث بتسليمه للسلطة الفلسطينية ضمن تبادل الأراضي مقابل بقاء المستوطنات بالضفة، أو ترحيل سكانه، بالتوازي مع توسيع الاستيطان فيه على حساب القرى والمدن الفلسطينية.
تعد منطقة المثلث مصدر قلق ديمغرافي للاحتلال، إذ يسكنها قرابة ربع مليون فلسطيني، يشكلون ما نسبته 20% من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، لذلك تتداول الأوساط الإسرائيلية مجموعة حلول للتخلص من هذا العبء الجغرافي.
وعندما يجري الحديث عن تبادل أراضي المثلث مع بعض المستوطنات بالمفاوضات بين تل أبيب ومنظمة التحرير الفلسطينية، فإن المقصود هو بعض مناطق المثلث الشمالي أو الجنوبي، وخاصة مدينة أم الفحم.
وتضمنت بعض أفكار ضم الأراضي عدم مصادرة كافة حقوق الفلسطينيين بالمثلث، لكن في المقابل عدم إمكانية تغيير أماكن سكناهم إلى أي مكان آخر خارج المثلث وداخل الخط الأخضر.
وتعد أراضي المثلث من أهم المناطق المستهدفة بالمصادرة والاستيطان والتهويد داخل الخط الأخضر منذ احتلال المنطقة عام 1948 نظرا للكثافة السكانية العالية فيها تحت أسماء مختلفة أبرزها "تطوير المناطق" التي يرى فيها السكان الفلسطينيون تهويدا.
وتعد مستوطنة حريش المتشعبة أبرز مشاريع الاستيطان بالمنطقة حيث يتم إعدادها منذ سنوات لتستوعب أكثر من 150 ألفا من اليهود المتزمتين، وتشجيع اليهود على التمركز بالمنطقة ذات الأغلبية العربية.
وفي عام 2017، تجددت الدعوات إلى التخلص من العرب في منطقة المثلث، حيث عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، خلال محادثاته مع مبعوثي الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، مشروعا لتبادل الأراضي، يجري بموجبه ضم كتلة استيطانية كبيرة إلى دولة الاحتلال، مقابل منح البلدات العربية الموجودة، حاليا، في فلسطين 1948، إلى الدولة الفلسطينية الموعودة.
ويرى فيه فلسطينيون دعوة صريحة لارتكاب جريمة حرب بمقاييس رهيبة، لأنه يعني ترحيل مئات ألوف السكان بشكل قسري من جهة، وإعطاء شرعية للمستوطنات التي تعتبر هي أيضا جرما في نظر القانون الدولي، من جهة أخرى. ومن يطرح مثل هذه البرامج، مكانه في قفص الاتهام في لاهاي. وتشكل فكرة نقل وإعادة قرى وبلدات فلسطينية من المثلث داخل أراضي 48 إلى السلطة الفلسطينية، التي ظهرت في الصفحة 13 من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعلنة لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن"، دليلا على عمق الدور الإسرائيلي في وضع الخطة وبنائها، بما يخدم أيضا الفكر الصهيوني العنصري، القائم حتى اليوم على الفكرة الأصلية بـ"الاستيلاء على كل أرض خالية ممكنة، والتخلّي عن الأراضي المسكونة أو المأهولة بالسكان، والتخلص من عبء ديمغرافي داخل دولة الاحتلال".
وتعد هذه القرى التي يطلق عليها مناطق المثلث، مصدر قلق ديموغرافي للمؤسسة الإسرائيلية، بسبب زيادة عدد سكانها بشكل مضطرد في السنوات الماضية، حيث تتوقع أوساط إسرائيلية أن يصلوا خلال السنوات الخمس القادمة إلى 500 ألف، ما قد يتسبب في إحداث خلل ديموغرافي لصالح العرب على حساب اليهود.
طرح فكرة التخلص من منطقة المثلث هو تحقيق لنظرية الترانسفير التي طرحها المتطرف رحفعام زئيفي قبل ثلاثين عاما لتفريغ فلسطين التاريخية من العرب والاستيلاء على الأرض الفلسطينية كاملة.
ولا يخفي سكان المثلث مخاوفهم من عملية تهجير قسري للسكان، شبيهة بمجزرة كفر قاسم عام 1956، حينما عزلت العصابات الصهيونية القرية تمهيدا للسيطرة على الأرض، وترحيل سكانها.
المصادر
ـ ناهد درباس، اقتراح ضم مدن وقرى المثلث للدولة الفلسطينية ستارا لفكر التطهير العرقي، العربي الجديد، 29/1/2020.
ـ نظير مجلي، "نتنياهو يعرض تسليم المثلث للفلسطينيين مقابل ضم مستوطنات بيت لحم لإسرائيل". جريدة الشرق الأوسط. 2017 ـ 06 ـ 24.
ـ عوض الرجوب، الجزيرة نت، منطقة المثلث بين الاستيطان والتبادل، 31/5/2011.
ـ عدنا أبو عامر، نتنياهو استغلال صفقة القرن للتخلص من جزء من فلسطينيي 48، عربي بوست، 2/2/2020.
نعمة سليمان الصباغ.. معلم الأجيال وشاعر الناصرة الأول
"غزة هاشم بوابة الشام".. لحفظ الموروث الحضاري الفلسطيني
اليرغول من رموز إرث فلسطين وهويتها