قضايا وآراء

الدب الروسي والأخطبوط الأمريكي بين استعراض القوة ودق طبول الحرب

1300x600
عيون العالم شاخصة باتجاه الحدود الأوكرانية الروسية، لقراءة المشهد الحالي، والتنبؤ بآثاره السياسية والاقتصادية.

ونتناول بعض الأسئلة الهامة على النحو التالي:

أولا: ما أهداف روسيا؟

ثانيا: هل حققت أهدافها؟

ثالثا: ما الأهداف الأمريكية؟

رابعا: هل حققت أهدافها؟

خامسا: هل ستندلع الحرب؟ وهل تكون محدودة أم عالمية؟

سادسا: من الخاسر الآن وبعد نشوب الحرب؟

سابعا: ما هي الآثار السياسية للحرب دوليا؟

ثامنا: ما هي الآثار الاقتصادية للحرب دوليا؟

تاسعا: ما هي الآثار على المنطقة العربية؟

والإجابة كالآتي:

أولا: أهداف روسيا على ثلاثة مستويات:

1- على المستوى الداخلي:

- رغبة بوتين في تقديم روسيا على أنها قوة عظمى.

- النظام الديمقراطي في أوكرانيا قد يصيب الروس بعدوى الديمقراطية، مما يهدد نظامهم الاستبدادي.

2- مستوى الصراع الروسي الأوكراني:

- تأكيد سيطرتها على شبة جزيرة القرم، ودفع أوكرانيا للتخلي عنها.

- دفع أوكرانيا لقبول الحكم الذاتي لمنطقة دونباس، لصالح الانفصاليين.

- منع أوكرانيا من الانضمام لحلف الناتو، وجعلها دولة محايدة.

3- مستوى التنافس الروسي الغربي:

- الحصول على تعهد غربي، بعدم ضم كل من أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا لحلف الناتو.

- الحصول على تعهد بانسحاب حلف الناتو من دول المواجهة (بولندا ورومانيا وبلغاريا).

- إعادة الاعتبار لروسيا، وترسيخ نفوذها الأوروبي، وتقديمها على أنها دولة أوروبية محورية.

- إعادة تصميم البنية الأمنية الأوروبية، لصالح روسيا.

- تغيير قواعد اللعبة وقواعد الاشتباك المفروضة على روسيا.

- توجيه رسالة لدول الاتحاد السوفييتي السابق بأن روسيا دولة عظمى.

ثانيا: هل حققت أهدافها؟

حققت بعض أهدافها المرحلية، ولا سيما تغيير قواعد اللعبة والاشتباك، والتحرك في مواجهة الناتو.

ثالثا: أهداف أمريكا:

- ترهيب الدول الأوروبية وتوسيع الهوة بينها وبين روسيا.

- جعل روسيا تهديدا دوليا لدى أوروبا.

- إشغال روسيا بأزمة مع أوروبا، ومضاعفة العقوبات عليها، لعرقلة حليفة الصين.

- جر روسيا إلى حروب، فتعزل، وتحتاج أوروبا لأمريكا.

رابعا: هل حققت أهدافها؟

حققت الكثير من الأهداف، بجعل أوروبا الشرقية تشعر بالتهديد، وتحشد عسكريا في مواجهة روسيا، وتدعم أوكرانيا.

خامسا: هل ستندلع الحرب؟ وهل ستكون محدودة أم عالمية؟

1- الحشد العسكري واللوجستي (150 ألف جندي تقريبا، أو نصف الجيش الروسي)، وتمركز القوات، وإمداداتها، ونوعية الأسلحة، والتوقيت، كل ذلك ينبئ بالاستعداد لغزو وشيك.

2- رد فعل أوكرانيا، وحلف الناتو، والدعم اللا محدود لأوكرانيا، والتسريبات الأمريكية الاستخباراتية، تؤكد احتمالية نشوب الحرب.

ولكن بالنظر للروس والأوكرانيين فليس في مصلحتهما نشوب الحرب؛ لأن روسيا سواء انتصرت أو انهزمت، فسوف تخسر كثيرا داخليا ودوليا، فهي دولة متوسطة القوة (بحسب الحسابات العلمية)، وخوض حرب عالمية في مواجهة الغرب يعتبر فخا أمريكيا.

ولو انتصرت أوكرانيا أو انهزمت ستكون خاسرة، لخوضها حربا طويلة في مواجهة عدو قوي.

3- لكن هل يمكن توريط الروس في شن حرب؟

4- وإذا نشبت الحرب ستكون محدودة، لأنه لا مصلحة لأحد في نشوب حرب عالمية.

سادسا: من الخاسر الآن؟ وبعد نشوب الحرب؟

1- الخاسر الآن فقط هي أوكرانيا، أما الروس والأمريكان فلا.

2- وإذا نشبت الحرب، سيكون الخاسر روسيا وأكرانيا معا، أيا كانت نتيجة الحرب، والرابح أمريكا فقط.

سابعا: الآثار السياسية للحرب دوليا:

إذا نشبت الحرب، ستكون هناك آثار على مستوى العلاقات الدولية منها:

1- سيبرز النظام الدولي الجديد الذي بشرنا به من قبل، وهو نظام التكتلات المتعددة، وهي التكتل الروسي الصيني، والتكتل الأمريكي البريطاني، والتكتل الأوروبي.

2- ستكون هناك صراعات بين كتلتين على فكرة الديمقراطية: كتل تحقق الديمقراطية داخليا، وهي الكتلة الأمريكية البريطانية والأسترالية، والكتلة الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا)، في مواجهة الكتلة الاستبدادية داخليا، وهي روسيا والصين وحلفاؤهما (وإن كانت كل هذه الكتل تدعم الأنظمة المستبدة بحسب مصالحها، خارج حدودها).

وهناك كتلة الدول الإقليمية الصاعدة (مثل تركيا وباكستان وإندونيسيا وماليزيا) وهذه ستلعب على تناقضات مصالح الكتل السابقة.

وسيشهد العالم تغيرات في العلاقات الدولية، ولا سيما في قارتي آسيا وأوروبا، مع تأثر باقي الدول.

ثامنا: الآثار الاقتصادية للحرب دوليا:

ونذكر منها:

- نقص إمدادات القمح، وارتفاع أسعاره، فستتأثر الدول المستوردة للقمح من أوكرانيا وروسيا، مثل اليمن ولبنان ومصر وليبيا.

- نقص إمدادات البترول والغاز، وارتفاع أسعاره، خاصة بالنسبة لدول أوروبا.

وعليه فالتغييرات في إمدادات وأسعار البترول، والغاز، والقمح، ستكون له تأثيراتها الدولية.

تاسعا: الآثار على المنطقة العربية:

إذا نشبت الحرب، سوف تتأثر الأزمات التي يلعب فيها الروس دورا رئيسيا، بسبب امتداد الضغوط الغربية لإخراج الروس وفاغنر، أو إضعاف تأثيرهم، في سوريا ولبنان وليبيا واليمن والسودان وإيران والعراق.

وفي الختام:

نرى أن استعدادات الحرب من قبل روسيا قد تمت، كما أن استعدادات الدفاع من أوكرانيا وحلفائها قد استكملت، ولكن قرار الحرب صعب، ومسؤولية بدء الحرب كبيرة، لأن تكاليفها على أطرافها كارثية، فصاحب المصلحة الوحيد من الحرب هي أمريكا.