سياسة عربية

فلسطين في 2022.. جمود سياسي وانتفاضة عاصفة مرتقبة

رجح مختصون إمكانية حدوث انتفاضة واسعة بسبب تواصل الانتهاكات الإسرائيلية- جيتي

تحدث مختصون، عن توقعاتهم للسيناريوهات المحتملة لمستقبل القضية الفلسطينية في العام الجديد 2022، على المستويين الداخلي والخارجي. 
 
وتمر القضية الفلسطينية في مرحلة صعبة ودقيقة، حيث تواصل دول عربية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتصاعد فيه عمليات الاستيطان والتهويد.

 

هذه المعطيات تأتي أيضا وسط أزمة فلسطينية-فلسطينية، إذ لا تزال الانتخابات قيد التأجيل، إضافة إلى توقف المفاوضات السياسية بين السلطة والاحتلال. 
 
تدهور الوضع الأمني


وفي قراءته وتوقعاته لسيناريوهات مستقبل القضية الفلسطينية خلال 2022، رجح رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض، "عدم وجود تقدم على المستوى السياسية"، مضيفا: "كما لا نتوقع أن تكون هناك انطلاقة قوية، ومن الممكن أن تتدهور الأمور في حالة مماطلة الإدارة الأمريكية في تنفيذ وعودها، وتعميق السياسات الاحتلالية الاستيطانية وصمت العالم العربي، بالتزامن مع زيادة حجم التطبيع". 
 
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ربما نشهد تدهورا على المستوى الأمني بسبب الاحتلال، يدفع الشعب الفلسطيني إلى اتخاذ خيارات أخرى مختلفة، لأن الاحتلال وعبر أدواته المختلفة، يسعى لفرض صفقة القرن دون أن يسميها"، منوها إلى أن "الاحتلال يسعى إلى السيطرة على مناطق "ج" وحشر الفلسطينيين في مناطق "أ" و "ب"، دون الدخول في تسوية سلمية، ولهذا السبب فإن من الممكن أن يكون هناك تعميق لحالة الاشتباك مع الاحتلال واندلاع انتفاضة، في ظل غياب أي تسوية سياسية أو فتح أفق للشعب الفلسطيني". 
 
وأوضح عوض، أنه "من الممكن أن يكون هناك أشكال أخرى للانتفاضة الفلسطينية المتوقعة تختلف عن سابقتها، لأن الإجراءات الإسرائيلية غير مسبوقة في قمع الشعب الفلسطيني والسيطرة على ثرواتهم وحياتهم ومدنهم وقراهم"، مؤكدا أن "الظروف مهيأة جدا لاندلاع أشكال متعددة من الانتفاضة". 
 
وأما على مستوى المصالحة الفلسطينية وقطاع غزة المحاصر، فرأى أن "المصالحة بعيدة على الأقل في المستوى القريب؛ فالواقع لم يتغير والفروق تزداد بين السلطة (فتح) وحماس". 
 
ونوه إلى أن "الأمور أيضا في غزة مرشحة للتصعيد واندلاع مواجهات (مع الاحتلال) لأن كل القضايا التي جرى الحديث عنها قبل سبعة أشهر لم تتحقق (بعد العدوان)، لا إعمار ولا فك حصار ولا إطلاق سراح أسرى، ولا هدوء حتى ولا تفاهمات، وبالتالي فإن من المتوقع أن يشهد 2022 توترات على مستوى غزة لترتيب الأوضاع، لأن هبة "سيف القدس" لم تحسم الأمر، ومن الممكن جدا أن يكون هناك اشتباك آخر لحسم الأمور باتجاهات مختلفة". 
 
وبشأن القدس والمسجد الأقصى والداخل الفلسطيني المحتل، أكد رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية، أن "الاحتلال سيزيد من قبضته الحديدية على الجميع؛ القدس والأقصى وأهلنا في الـ48، لأن إسرائيل بحكومتها وأحزابها وجمهورها الحالي، يتجهون نحو التصعيد والتطرف واليمينية والحاخامية التوراتية، وهي في ذات الوقت لا تتجه نحو التسوية". 
 
وختم قراءته بقوله: "هذا حساب العقل، لكن من الممكن أن تحدث مفاجآت، مع التأكيد أن الشر والظلم لا يدومان ولا ينتصران، لذا فقد تكون 2022 سنة مختلفة". 

 

اقرأ أيضا: صعوبات تواجه الاحتلال للتعامل مع المواجهة القادمة بغزة
 

توافق عربي بعيد المنال


من جانبه، أوضح المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أنه "في ظل الواقع الفلسطيني الحالي، وبالنظر إلى البيئة العربية والدولية الحالية، يوجد على المستوى العربي انشغال كبير عن تقديم أدنى الدعم للملف الفلسطيني، بسبب الأزمات السياسية التي تعصف بالدول العربية، أو العلاقات العربية البينية المتوترة في كثير من المواقع، ما يجعل حالة الانسجام والتوافق العربي لدعم القضية أمرا بعيد المنال". 
 
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أما على المستوى الدولي، فالأزمات الدولية المتصاعدة - كورونا والطاقة وأزمة الملف الايراني وأوكرانيا.. - تجعل الملف الفلسطيني في ذيل الاهتمامات الدولية"، منوها إلى أنه "في ظل هذا الواقع توجد في إسرائيل حكومة هشة تبحث زعاماتها عن فضاءات لتعزيز مكانتها في الشارع الإسرائيلي، مع غياب قوة ضغط دولي أو إقليمي وتفكك الجبهة الداخلية الفلسطينية". 
 
وذكر أبو عامر، أن "الزعامات الإسرائيلية تجد في الساحة الفلسطينية، ساحة عمل مفتوحة تغيب فبها القيود والضغوط وتقل فبها الحسابات، لذلك فإن هؤلاء يجدون فرصتهم لتلبية رغبات الجمهور الإسرائيلي في تحقيق مكاسب لصالح التوجهات الأكثر انتشارا ويمينية ويتم ذلك عبر توسع وتشعب الاستيطان، وتعزيز البؤر الاستيطانية في الضفة والقدس، وعدم التصادم مع العصابات الاستيطانية التي زادت من عدوانها على الشعب الفلسطيني". 
 
ورجح أن "تتصاعد المقاومة الشعبية وربما العمليات المختلفة التي يقوم بها الشباب الفلسطيني من أجل مواجهة عربدة المستوطنين وجنود جيش الاحتلال"، معتبرا أن "غياب أي أفق سياسي حيال إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس، سيغذي الغضب الشعبي الفلسطيني". 
 
ورأى المختص، أن "هذا الواقع، كان له انعكاس في الوعي الجمعي لدى الشعب الفلسطيني، بأن فكرة الحل السياسي لم تعد قائمة ولا خيار أمام الشعب إلا المقاومة بكل أشكالها، وبالتالي فإننا مع ملاحظة منحنيات الصعود والهبوط في فعل المقاومة في الضفة، نؤكد أن العام القادم سيشهد تصاعدا أكبر في العمل المقاوم؛ سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، وقد يسهم هذا الوصع الشعبي في تعزيز نفوذ قدرة الفصائل المقاومة، على أن توسع من حضورها في الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة رغم تواصل التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال". 
 
وقال: "هذا الواقع سيضع السلطة في أزمة بين مبررات وجودها السياسية وبين حاجات وجودها المادي التي يتحكم بها الاحتلال، وبالتالي فإنه بالرغم من جهود دعم السلطة؛ الدولية والإسرائيلية، فستواجه السلطة تحديدات خطيرة في المرحلة القادمة، من أخطرها التوافق على خليفة لرئيس السلطة محمود عباس، وإمكانية تفكك السلطة بسبب النزاعات الداخلية". 
 
وبالنسبة لقطاع غزة المحاصر، فقال إنه "من غير الواضح إلى أي مدى سينجح الوسيط المصري في إنجاز المصالحة الفلسطينية الداخلية بين حماس وفتح، وأيضا التوصل لصفقة تبادل بين حماس والجانب الإسرائيلي"، بحسب أبو عامر. وأضاف أن "هذا بعني غياب إمكانية التوصل لصفقة لتبادل للأسرى، وهذا الغياب، سيكون له تداعيات سلبية على فرص تخفيف الحصار بشكل واضح على القطاع، ولكن ربما التخفيف يكون بصوة نسبية ومحسوبة لمنع تفجر الوضع الأمني في قطاع غزة". 
 
وأكد المختص في الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، أنه "في حال استمرت المعطيات الحالية، فإن فرص إحداث انزياحات مهمة في المشهد الفلسطيني، ستكون محدودة مع فرص اندلاع مواجهات عسكرية محدودة". 

 

اقرأ أيضاالاحتلال يرضخ للمقاومة بإخلاء مستوطنة خوفا من تصعيدها
 

صراع على السلطة


أما الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، فأوضح أن "مستقبل القضية الفلسطينية في 2022 لن يكون أفضل حالا من السنوات الماضية، بسبب استمرار حالة الانقسام والصراع على السلطة بين حركتي فتح وحماس، الذي يحول دون الوصول لمصالحة حقيقية تنهي حالة الانقسام وتعيد توحيد مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني". 
 
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن القضية الفلسطينية وبلا شك، تمر بأصعب فتراتها نتيجة العديد من العوامل والأسباب الداخلية الفلسطينية والإقليمية والدولية، خاصة عقب التحولات التي ضربت الموقف العربي بعد فك بعض الدول العربية ارتباط علاقتها مع إسرائيل بجهود التسوية، والتحولات الاستراتيجية التي ضربت الموقف الأمريكي الذي عبرت عنه إدارة دونالد ترامب عبر ما يعرف بـ"صفقة القرن" التي تخلت فيها تماما عن مبدأ حل الدولتين، وأيضا في ضوء استمرار حالة العجز التي تعبر عنها إدارة جو بايدن الحالية، ناهيك عن  حالة التشظي والانقسام التي تضرب الحالة الفلسطينية في ظل استمرار حالة الانقسام". 
 
وقال أبو كريم: "في ضوء هذه الصعوبات والتحديات وضبابية الموقف الأمريكي والتحولات التي أصابت البيئة العربية وحالة الصراع الإقليمي، لا أرى أي أفق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل سوف تعمل إسرائيل مستغلة حالة السيولة في الموقف العربي على تثبيت حقائق جديدة على الأرض عبر الاستيطان والتهويد، بما يفضي لتدمير مسار التسوية بصورة كلية وانتهاء كامل لمسار حل الدولتين". 
 
وأما على المستوى الفلسطيني، "فمن المنتظر أن يستمر الصراع على السلطة بين حركتي فتح وحماس، بما يفضي لتعزيز حالة الفصل، الأمر الذي سيزيد من تحديات الوضع الاقتصادي والاجتماعي". 
 
و على مستوى العلاقة مع الاحتلال، استبعد الباحث "إمكانية حدوث أي تطورات سياسية أو عسكرية خاصة في ضوء استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة، لكننا قد نشهد جولات تصعيد محدودة؛ الهدف منها الحصول على مزيد من التسهيلات الاقتصادية تجاه غزة". 
 
ورأى أبو كريم أنه على المستوى السياسي وجهود التسوية "لا وجود لأي إمكانية للعودة لطاولة المفاوضات من جديد، خاصة في ضوء استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت في رئاسة الحكومة، إلا إذا استخدمت الولايات المتحدة قوتها للضغط على حكومة خصوم بنيامين نتنياهو، وهذا أمر غير وارد في المنظور القريب". 
 
وخلص أبو كريم، إلى أن "حالة اللاحرب واللاسلم، يمكن أن تحكم الأوضاع في مجمل الأراضي الفلسطينية مع إمكانية حدوث جولات تصعيد محدودة؛ شعبية وعسكرية، سواء على جبهة غزة أو بالضفة الغربية مرتبطة أساسا بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن الأفق السياسي".