نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لرئيس مكتبها في
القدس، ستيف هندريكس، قال فيه إن المستوطنين الإسرائيليين زادوا بشكل كبير من هجماتهم
على الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفعت الحوادث العنيفة
بنحو 150% في العامين الماضيين، وفقا للبيانات التي قدمها الجيش الإسرائيلي في اجتماع
وزارة الدفاع هذا الشهر.
ووجدت
وكالة تابعة للأمم المتحدة بشكل منفصل أن 115 فلسطينيا تعرضوا للضرب أو للهجوم من قبل
المستوطنين منذ بداية العام، مما أسفر عن مقتل أربعة. كما تم توثيق أكثر من 300 حادثة
تدمير للممتلكات الفلسطينية خلال نفس الفترة، بما في ذلك قطع أشجار الزيتون وحرقها
خلال موسم قطف الزيتون في الخريف.
ودفعت
موجة الضرب والحرق العمد والتخريب ورشق الحجارة - معظمها في الأماكن التي تقع فيها
المزارع والبساتين الفلسطينية بجوار المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي التي
احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 - بعض قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل إلى الدعوة
إلى وضع حد لعنف المستوطنين.
وعقد
وزير الدفاع بيني غانتس اجتماعا للمسؤولين الأمنيين في وقت سابق من هذا الشهر وقال
إن الجيش سيصدر أوامر جديدة ضد "الوقوف مكتوف الأيدي"، ويوجه الجنود لبذل
المزيد لمنع الحوادث وحماية الفلسطينيين، وفقا لتقارير إعلامية. وقال غانتس في بيان
بعد الاجتماع: "جرائم الكراهية هي الأصل الذي ينمي الإرهاب وعلينا استئصالها".
والجيش
الإسرائيلي هو المسؤول عن الأمن في مناطق الضفة الغربية المحتلة حيث توجد المستوطنات،
لكن مقاطع الفيديو التي جمعتها منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية تظهر أن الجنود لا
يفعلون الكثير للتدخل أثناء الأحداث. وتقول الجماعات إن الجنود من المرجح أن يحتجزوا
الفلسطينيين أكثر من المستوطنين، وفي بعض الحالات ساعدوا في الهجمات. لكن في حالات
أخرى اشتبك المستوطنون مع جنود إسرائيليين.
من جهتهم،
احتج المستوطنون على أن الشكاوى تتجاهل العنف والتخريب الذي يمارسه الفلسطينيون في
الضفة الغربية وإسرائيل. وتتراوح تلك الحوادث من إتلاف إطارات السيارات وإلقاء حجارة
على مركبات وطعن وهجمات دهس ضد جنود إسرائيليين.
ويقول المدافعون عن حقوق الانسان ان الحوادث التي
يرتكبها الفلسطينيون تتم ملاحقتها قضائيا بقوة بينما يمر عنف المستوطنين عادة دون عقاب.
ويوم
الأربعاء، سلم قادة الأمن الإسرائيلي - مجموعة من أكثر من 300 من مسؤولي الجيش والأمن
والاستخبارات الإسرائيليين المتقاعدين - رسالة إلى أعضاء الكنيست، البرلمان الإسرائيلي،
استنكروا فيها عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين باعتباره تهديدا لسيادة القانون ودولة
إسرائيل ومكانتها الدولية. وقالوا إن "مجموعات من المستوطنين ترتكب أعمال عنف
مميتة ضد الفلسطينيين - معظمهم من القرويين الذين لا حول لهم ولا قوة - في المناطق
الخاضعة لسيطرتنا.. هذا غير مقبول تماما من منظور أخلاقي وإنساني، ويتعارض مع القيم
اليهودية لإسرائيل".
وفي
مشهد واحد من المواجهات العنيفة في وقت سابق من هذا العام، كان سعيد عوض يحاول مؤخرا
نزع صخرة من الأرض الجافة حيث كان يأمل أن يزرع شجرة زيتون. أثناء عمله، كان هناك جمهور
يتفرج.
ومجموعة
من الجنود الإسرائيليين كانت تراقب من تلة على يساره، متمركزة عند مدخل بؤرة استيطانية
يهودية خارج مدينة الخليل بالضفة الغربية. إلى يمينه، كانت مجموعة من الناشطين الإسرائيليين
اليهود من التلال المقابلة تراقبه، وهم على استعداد لتقديم المساعدة لعوض عند ظهور
أي علامة على وجود مشكلة.
أراح
المزارع الفلسطيني معوله وهز رأسه. قال: "أريد فقط أن أقوم بعملي".
لم يكن
هناك جنود أو ناشطون في آذار/ مارس عندما وصل عوض ليجد قطيعا غريبا من الماعز يرعى
على نباتات الشعير. صرخ لمطاردتهم، لكن الرجال الذين عرّفهم على أنهم مستوطنون من مستوطنة
متسبيه يائير، وهو حي من مستوطنة سوسيا القريبة، بدأوا في رشق الحجارة. وسرعان ما انضم
إليهم المزيد من الرجال المقنعين، وضربه بعضهم بقضيب حديدي، مما أدى إلى فقدانه الوعي
وكسر فكه، بحسب تقرير للشرطة الإسرائيلية.
وقالت
الشرطة إنها راجعت مقطع فيديو للحادث لكنها لم تتمكن من التعرف على أي مشتبه بهم من
بين المهاجمين الملثمين ولم يتم إلقاء القبض عليهم. وأغلقوا الملف في وقت سابق من هذا
الشهر.
لذلك،
في أحد أيام السبت الأخيرة، استقل حوالي 12 ناشطا إسرائيليا من مجموعة التعايش شاحنة
صغيرة في القدس لمدة ساعة بالسيارة إلى حقل عوض على أمل أن يؤدي وجودهم إلى ردع هجمات
المستوطنين، أو على الأقل حث الجنود على التدخل إذا كانوا موجودين. منذ الهجوم على
عوض في آذار/ مارس، يتمركز جنود عند بوابة سوسيا.
وبينما
كان بعض المستوطنين يتجولون، لم يقترب أحد من عوض وهو يزيل الصخور من الحقل. ومع ذلك،
فهو يعلم من التجربة أن بعض الحجارة التي يبنيها بدقة سيجدها متناثرة في زيارته التالية.
وقال عساف شارون، أستاذ الفلسفة في جامعة تل أبيب، الذي قال إنه يأتي إلى المنطقة كشاهد
ومرافق وعامِل زراعة في بعض الأحيان منذ ما يقرب من 20 عاما: "إنه [عوض] يحدد
أراضيه حتى لا يستولوا على أرضه تماما".
وقال
شمايا بيركوفيتش، الناطق باسم مستوطنة سوسيا، إنه لم يكن على دراية بالهجوم على عوض
ولا يمكنه التعليق عليه. بشكل عام، ألقى باللوم على الناشطين اليهود لإثارة التوترات
بين المستوطنين والفلسطينيين في المنطقة. ووصف مجموعات مثل "تعايش" بأنها
"منظمات فوضوية" ممولة من أوروبا وتثير الاشتباكات حتى يتمكنوا من تصويرها
واستغلالها عبر الإنترنت من أجل المال. وقال إن هدفهم النهائي هو تقويض المطالبات الإسرائيلية
بالضفة الغربية.
قال
بيركوفيتز: "نحن نواجه معركة لتقويض شرعية دولة إسرائيل.. يحاول الناس هنا تربية
أطفالهم في سلام. إنهم لا يستيقظون ويفكرون، 'كيف سنضرب اليوم عربيا؟'"
لم ينضم
الجميع في ائتلاف رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي يشمل الكثير من الطيف السياسي في
إسرائيل، إلى إدانة عنف المستوطنين. ورفض العديد حضور مؤتمر برلماني حول هذه القضية
يوم الاثنين، مما أدى إلى شكاوى من شركائهم ذوي الميول اليسارية.
ونقلت
صحيفة "هآرتس" عن وزير الصحة نيتسان هورويتز الذي يتزعم حزب ميرتس اليساري
قوله: "إن صمتهم وعدم اهتمامهم هو بمثابة تأييد وتشجيع لاستمرار العنف".
وفي
نفس الوقت، أعرب نواب المعارضة عن غضبهم من أن المسؤولين الحكوميين يلومون المستوطنين
الإسرائيليين، مؤكدين أن العنف الفلسطيني ضد الإسرائيليين هو المشكلة الأكثر خطورة.
عطل
إيتامار بن غفير، رئيس الحزب الصهيوني اليميني المتطرف، المؤتمر بالإشارة إلى أن مسلحا
فلسطينيا قتل مرشدا يهوديا في اليوم السابق في البلدة القديمة بالقدس. وصرخ قبل أن
يتم إخراجه من القاعة: "قتل رجل أمس وأنتم تعقدون مؤتمرا حول عنف المستوطنين،
هل أنتم أغبياء؟" ، بحسب رواية في جيروزاليم بوست.
واستبعدت
جماعات حقوق الإنسان اليهودية احتمال أن يكون لاهتمام الحكومة بالعنف أي تأثير دائم.
ويقولون
إن عنف المستوطنين هو جزء من استراتيجية شاملة لتوسيع الوجود الإسرائيلي في الأراضي
الفلسطينية من خلال جعل الحياة صعبة على أولئك الذين عاشوا هناك لأجيال. وتقول هذه
الجماعات إن هذا النهج الذي أقرته الحكومة يشمل تخصيص مساحات من الأراضي كمناطق تدريب
عسكرية، ورفض تصاريح البناء للفلسطينيين بشكل روتيني وهدم مبانيهم غير المعتمدة، وتقييد وصول الفلسطينيين
إلى شبكات المياه والكهرباء.
وقال
حجاي العاد، رئيس منظمة بتسيلم الإسرائيلية: "هذا العنف ليس عشوائيا، إنه يخدم
مصلحة إسرائيل.. أعذرني على عدم تحمسي لفكرة أن وزير الدفاع مستعد لعقد اجتماع".
إقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: الجيش يمنح غطاء للمستوطنين لمهاجمة الفلسطينيين
FP: خطة إسرائيلية لغسل عقول السياح الإماراتيين
السلطة وفصائل فلسطينية ترفض قرار بريطانيا ضد "حماس"
السلطة ترحب بقرار حق فلسطين في استغلال مواردها الطبيعية