قال زعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي إن تونس بحاجة إلى نظام انتخابي جديد للمحافظة على الديمقراطية، مشيرا إلى أن التونسيين يحتاجون إلى أكثر من عقد من الزمان للتخلص من آثار وأضرار الديكتاتورية.
وأضاف
رئيس البرلمان التونسي في مقابلة مع موقع "ميدل إيست آي" أنه ينبغي عدم إنكار
التغيير الذي أحدثته الثورة، إلا أن الأمر سيستغرق أكثر من عقد لإزالة الأضرار التي
سببتها سنوات من الديكتاتورية، إلى جانب ضرورة الاعتماد على مبدأي الثقة والتسوية للمضي
قدما.
وأكد
الغنوشي أن البلاد تغلبت على العديد من العقبات، وأعرب عن تفاؤله بشأن الديمقراطية
التونسيّة.
وأضاف:
"لا أحد يستطيع أن يقول إن الديمقراطية لم تحقق تغييرا حقيقيا لشعبنا. فبرلماننا
يتكون من 29 بالمئة من النساء، وقد وافقنا على الدستور وقمنا بتمكين السلطات المحلية
في سعينا لتحقيق اللامركزية".
وكشف
أنه في إطار الميزانية الأخيرة الخاصّة بعهد بن علي، "خُصّصت 82 بالمئة من الأموال
لفائدة المدن الساحلية. في المقابل، مثّلت إعادة تركيز الاستثمار في توليد الفرص في
كل مكان من البلاد التونسيّة أولوية قصوى خلال الفترة الديمقراطية".
فاز
حزب حركة النهضة، الذي تأسس سنة 1981 والذي كان نشاطه ممنوعا خلال فترة حكم بن علي،
في أول انتخابات حرة في تونس سنة 2011، أي بعد تسعة أشهر من الإطاحة بالديكتاتور، ومنذ
ذلك الحين، ظلّ هذا الحزب في السلطة بشكل شبه مستمر.
لكن
الشعور بالإحباط يتزايد إزاء الفوضى التي أحدثها القادة السياسيون منذ سنة 2011، مع
إفلاس الشركات الحكومية عمليا وتجاوز معدل البطالة بين الشباب نسبة 35 بالمئة.
وحول
التظاهرات الأخيرة التي شهدتها بعض المناطق في تونس وشابها العنف، قال الغنوشي: "الناس
محقون في الاحتجاج لأن توقعاتهم كانت عالية والتقدم الاقتصادي كان أبطأ مما كانوا يعتقدون،
ثم تفاقم الوضع بسبب جائحة كوفيد -19". لكنه أضاف أنه يجب التمييز بين المواطنين
الذين يتظاهرون بشكل سلمي من أجل المطالبة بحقوقهم والمواطنين "المتواجدين بالأساس
لإلحاق الضرر بالشوارع".
وأضاف:
"عملنا خلال السنوات القليلة الأولى على تكريس الحريات التي ناضل الناس من أجلها
في أحد أكثر الدساتير تقدمية في العالم العربي، لكن من الصعب تحقيق الكرامة لأن ذلك
يتطلّب تصحيح أخطاء ترتّبت عن 60 عاما من الديكتاتورية. لذلك اتخذنا خطواتنا الأولى،
وأنا متأكد من أنها ليست كافية وأن شبابنا ليس راضيا عن هذا الوضع ونحن نتفهم إحباطهم".
يعتقد
الغنوشي أن سر قصة نجاح تونس هو التوافق والتفاهم، ونظرا للدور الذي تضطلع به حركة
النهضة، قال إن حزبه سرعان ما أدرك الحاجة إلى العمل مع الآخرين لتحقيق التقدم.
"لذلك
كان دورنا يقوم على الشراكة، وهو دور له مصلحة قوية في إرساء الديمقراطية التونسية.
لطالما كنت صريحا بشأن حقيقة أن مصالح تونس تأتي قبل مصالح حزبنا"، يؤكد
الغنوشي.
ويضيف:
"هذه ليست مجرد كلمات، ففي مناسبات عديدة على امتداد السنوات العشر الماضية قدمنا
تنازلات لضمان التقدم في بعض الوضعيات، بما في ذلك التنحي عن الحكم في سنة 2014،
ليس لأننا خسرنا الانتخابات، وإنما من خلال الحوار الوطني".
وحول
قانون المصالحة المثير للجدل، يرى الغنوشي أن المصالحة الكاملة مع حكام النظام السابق أولوية رئيسية. وقد كلّف مؤخرا أحد قادة النظام السابق، محمد الغرياني، بمهمة المصالحة
الوطنية واستكمال ملف العدالة الانتقالية.
ويوضح:
"لقد عشنا التهميش، ولا نريد أن تتكرر هذه التجربة مع أي من القوى الحاكمة في
البلاد، أيا كان موضوع النقاش. وينبغي أن يكون الهدف النهائي للعدالة الانتقالية هو
الوصول إلى مصالحة وطنية حتى نتمكن من المضي قدما نحو المستقبل، غير مثقلين بأعباء
مشاكل الماضي".
ويعتقد
الغنوشي أن النظام الانتخابي المتبع منذ الانتخابات الأولى التي أجريت بعد الثورة أدى
إلى تفكك النظام السياسي وحال دون ظهور أغلبية ساحقة يمكنها أن تتحمل مسؤولياتها في
الحكم.
ويرى
أن السياسة القائمة على توافق الآراء لا تشكل أكبر قوة للديمقراطية التونسية فحسب،
بل إنها تمثل أيضا نقطة ضعفها الرئيسية.
ويشير
إلى أنه بتلك السياسة أبقت المفاوضات التي لا تنتهي الحكومات المتعاقبة في حالة من الجمود
شبه الدائم، مما أدى في نهاية المطاف إلى تقديم تنازلات غير مفهومة. ونتيجة لذلك، تتفكك
الأحزاب السياسية ويتحول الناخبون إلى قوى أكثر انتقادا ومناهضة للنظام.
ويخلص
الغنوشي إلى أن تونس بحاجة إلى إصلاح النظام الانتخابي "إذا كنا لا نريد أن تنهار
ديمقراطيتنا".
اقرأ أيضا: الغنوشي: أدعو لنظام برلماني كامل.. ودور الرئيس "رمزي"
الغنوشي: أدعو لنظام برلماني كامل.. ودور الرئيس "رمزي"
تجدد العنف بتونس.. المشيشي يحذر والغنوشي يدعو للتهدئة (صور)
الغنوشي يدين عنف نواب "الكرامة".. أنهوا تحالفهم مع النهضة