ما زالت الزيارة
التي قام بها وفد مصري إلى العاصمة الليبية طرابلس تلقى ردود فعل، وتفسيرات عدة حول
أهدافها ومستقبل العلاقة بين القاهرة وطرابلس، وسط تقارير تتحدث عن حالة امتعاض من
قبل دولة الإمارات تجاه هذا التفاهم الجديد، وأنه قد يضر بمصالحها مع حليفها العسكري
خليفة حفتر.
وذكرت تقارير، نقلا عما أسمته مصدر مصري مطلع، أن "الزيارة أتت على خلفية استياء القاهرة من تحرك
إماراتي لفرض حرب أهلية جديدة في ليبيا، وأن مصر تريد التركيز الآن على إقامة علاقات
سياسية مع الفاعلين السياسيين في غرب ليبيا؛ من أجل تعزيز قدرتها على استعادة دورها
كلاعب أساسي في إنهاء الصراع الليبي، وفق موقع "مدى مصر" الإخباري.
وفي حين لم يتحدث
أي بيان أو إعلام رسمي عن أي خلاف بين القاهرة وأبوظبي بسبب زيارة وفد من المخابرات
المصرية والخارجية إلى غرب ليبيا، إلا أن تعاطي بعض القنوات الفضائية التابعة لبعض
دول الخليج حاولت نشر عدة شائعات حول الزيارة، وهو ما نفته وزارة الخارجية في ليبيا.
ويتساءل
مراقبون: كيف ستتعامل الإمارات مع التقارب بين القاهرة وطرابلس؟
"حالة ترقب"
نائبة رئيس لجنة
الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي، ربيعة بوراص، قالت لـ"عربي21" إن
"الوقت مبكر على تأكيد أن مصر تخلت عن مشروع حفتر، ونحن ما زلنا في حالة ترقب
للأحداث السياسية المتسارعة، لكن هذا لا ينفي التعامل مع القاهرة بدبلوماسية في إطار
مصلحة المنطقة واستقرارها".
وأضافت في تصريحاتها
أنه "بخصوص تصرف دولة الإمارات تجاه هذا التعامل بين القاهرة وطرابلس، فهو أمر
لا نستطيع تقييمه؛ كونه يعتمد في الأساس على دولة مصر ومصداقيتها تجاه أزمة ليبيا والمنطقة
بأكملها، وكما ذكرت أن التعامل مع دولة جارة مثل مصر أمر طبيعي جدا، لكن هذا لا يعني
أننا وصلنا معها إلى مرحلة الاطمئنان فما زلنا في ترقب".
"خلافات"
الأكاديمي المصري
وأستاذ العلوم السياسية بجامعة "صقريا" التركية، خيري عمر، أكد أنه
"في ضوء العلاقات المصرية الإماراتية بخصوص الملف الليبي، لوحظت منذ فترة فروق بين التقديرين، وزادت هذه الفروق مع صعوبة تحقيق حفتر لنجاحات تذكر، وهناك ظروف موضوعية
تدفع مصر للتصرف بشكل مستقل لتقييم مصالحها في ليبيا".
وأوضح في تصريحات
لـ"عربي21" أنه "منذ فترة كان هناك رأي عام في مصر يؤيد الحل السياسي
في ليبيا، ويؤكد للسلطات هناك أنه الأفضل حتى للقاهرة ومصالحها، ومؤخرا زاد رصيد هذا
الرأي، ويبدو أنه تم قبوله واعتماده من الدولة، وهو ما ساهم أيضا في زيادة الاختلافات
بين أبوظبي والقاهرة"، وفق تقديراته.
وتابع:
"الإمارات ستحاول إعادة الوضع في ليبيا إلى ما كان عليه من ثنائيات وانقسامات،
لكن بمرور الوقت ستضعف هذه الفكرة، خاصة مع تراجع فرنسا عن دعم أي حروب جديدة، وكذلك
وجود توافق دولي على حل سياسي، والوصول إلى انتخابات وحكومة موحدة، أما الزيارة المصرية، فهي تمثل نهاية الجدل حول كيف تتصرف الدولة المصرية تجاه ليبيا".
"تغير الإدارة
الأمريكية"
من جانبه، رأى
عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، عبدالرزاق العرادي، أن "مصر دولة كبيرة، وتعلم
جيدا أبعاد التغيير في الإدارة الأمريكية من حالة الشعبوية إلى المؤسساتية، وما كان
مسموح به خلال حكم ترامب، وما هو مطلوب خلال حكم بايدن، ومصالح مصر في ليبيا كلها وفي
الغرب الليبي أكبر".
وأشار خلال تصريحات
لـ"عربي21"، إلى أن "الاقتصاد المصري يحتاج في المرحلة القادمة لقفزة
سيوفرها السوق الليبي، ورجوع العمالة المصرية سيكون مهما للبلدين، أما الإمارات فلن
يسعها إلا تغيير سياستها، وخفض سقف أحلامها، والبحث عن مصالحها بعيدا عن تسعير الحروب".
وأضاف:
"التقارب بين القاهرة وطرابلس مزعج لأطراف عديدة، لكنه مفيد الطرفين، بل وللأطراف
المنزعجة من هذا التقارب أيضا، فمثلا لن يسبب خسائر للإمارات، بل سيوقف الخسائر التي
تسببها لنفسها وللشعب الليبي".
"إفشال
مشروع حفتر"
الكاتب والمحلل
السياسي الليبي المقيم في أمريكا، محمد بويصير، أكد أن "التحرك المصري الآن جاء
لتغليب المصلحة المصرية، بعدما اتضح لها أن الإمارات تتحرك لتحقيق مصلحتها فقط، لذلك
فإن الجوار الليبي يصبح موضوعا مصريا بامتياز، ولا يقبل القسمة مع الإمارات".
ورأى أن
"الموقف المصري الجديد في ليبيا يجهض المشروع العسكري "الإمارات- حفتر"؛ لذا ستقف أبوظبي ضده، لكن تأثيرها لن يستطيع إفشال التحرك الذي يقف على حقائق الجغرافيا
والتاريخ ومصالح الشعب المصري، ومطلوب أن يكون هناك رد فعل إيجابي من طرابلس على هذا
التحرك والتغيير، ليؤكد للشارع المصري أن الخير هو دخول ليبيا من بابها"، كما صرح
لـ"عربي21".
اقرأ أيضا: شكري يجري اتصالا بوزير خارجية الوفاق ويؤكد دعم استقرار ليبيا
ماذا وراء توقيت زيارة وفد تركي عسكري كبير إلى ليبيا؟
ليبيا 2020.. تحشيد عسكري وتعثر التوصل إلى حل سياسي
عقد كامل على الربيع العربي.. هل يثور العرب مجددا؟